انضمت حكومة اليابان بتاريخ 27 كانون الثاني/يناير 2023 الجاري، وأعلنت حكومتها قرارها فرض عقوبات جديدة ضد ست وثلاثين فردًا وثلاث مؤسسات من روسيا. وبذلك منعت الحكومة اليابانية تصدير المواد المشعة واللقاحات، والأجهزة الطبية والروبوتات إلى روسيا.
وشمل حظر التصدير أيضًا معدات للمنشآت النووية والتنقيب عن النفط والغاز، وكذلك بعض المواد الكيميائية، بما في ذلك الغاز المسيل للدموع، ومسحوق مسح بصمات الأصابع. تشمل العقوبات أيضًا الأجهزة المخصصة للكشف عن المتفجرات والمولدات المحمولة، وآلات اللحام بالليزر.
إن طوكيو تقف متضامنة مع موقف مجموعة السبع، فيما يتعلق بأوكرانيا، حيث صرح رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا للبرلمان إن دول شرق آسيا تواجه أخطر تهديد أمني منذ الحرب العالمية الثانية.
وسيتضاعف الإنفاق العسكري تقريبًا في غضون خمس سنوات. كما تقرر الحصول على الوسائل اللازمة لتوجيه ضربة استباقية ضد عدو محتمل، وهو ما يعني في المقام الأول جمهورية الصين الشعبية وجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية. وتعتزم طوكيو زيادة الدعم لأوكرانيا.
لقد عرضت اليابان بالتفصيل استراتيجية الدفاع الجديدة التي تم تبنيها في الشهر الثاني عشر من العام الماضي.
وتنص الخطّة على إمكانية التغلب على المعتدي بمساعدة الوحدات الصاروخية والقوات الجوية وفروع أخرى من القوات المسلحة. وهذا يمثل قطيعة مع مبدأ الالتزام بالدفاع عن النفس، المنصوص عليه في دستور ما بعد الحرب.
وأشار رئيس مجلس الوزراء في كلمته في افتتاح جلسة مجلس النواب إلى ضرورة العمل بنشاط على الصعيد الدبلوماسي. ووجوب دعم الدبلوماسية بالقوة العسكرية، حيث تعمل الصين وكوريا الشمالية على تحسين اسلحتهما بسرعة.
لذلك، فإن مجرّد نشر وحدات دفاع صاروخي في اليابان لا يكفي لحمايتها وستزداد إمكانية الهجوم المضاد بسبب نشر صواريخ توماهوك كروز وزيادة مدى الصواريخ الحالية من النوع 12، كما تخطط طوكيو أيضًا لإنشاء صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت.
بما أن الميزانية العسكرية سوف تصل إلى 332 مليار دولار في غضون خمس سنوات، فمن المحتمل أن يكون من الضروري زيادة الضرائب على السكان. وهذا سيتسبب بتوجيهات انتقادات لرئيس الوزراء من كل من المعارضة وأعضاء الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم. ففي عام 2024 تنتهي فترة ولاية كيشيدا كرئيس للحزب الديمقراطي الليبرالي، وفي الواقع رئيسًا لمجلس الوزراء .
فالسؤال الذي يطرح نفسه: هل سيحتفظ كيشيدا بهذا المنصب لمدة ثلاث سنوات ثانية؟ قال رئيس الوزراء إن ذلك يعتمد على ما إذا كان سيفوز بثقة المجتمع. وهذا يعني أنه سيكون من الضروري حلّ مجلس النواب وإجراء انتخابات عامة في العام 2024، لندخل في صراع جديد مع روسيا.
استمرار الصراع الروسي الياباني
لا يمكن للاستراتيجية الدفاعية الجديدة إلا أن تتطرق إلى مشكلة العلاقات مع روسيا. حيث اعترف كيشيدا بأن العلاقات مع موسكو صعبة جدًا بسبب أعمالها عمال العدائيّة في أوكرانيا، وستواصل الحكومة اليابانية الالتزام بسياستها الهادفة إلى حلّ قضية الأراضي المحتلة في الجزر الأربع، وإبرام معاهدة سلام مع روسيا.
والجدير ذكره بأن طوكيو لا تزال تطالب روسيا بنقل جزر الأرخبيل الجنوبية المتنازع عليها وهي ( ايتوروب ،كوناشير ،شيكوتان وهابوماي )، ومجموعة من الجزر الصغيرة غير المأهولة في سلسلة جنوب كوريل. بالوقت التي تؤكد روسيا ان سيادتها على هذه الأراضي لا نقاش فيها.
لم تقدم طوكيو وموسكو تنازلات لبعضهما البعض في قضية الجزر ،بل إن الأحداث في أوكرانيا زادت من حدّة الخلافات. لأن روسيا حاولت في هجومها ضد أوكرانيا استعادة أراضي الامبراطورية الروسية من اكثر من اربعمائة عام مضى عليها، بينما لا تزال روسيا تحتل اراضٍ يابانية ولم تبرم اتفاق سلام معها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي مما يدفع اليابان بمحاولة اعتماد تبرير روسيا لاستعادة اراضيها المحتلة بظل الحرب التي تخوضها روسيا في اوكرانيا.
بدورها أعلنت روسيا الاتحادية أنها ستنهي المفاوضات مع طوكيو بشأن قضية معاهدة سلام بسبب فرض اليابان عقوبات أحادية الجانب ضد روسيا. كما انسحبت موسكو من الحوار مع طوكيو حول إقامة أنشطة اقتصادية مشتركة في جزر الكوريل الجنوبية والتي أصبحت فتيلًا متوترًا يجب سحب خيطه قبل فوات الاوان.
لقد أوضح كيشيدا الآفاق القاتمة للعلاقات الروسية اليابانية في خطابه. وقال إن اليابان بصفتها رئيس مجموعة السبع، ستعمل على تعزيز الدعم لأوكرانيا. إن خطاب رئيس الوزراء في البرلمان هو حدث مهم، يتم إصداره كل عام ويعمل كدليل لإدارة السياسة الخارجية وجهاز الدولة والبيروقراطية.
وباشروا الحديث عن حل محتمل للبرلمان لأن كيشيدا انتخب رئيسًا للحزب الديمقراطي الليبرالي لمدة ثلاث سنوات في عام 2021. ويسمح ميثاق الحزب بالانتخاب مرتين لمدة ثلاث سنوات. ليس من الواضح ما إذا كان حل مجلس النواب سيحدث بالفعل في عام 2024؟ وهل الحزب سيفوز في الانتخابات ورئيس الوزراء سيعزز شعبيته؟
أما بالنسبة لسياسة الدفاع، لان المسار لتغييرها دون تغيير الدستور، وتنص مادته التاسعة على أن اليابان تنبذ الحرب كوسيلة لحل النزاعات الدولية وليس لديها قوات مسلحة.
وتتوقع اليابان إعادة أراضي الأجداد من خلال إبرام معاهدة سلام. لكن روسيا رفضت الدخول في حوار حول هذا الموضوع، ما لم يكن لها تأثير على موقف اليابان وتصريحاتها السلمية حول رغبتها في التفاوض مع روسيا في توقيع اتفاقية سلام من خلال خطاب التهدئة الموجّه للجمهور الياباني الداخلي.
وتطرّق كيشيدا ومشكلة كوريا الشمالية المفتعلة مع كوريا الشمالية قد يتسبب باندلاع حرب في شبه الجزيرة الكورية مما يفرض على اليابان الدخول فيها لحماية أمنها القومي. إنه قلق بشأن إطلاق صواريخ بيونغ يانغ.
لكن الأمر الأكثر أهمية هو حل قضية عودة المواطنين اليابانيين المختطفين من قبل الكوريين الشماليين وعدم استخدامها من قبل روسيا والصين للضغط على الدول المعادية لروسيا، والتي تفرض عليها عقوبات ذات أذناب. لذلك اعلن كيشيدا عن استعداده للقاء الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون دون شروط مسبقة لتهدئة المشاكل التي قد تتسبب بحرب شرسة في شبه لجزيرة المهددة باشعال حرب في المنطقة .