Jusur

خطرٌ كبيرٌ يحدق بالعراقيين والسوريين ويهدّد حياتهم

لطالما اشتكى العراق من السياسات المائية التي تنتهجها تركيا وإيران حياله، خصوصًا بعد بناء السدود الضخمة على أراضيها وتعبئتها من مياه نهري دجلة والفرات قرب الحدود مع سوريا والعراق. واتهمت بغداد طهران بحرف مسار أكثر من 30 نهرًا عن مجاريها وصولاً إلى الأراضي العراقية.
 
لكن اليوم، بات التصحّر يهدّد السوريين والعراقيين على طرفي الحدود بشكل جدّي، ما دفع مئات الأسر التي تعيش على الزراعة وتربية الحيوانات هناك إلى النزوح نحو مناطق أخرى. وتعمقت مخاوف سكان البلدين خلال فصل الشتاء الحالي، بالنظر للتحولات الكارثية التي طرأت على منسوب كل من نهري دجلة والفرات.

تقاسم الضرر

في هذا الإطار، اعتبر الخبير البيئي أحمد صالح نعمة، في حديث لـ"جسور"، أن "شتاء 2022 – 2023 شهد حصارًا مطريًّا كبيرًا جدًّا تزامن مع تخزين المياه في أعالي الجبال في المناطق التركية والإيرانية ومع هدر كبير للمياه في العراق وضغط من قبل تركيا على مياه سوريا، وهذا سبب من أسباب تغير المناخ الحاصل في الكون بشكل عام، إضافة إلى سوء استغلال المياه وعدم اعتماد الطرق الحديثة في الريّ".
 
وأشار إلى أن "هذا الواقع المرير تسبّب بنفوق مئات القطعان من الجاموس في بلاد ما بين النهرين، وتدهور التنوع البيولوجي العام، وحصول تغيّر ديموغرافي بعد مغادرة جزء كبير من الأهالي مناطق سكنهم بحثا عن الماء، وأماكن أخرى للعمل بعد زوال مهن عدة تتطلّب وفرة في المياه".
 
وتابع نعمة: "كما تأثرت السياحة البيئية وصيد الأسماك والطيور وجزء كبير من الزراعة والصناعات النسيجية، ما أضعف الإقتصادات الكبرى في دول كسوريا والعراق، خصوصًا وأن الأولى تعد ممرًّا للفرات والثانية تعد مصبًّا لدجلة والفرات، لذلك هما الحلقتان الأضعف في السلسلة المائية الموجودة في الإقليم".
ودعا إلى اعتماد "مفاهيم تقاسم الضرر والمنفعة مع دول الجوار للعراق وسوريا، لكي لا يتحمل أي طرف الضرر لوحده".
 
ولفت أيضًا إلى أن "الحكومة العراقية أعلنت عن جملة إجراءات في افتتاح مؤتمر "العراق للمناخ" الذي من شأنه أن يحد الكثير من الهدر الحاصل في نهايات مصب نهري دجلة والفرات"، وتوقّع "الوصول إلى اتفاق مع تركيا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه مائيًّا، والبدء بإجراءات تشغيلية وتنظيمية داخلية".

جملة توصيات

وكان المؤتمر الخاص بالمناخ في محافظة البصرة، قد خلص إلى جملة توصيات لمواجهة التحديات البيئية في العراق، ومن بينها، "دعوة مجلس النواب الموقر لتخصيص ميزانية وطنية لتغيير المناخ عام 2023 للبدء بتنفيذ أولويات المساهمة المحددة وطنيًا، والعمل على تطوير آلية تنسيق شاملة مع أدوار ومسؤوليات واضحة لكل وزارة وأصحاب المصلحة فيما يتعلق بالجوانب المختلفة لتغيير المناخ، وتعزيز النهج التشاركي بين الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص ومنظمات الأمم المتحدة والبنك الدولي والكيانات الدولية الأخرى لتنفيذ المساهمات المحددة وطنيًا، مما سيفعّل دور المجتمع المدني والقطاع الخاص في تنفيذ هذه الإلتزامات".
 
وكان تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي، قد قال مطلع العام الماضي، إن "العراق من أكثر دول العالم تأثرًا بتغيّر المناخ، ما يستدعي الحاجة إلى مواجهة تبعات الأزمة". وذكر التقرير أن "تبعات تغيّر المناخ ستؤثر على الفئات الأشد فقرًا، وسط تضاؤل الحيازات الزراعية للمزارعين".
الكلمات الدالة
خطرٌ كبيرٌ يحدق بالعراقيين والسوريين ويهدّد حياتهم
(last modified 15/03/2023 02:53:00 م )
by