Jusur

السلاح داخل المخيمات في لبنان كارثة على اللاجئين الفلسطينيين

شهد الأسبوع الماضي توتّرات في مخيّم عين الحلوة في مدينة صيدا عاصمة جنوب لبنان وسط استنفار مسلّحين، خصوصاً في حي البركسات وحي الصفصاف، وذلك بسبب عدم تسليم المتهم بقتل العنصر في حركة "فتح" محمود زبيدات إلى مخابرات الجيش اللبناني الذي قُتل في الاشتباك الأخير الذي حصل بين مسلحي "فتح" في حي البركسات وعناصر إسلامية مسلّحة في حي الصفصاف داخل المخيّم.
 
وبرز تأكيد مشترك من قبل أطراف الصراع كلّهم على ضرورة تحمل القوى الفلسطينية كافّة لمسؤولياتها. وأكّدت المصادر الفلسطينيّة لجسور على ضرورة وضع حدّ لأيّ توتير حرصًا على سلامة المخيم وجواره؛ لا سيّما في هذه الضائقة التي تعصف بلبنان الدّولة والشعب، واللاجئ الفلسطيني جزء من هذا النسيج المجتمعي اللبناني يعاني بدوره ما يعانيه أيّ مواطن يعيش على الأرض اللبنانيّة.

مقاربة فلسطينيّة للسلاح غير الشرعي

في هذا السياق كان لموقع “جسور” حديث مع الكاتب والمحلّل السياسي " عمران الخطيب" عضو المجلس الوطني الفلسطيني لمقاربة هذه الأحداث من وجهة نظر فلسطينيّة، بعدما كثرت التحليلات والمقاربات اللبنانيّة خلال الأسبوع المنصرم.
ويعيد الدّكتور عمران الخطيب تكرار هذه الأحداث داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، وخصوصا في مخيم عين الحلوة المتاخم لمدينة صيدا، فضلاً عمّا سبق ذلك في مخيم المية ومية، وكذلك مخيم البرج الشمالي قرب مدينة صور في الجنوب اللبناني، الى "انتشار السلاح بين جهات متعدّدة الولاء والارتباطات، نتيجة فوضى السلاح بأيدي هذة الجماعات المسلحة التي تمتثل لجهات غير فلسطينية حزبية وإقليمية تسيطر على مربعات أمنيّة داخل المخيمات."فعلى ما يبدو أنّ التدخلات الإقليميّة والدوليّة لم تعد تقتصر على الفرقاء اللبنانيّين وحسب، حتى اللاجئ الفلسطيني في ظلّ المأساة التي يعيشها في لبنان يتمّ استغلال وجوده وتوظيفه كصندوق بريد للرسائل الإقليميّة في الصراعات بين مختلف الفرقاء الإقليميّين.
ويلحظ الخطيب في حديثه لجسور أنّ اللاجئين الفلسطينيّين " يدفعون ثمنًا باهظًا من القتلى والجرحى وتشريدهم من منازلهم خلال الاشتباكات، وهذه الجماعات المسلحة تخدم أجندات خارجيّة متعددة الاتجاهات، وتشكّل ضررًا على القضية الفلسطينيّة بشكل خاصّ، وعلى اللاجئين العزل داخل المخيمات، وحتّى على المواطنين اللبنانيين بشكل عام."

الحلّ بالتعاون بين الدّولتين اللبنانيّة والفلسطينيّة

يستدعي هذا الامر بحسب الخطيب "إعادة تنظيم هيكلة الوجود الفلسطيني داخل المخيمات من خلال التعاون بين الدولة اللبنانية ودولة فلسطين، للتنسيق مع المؤسّسة العسكرية والأمنية لمعالجة ظاهرة إنتشار السلاح وتخزينه داخل المخيمات والذي يهدّد حياة اللاجئين بالدرجة الأولى. ولفت الخطيب إلى أنّ السؤال المطروح اليوم : "لمصلحة مَن يتمّ تخزين السلاح داخل المخيمات الفلسطينية؟" ويتابع الخطيب حديثه محاولاً الإجابة عن هذه الإشكاليّة بتحليل فرضيّتيّ انتشار السلاح كالآتي:
- إذا كان المطلوب الحفاظ على أمن المخيمات يتطلّب ذلك، تحديد اقتناء السلاح بأيدي الأمن الوطني الفلسطيني المكلف بحماية اللاجئين داخل المخيمات، وبالتنسيق مع الجيش اللبناني صاحب السيادة الوطنية". ويؤكّد الخطيب أنّ " السلاح خارج إطار الدولة اللبنانية يعتبر غير شرعي ومهمة الدولة فرض الإجراءات اللازمة."
- إذا كان هذا السلاح خدمة للأجندات الإقليميّة حيث يتمّ استغلال اللاجئ الفلسطيني وأوضاعه الإنسانيّة؛ فإن الجانب الفلسطيني الرسمي يرفض أن يكون ضمن أي معادلة أو اصطفاف مع أي جهة سياسية أو حزبية". ويؤكّد الخطيب أنّ" وجود اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يعتبر حالة إستثنائية موقتة لحين عودتهم إلى ديارهم. "وبحسب الخطيب يعيد حلّ هاتين الفرضيّتين إلى "قيام الدولة اللبنانية بمسؤوليتها والتعامل مع حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وفقًا لأحكام قرار جامعة الدول العربية في إعطاء الحقوق المدنية على غرار الدول العربية والتي استضافت اللاجئين".
- ويختم الخطيب حديثه لجسور مؤكّدًا أنّ "وجود السلاح داخل المخيمات أصبح يشكّل كارثة على حياة اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم وعلى اللبنانيين أيضًا." ويحدّد الخطيب أهداف النّضال الفلسطيني اليوم بثلاثة كالآتي:
- من أجل إنهاء الإحتلال الإسرائيلي الاستيطاني العنصري.
- من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
- لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم. في المحصلة لا يمكن الوقوف على الحياد في أيّ قضيّة إنسانيّة. والقضيّة الفلسطينيّة من أكثر القضايا إنسانيّةً؛ ولكن ما لا يمكن القفز فوقه هو القضيّة اللبنانيّة التي تُعتَبَرُ أولويّة وطنيّة بالنسبة إلى اللبنانيّين. من هذا المنطلق، تأتي المقاربة اللبنانيّة للقضيّة الفلسطينيّة وللأحداث الأخيرة. ولا يمكن القبول لبنانيًّا بأن يتحوّل الوجود الفلسطيني إلى توطين بحسب ما ورد في البند "ط" من مقدّمة الدستور اللبناني الذي نصّ على أنّ " أرض لبنان أرض واحدة لكلّ اللبنانيين. فلكلّ لبناني الحقّ في الاقامة على أيّ جزء منها والتمتع به في ظلّ سيادة القانون، فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين."لذلك، يجب ألا تتعارض فكرة إعطاء أيّ لاجئ أيّ حقوق مع هذا البند، بما فيها الحقوق المدنيّة ليبقى لبنان وطنًا سيّدًا حرًّا مستقلًّا، وملجأ لأيّ مضطَهَدٍ أينما وجد في العالم، ولكن تحت سيادة الدّولة اللبنانيّة فقط، وقوانينها المرعيّة الإجراء.
الكلمات الدالة
السلاح داخل المخيمات في لبنان كارثة على اللاجئين الفلسطينيين
(last modified 14/03/2023 06:40:00 ص )
by