بحسب وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، صدر مرسوم بدعوة الناخبين لانتخابات مجلس الأمة (البرلمان) في 29 سبتمبر/أيلول، وذلك بعدما أصدر ولي العهد الكويتي مشعل الأحمد الصباح مرسومًا بحل مجلس الأمة، واستند المرسوم إلى المادة 107 من الدستور وإلى الأمر الأميري الصادر بتاريخ 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 القاضي بالاستعانة بولي العهد لممارسة بعض اختصاصات الأمير الدستورية. وذلك أتى بعدما تعذّر التوافق والتعاون لإنتاج سلطة فاعلة تسيّر شؤون البلاد والعباد نتيجة " اختلافات وصراعات وتغليب المصالح الشخصية وعدم قبول البعض للبعض الآخر".
ونظرا لوجود "ممارسات وتصرفات تهدد الوحدة الوطنية وجب اللجوء إلى الشعب باعتباره المصير والامتداد والبقاء والوجود، ليقوم بإعادة تصحيح المسار بالشكل الذي يحقق مصالحه العليا". بحسب ما لفت المرسوم الأميري.
الخطوط العريضة للمشهد السياسي
وللوقوف عند آخر المستجدّات الإنتخابيّة كان لموقع “جسور” حديث مع الإعلامي والناشط السياسي الكويتي يوسف عبد الحميد الجاسم الذي لفت فيه إلى " أنّنا نعيش هذه الأيام حالة واسعة من التفاؤل بواقع أفضل ومستقبل أزهر للحياة البرلمانية. فالخطاب الأميري السامي الذي وجّهه للشعب سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد فيما يتعلق بحلّ مجلس الأمّة والدعوة الى انتخابات نيابية تضمّن خطوطا عريضة للمشهد السياسي القائم والمقبل والذي نزع عدّة فتائل من المواجهات بين الحكومة والبرلمان. " ويتابع الجاسم لجسور " وهو أيضًا طمأن الضمير الكويتي عمومًا لدى الشعب الكويتي بأنّ العهد الجديد قد استوعب وأدرك مطالب النّاس، وبالتّالي لجأ إلى حلّ مجلس الأمَة ورجع الى الشعب لاستفتائه من خلال الانتخابات في حسن اختيار النواب الذين يمثلون الشعب الكويتي في البرلمان.
ويشير الجاسم إلى انّ هذه الانتخابات هي " وفقًا لآليات لم نعهدها في السابق، أي أنّ المسار الخاص سيكون بعدم التدخل في الانتخابات ورئاسة المجلس ولا في هوية اللجان في المجلس العتيد." ويلفت الجاسم أيضًا إلى خطوة رقابيّة حيث "حصلت متابعة وملاحقة المال السياسي والرشاوى الانتخابيّة والانتخابات الفرعية."
فبالنسبة إليه إنّ " هذه الوسائل كلّها مهّدت لانتخابات نزيهة، وهذا ما نأمله، وهذا ما يعتبر استجابة لخطاب الأمير السامي، وللشعب الكويتي في قول كلمته في إحداث الاصلاح السياسي المنشود ليكافح الفساد والمحسوبيّات ويلجأ الى انتخاب نوّاب يمثلون الشعب كلّه، وليس من منظار قَبَليّ أو طائفي. "
أمّا الدكتور سعد بن طفله وزير الإعلام الاسبق، وهو أكاديمي وإعلامي وكاتب ومحلل سياسيّ يلفت لجسور إلى أنّ " ما ميّز هذه الانتخابات أولاً هو تلاشي الخطاب الطائفي، وثانيًا تلاشي الخطاب القبَلي. وليس اختفاء هذا النوع من الخطابات كليًّا." ويلحظ بن طفله وجود " اصطفاف مدني بمعنى أنّه يتجاوز في خياراته التقسيمات الطائفية والقبلية والفئويّة في البلاد."
ما يرتقبه الكويتيّون
ويلفت الجاسم لجسور الى أنّ " مكوّنات الشعب الكويتي المجتمعيّة محترمَة ومقدَّرَة من أبناء القبائل والطوائف والأسر، وهذا أمر طبيعي في الكويت، ولكن المأمول أن يكون الوعي العام لدى الشعب الكويتي." ويختم الجاسم حديثه لجسور متأمّلاً أن يكون " الناخب الكويتي قادمًا على انتخاب نوّاب يمثلون الأمّة بأسرها لا طائفة ولا مذهب ولا عائلة ولا قبيلة بذاتها، بل إنّ التمثيل سيكون لكل الكويت ولمصلحته. ونحن متفائلون بالخير. ونتطلّع إلى مستقبل أفضل."
وبن طفله أيضًا متفائل " لأنّ الحكومة لن تتدخّل في الانتخابات، وهذا شيء مطلوب منذ زمن. فهنالك أيضًا شبه إجماع على المشاركة في هذه الانتخابات على عكس تلك التي سبقتها منذ العام ٢٠١٢، والتي كان يشوبها الكثير من المقاطعة. " ويلفت بن طفله لجسور إلى " تحوّل رمز من رموز المقاطعة السيد أحمد أبو العزّ سعدون، رئيس عدّة مجالس سابقة، إلى الإشادة بالتوجه الجديد للسلطة وعدم تدخلها في الانتخابات وخوضه هذه الانتخابات بعد أن كان يقود المقاطعة لها."
فبالنسبة إلى بن طفله إنّ " ما يميّز هذه الانتخابات أيضًا هو عدم وجود وضوح برامج أكثر، حيث لم يعد هنالك شعارات كشعار إسقاط الرّئيسين أو نظام الصوت الواحد أو تغيير الدوائر الانتخابية. كذلك هناك كلام عام حول الفساد والاصلاح والبناء والتعاون و… كلام إنشائي."
فمن ناحية الخطاب الانتخابي، يرى بن طفله أنّ هذه الإنتخابات تتمتّع " بخطاب باهتٍ والكلام مكرّر حول مقاتلة طواحين هواء اسمها فساد من دون الإشارة إلى جهات وأسماء، ولا سيّما بأنّنا قد رأينا جدّيّة من قبل العهد الجديد في الكويت من حيث محاربة الفساد مثلاً حيث حوكم شيوخ كبار بمواقعهم وحتّى بصفاتهم السياسية من الأسرة الحاكمة نفسها بتهم الفساد."
من هذا المنطلق، يعتبر بن طفله أنّ " هذه الانتخابات هي انتخابات وضوح الرؤيا، فما بعدها سيتضّح مسار دولة الكويت." وفي نظرة تفاؤليّة لما قد ينتج عن هذه الانتخابات يرى بن طفله بأنّ النتائج " لن تكون دراماتيكيّة لأنّ غالبيّة الذين كانوا يتّهمون بالفساد، أو الذين كانوا على ارتباط بمراكز الفساد لن يخوضوا هذه الانتخابات."
لذلك، يختم بن طفله حديثه لجسور متوقّعًا بأنّ " النتائج ستنتج وجوها جديدة، إضافة إلى وجوه وقفت ضدّ الفساد، وستأتي النتائج لتلمُّس الرؤيا حيث ستتحدّد مسارات جديدة، وربما تدخل الكويت في مرحلة جديدة حيث يرى الكثيرون بأنها ستكون أكثر تفاؤلاً."
في المحصّلة، يبدو أنّ منسوب التفاؤل المرتفع سيدفع الكويتيّين إلى إحداث التغيير المرتقَب. ويكثر الحديث عن استنساخ للتجربة الانتخابيّة اللبنانيّة حيث من المتوقّع دخول فئة جديدة من المجتمع المدني الكويتي تعد بالتغيير لأنّها بنت خطابها السياسي على الإصلاح الجدّي من دون أيّ ارتباطات إقليميّة كي لا تقع ببعض الأخطاء التي وقع بها بعض اللبنانيّين حديثي الولادة السياسيّة على قاعدة التغيير. يبقى أنّ 29 سبتمبر يوم مرتقب ليقول الكويتيّون كلمتهم التغييريّة لما هو خير لبلدهم ولدولتهم وتنفيذًا للتوجيهات الأميريّة بالإصلاح.