أطلقوا عليه تسميات عديدة, فهو منجم لبنان وذهب لبنان وغير ذلك من التوصيفات, ولكن ذلك كان في الماضي, أما الآن فاصبح ككل القطاعات اللبنانية , مفلسا منهارا, ان بسبب شتى ضروب الفساد التي اغرقته, أم بسبب الازمة المالية والاقتصادية التي عصفت بالبلاد وما خلفته من انهيار للعملة الوطنية ,فاصبح حتى شراء مولد يثقل وزير الاتصالات بالهمّ.
في إطلالته عبر منصة "جسور" يشعر وزير الاتصالات اللبناني جوني القرم بالألم كونه مضطرا بسبب الظروف السائدة لرفع فاتورة الهاتف والانترنت, وإن أقر بأن ثمة ابوابا أخرى يمكن استجرار الايرادات منها بدلا من اللجوء الى جيب المواطن, ولكن نحن مجبرون يقول "القرم" الآتي من عالم الاعمال كوزير تقني في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.
ويرى أننا محكومون بالعلاقات الطيبة مع دول الخليج وأن طلبات صندوق النقد هي لصالح لبنان, وهو يربأ بنفسه عن الطموح الانتخابي, ويستعجل ان ينتهي من مهمة التجنيد الاجباري التي أتى لاجلها كي يعود لاحقا الى حياته الخاصة .
يتحدث الوزير القرم عن الخطة الخاصة بوزارة الاتصالات والتي يقترحها لانهاض القطاع ويقول, لقد تم في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء تقديم خطة الكهرباء وخطة النفايات لان لهما الاولوية, ويضيف أن واقع قطاع الاتصالات مثل اي شركة يعاني من مسألة سعر الصرف على الالف وخمسمئة ليرة,في وقت اقل سلعة يجب شراؤها بالدولار ويقول,علينا حماية الشبكة, فإذا تعطل أي مولد للكهرباء ليس لدينا القدرة على شراء البديل وانا لدى وصولي الى الوزارة قلت انني اريد ان انفذ القانون 431/ 2002 الذي ينص على تفعيل الهيئة الناظمة للاتصالات وانشاء شركة ليبان تليكوم,وهذا ما اعمل عليه دائما مع كل المسؤولين والسياسيين كي يمر في هذه الفترة لانه أمر ضروري وأساسي وطموحي أن نرى في المدى المنظور هيئة ناظمة للاتصالات واتمنى ان انجح في هذا الامر .
وعن دور ليبان تيليكوم يقول,هي شركة ثالثة مثل الفا وتاتش يصار الى نقل كل الموجودات الخاصة بشركة اوجيرو الى ليبان تيليكوم ويمكن ان تصبح الخصخصة فيها بنسبة اربعين في المئة.
ويؤكد القرم أن هذا الامر هو نوع من التطوير, لان البيروقراطية الموجودة في ادارات الدولة لا تتناسب مع قطاع الاتصالات بالتحديد,فهو قطاع متطور وفني بامتياز وفي ليبان تيليكوم مثلا هناك امكانية للشركات الاجنبية ان تستثمر.
وحول رفع التعرفة خمس أضعاف وما تثيره من ردود فعل غاضبة لدى الناس
يقول وزير الاتصالات,في الماضي كانوا ينظرون لقطاع الاتصلات انه قطاع لتمويل الدولة,اما انا فنظرتي الى هذا الموضوع مختلفة كليا, ولدي تقرير من البنك الدولي يشير الى أنه كلما تحسنت الاتصالات في الدولة اللبنانية 10 بالمئة... يزيد 1 بالمئة الدخل الاجمالي المحلي, اذ ان هناك ترابطا مباشرا بين الاقتصاد وبين الاتصالات وهذا موثق. ويضيف: هدفي ان اعمل ضمن الكلفة كي نستطيع تأمين استمرارية القطاع وتوفير خدمات للاتصال والانترنت وبالتالي خدمة الاقتصاد.
ويرى القرم أنه إذا أردنا أن ننظر الى المسألة من ناحية إيجابية فنحن نكون قد خفضنا الكلفة نسبة لما كانت عليه في العام 2018 الى الثلث, بمعنى انه اذا كانت الفاتورة مئة دولار في 2018 فتصبح ثلاثة وثلاثين دولارا وبعد وضعها على سعر صيرفة نكون قد ألغينا وخصمنا الثلثين من المقبوضات ، وهذان الثلثان هما الربح والهدر الذي كان يحكى عنهما.
وعن القيمة الاجمالية للفاتورة التي ستصبح بعد ضربها بسعر صيرفة ستمئة وثلاثين الف ليرة اي بزيادة ما بين الاربعة الى خمسة اضعاف وهذا رقم كبير على المواطن, يقول القرم بعد ان سألناه "هل حسم الامر "؟
بالمبدأ عرضت الفكرة على مجلس الوزراء وكان هناك قبول وتفهم للامر لانه لا يمكن الاستغناء عن الاتصالات,اما بالنسبة لهيئة اوجيرو فالاسعار ستزداد بنسبة ضعفين ونصف تقريبا.
وهل سيعود قطاع الاتصالات الى عزه القديم وهو الذي كان ذهب ونفط لبنان كما كان يقال في السابق ام ان هذه المقولة قد ولت, يرى القرم انه ليس في المدى القريب, لانه عندما استلم الوزارة كان هناك متأخرات في الدفع لكل الموردين وقد مضى ما يقارب السنتين ونصف ولم ندفع اي مصاريف استثمارية للموردين,لهذا يلزمنا فترة طويلة كي نوازن الامور ونعود بعدها الى العمل على تحسين القطاع واعتماد ال "فايف جي" ومواكبة التطور العالمي.
خصخصة القطاع
وكيف ينظر وزير الاتصالات اللبناني الى موضوع التفاوض مع صندوق النقد الدولي وشروط الصندوق تحديدا على قطاع الاتصالات كالخصخصة مثلا, فهو يعتبر ان ما يطلبه صندوق النقد هو لمصلحة لبنان وعلينا تنفيذه بغض النظر اذا كان هناك دعم لنا من هذا الصندوق ام لا, فالنقاط هي اصلاحية بامتياز.
وعما اذا كان هو شخصيا مع خصخصة القطاع على المدى البعيد, يقول: قطاع الاتصالات كان دائما مميزا بموضوع الخصخصة, بحيث يجب ان نستفيد من شركات اجنبية لتطوير القطاع, نحن لدينا الطاقة البشرية اما العدة والاساليب المتطورة فنحن بحاجة اليها دائما كي نستمر وللتذكير, يضيف القرم, قطاع الاتصالات في الفا وتاتش تأسس من الخارج, ونحن يجب ان نميز بين الادارة والدخل, والفوضى والهدر, الادارة شيء والهدر شيء آخر, وكمبدأ عالمي الخصخصة ليست شيئا سيئا, هي مبدأ جيد والمهم ان نحافظ على موجوداتنا وان لايكون هناك هدر.
ويعود الوزير القرم ليشير الى انه اذا انجزنا مطالب صندوق النقد ولم يمدنا بالتمويل واختلفنا معه من جديد وذهبنا الى جهة اخرى, نكون ربحنا ولم نخسر لان كل ما يطلبه منا هو الاصلاح ونحن كحكومة لا نشعر اننا مجبرون على عمل لا نريده اصلا, فالاصلاحات مطلوبة.
وعن الرأي الذي يقول ان صندوق النقد يفقر الشعوب ويفرض عليها شروطا قاسية, يشكك القرم بصحة هذه المقولة لانه لا يرى دولا من العالم الثالث وهي بحالة مزرية الا وقد توجهت الى صندوق النقد الدولي .
استياء شعبي
وبما ان لبنان حاليا هو في زمن الموازنة يشرح وزير الاتصالات كيف ستواجه الحكومة اللبنانية الاستياء الشعبي حيال ما اعلن ان الموازنة سترفع الرسوم والضرائب وستزيد الاعباء على كاهل ذوي الدخل المحدود, فيقول, كنا نعرف ان هذه الحكومة ستأتي لتأخذ قرارات غير شعبوية وصعبة بحكم الواقع لان ما جرى خلال اربعين سنة ورثناه كوزارة وكنا نعرف ان اية خطة ستوضع ستكون موجعة ولكن وقبل كل شيء كون الموازنة موجودة فهذا انجاز غير عادي ودليل عافية, ويجب ان نتذكر كم من حكومة مرّت من دون ان تنجز موازنات, يضيف, نحنا مجبورون ان نتفهم المواطن ووجعه والمه، فجميعنا نعيش المشاكل الموجودة, ويشير الى انه حصل نقاش داخل الموازنة, وتم الاقرار بوضع الاسعار الاقل كلفة على المواطن,لانه في الحقيقة اذا قدمت السلعة له مجانا تظل باهظة الثمن ولكن شخصيا كنت ادافع عن نقطة في خلال نقاش الموازنة, انه اذا اخذنا سعر اخراج القيد او سند ملكية في الدوائر العقارية مثلا, لا يفيد المواطن ان اقدم له اخراج القيد مجانا وان يذهب في الوقت نفسه الى الدوائر ولا يجد موظفا او تيارا كهربائيا او حبرا وورقا, من هنا علينا ان نتحدث بشكل منطقي وان نؤمن الخدمة, لانه من دون خدمات سيتوقف البلد برمته وهذا ما يحصل في وزارة العدل, نحن نتخذ قرارات غير شعبوية ونحن مدركون لهذا الامر .
ولدى سؤالنا الوزير انه لماذا لا يتم طرق ابواب اخرى لجلب الايرادات كالاملاك البحرية مثلا والضريبة التصاعدية, بدل اللجوء دائما الى جيب المواطن,يقول القرم,لقد تطرقنا الى موضوع الاملاك البحرية في نقاشاتنا حتى ان احد الوزراء طرح ان يدفع الميسورون ما يسمى بضريبة تضامن, ولكن هذه الفكرة لم تقر لاننا ما زلنا لا نعرف ماذا سيحدث لان اكثر الناس الذين سيتضررون في المستقبل فيما خص ال "هيركات" هم الذين لديهم اموالا في البنوك لان الضريبة التصاعدية ستكون هنا, فالخسارة ستكون على حساب هؤلاء, والناس الذين لديهم مليون لولار في البنك اليوم هم اكثر الناس الذين سيدفعون الثمن لاحقا, فاذا وضعنا الضريبة الآن او لم نضعها فهي حاصلة بكل الحالات.
وعن توقعه اذا ما كانت ستمر الموازنة في مجلس النواب ,قال, لا اعرف لا استطيع الاجابة على هذا السؤال.
وحول عجلة العمل الحكومي وهل تسير الامور في الاتجاه الصحيح بعد عودة الثنائي امل وحزب الله الى الحكومة, يقول الوزير القرم انه ما من شك ان هناك تناغما في مجلس الوزراء وان كل الوزراء منكبون بشكل كبير ويعطون عملهم الاولوية.
لن نتخلى عن العرب
ومع ان وزير الاتصالات لا يرغب في التحدث في المواضيع التي لها طابع سياسي صرف, الا انه لم يمانع في التحدث عن افق الازمة بين لبنان ودول الخليج حيث قال, انا اتصور اننا لا نستطيع التخلي عن دول الخليج والعرب عموما, فنحن من مؤسسي جامعة الدول العربية, وكل العالم اقتصاديا يذهبون الى التحالف والتقرب من بعضهم البعض, لذا نحن لا يمكننا العمل عكس هذا التيار, حتى في اوروبا حيث لا شيء يجمع بين بولونيا والمانيا وبلغاريا, لكن هذه الدول اجتمعت لاجل المصلحة الوطنية العليا ونحن ملزمون ان نسير هكذا. ورأى انه عاجلا ام آجلا سوف تحل الازمة وعلينا كلنا العمل لاجل حلها اليوم قبل الغد.
وفي الختام وبما ان لبنان على ابواب الموسم الانتخابي, سألنا الوزير القرم اذا ما كانت لديه طموحات انتخابية, فاجاب, لا من قريب او بعيد, اتيت لكي انفذ تجنيدا إجباريا وانتظر ان انتهي من مهمتي لكي اعود الى حياتي المهنية الخاصة.