تشهد العاصمة العراقية ما بين السادس والعشرين والتاسع والعشرين من سبتمبر/ايلول الجاري حدثًا دوليًا وعربيًا وعراقيًا هامًا من خلال انعقاد المؤتمر السنوي لمركز الرافدين للحوار تحت عنوان: "العالم يتغير-2022".
ويشارك في هذا الحدث حوالي 300 شخصية دولية وسياسية واكاديمية وباحثون ومثقفون من 22 مركز ابحاث دولي ومن 33 دولة من مختلف انحاء العالم، بالاضافة الى 1000 شخصية عراقية، حيث سيناقش المشاركون الاوضاع الدولية والاقليمية والعربية والعراقية ، في ظل ما يشهده العالم من تطورات خطيرة ولا سيما منذ الحرب الروسية على اوكرانيا وانعكاساتها على الاوضاع العالمية.
كما يعيش العراق منذ حوالي السنة أزمة سياسية خطيرة بسبب تداعيات الانتخابات النيابية والفشل في تشكيل حكومة جديدة وزيادة الصراعات السياسية والحزبية وعودة المخاطر الامنية .
لكن رغم الواقع الخطير الذي يعيشه العراق اليوم فإن حرص مركز الرافدين للحوار على عقد مؤتمره السنوي في موعده ودعوة كل هذا العدد من الشخصيات الدولية والعربية والعراقية للقاء في بغداد ، يشكل رسالة ايجابية من العراق للعالم بقدرة الشعب العراقي على تجاوز ازماته والسعي للبحث عن حلول والمشاركة في التفكير في أزمات العالم اليوم والحلول المطلوبة .
وتجربة مركز الرافدين للحوار الذي انطلق من النجف الاشرف قبل سنوات عدة ليتحول الى احد اهم مراكز البحث والتفكير في العراق والعالم العربي تؤكد أهمية مراكز الدراسات والابحاث في المساهمة في تعزيز الحوارات الوطنية والاقليمية والدولية ، من هنا اهمية مشاركة عدد كبير من مراكز الدراسات والابحاث في هذا المؤتمر .
وفي العالم العربي العديد من مراكز الدراسات والابحاث التي ساهمت في مواكبة التطورات العربية والاقليمية والدولية ، واغنت المكتبة العربية والدولية بالاف الكتب والدراسات والابحاث الى جانب مراكز الدراسات الاقليمية والدولية.
ولا يمكن تعداد كل مراكز الدراسات العربية الهامة، لكن من المهم التوقف عند تجربة مركز دراسات الوحدة العربية والذي اسسه في بيروت المفكر العراقي الدكتور خير الدين حسيب الى جانب عشرات الباحثين العرب وقد لعب هذا المركز دورا مهما في اعادة البحث في الفكر القومي العربي وتطورات الواقع العربي واعداد مشروع النهضة العربية والحوار القومي- الديني ، والى جانبه نشأت في بيروت خلال العقود الماضية عشرات مراكز الدراسات والابحاث ودور النشر ووسائل الاعلام والتي أغنت الفكر العربي والمشهد العربي بالحوارات والنقاشات .
كما برز مركز الاهرام للدراسات وقد لعب دورا في اعادة التفكير بازمات الواقع العربي ولا سيما بعد نكسة العام 1967 وكان من اهم مراكز الدراسات العربية خلال السنوات الاخيرة، والى جانبه مكتبة الاسكندرية التي تحولت الى صرح علمي وحضاري .
وفي الامارات العربية المتحدة، العديد من مراكز الدراسات ومن ابرزها مركز الامارات للدراسات ومركز المسبار، وفي قطر مركز الجزيرة للدراسات والمركز العربي للابحاث ودراسة السياسات، كما برزت في السنوات الاخيرة مؤسسة الفكر العربي ومركز عبد الحميد شومان وغيرهم عشرات مراكز الدراسات والابحاث على امتداد الوطن العربي.
كل هذه المراكز والابحاث والمؤسسات الفكرية يمكن ان تشكل ساحة مهمة للحوار ومنطلقا للتفكير بمستقبل الواقع العربي وكيفية الخروج من الازمات التي نعاني منها اليوم .
ولعل انعقاد ملتقى الرافدين في بغداد يكون فرصة ايضا لدعم الحوارات التي انطلقت في بغداد وبدعم ورعاية من رئيس الحكومة العراقي مصطفى الكاظمي بين ايران والسعودية وبين ايران وعدد من الدول العربية، اضافة للبحث الجدي والعملي في الدعوة للتكامل الاقليمي ووقف الصراعات العربية .
والاولى من كل ذلك ان يستعيد العراق موقعه على الخريطة العربية والدولية ، والمدخل الاهم هو المسارعة في ترتيب الواقع السياسي الداخلي وانهاء الازمة الحالية واعادة بناء دولة المواطنة .
فهل سيستفيد القادة العراقيون من هذه الفرصة الهامة للحوار وتعزيز الواقع السياسي العراقي؟ ام ان هذه الرسالة العراقية الايجابية ستضيع مجددا في ظل تفاقم الازمات والصراعات العرقية والعربية؟