مؤشرات جمة تشي بأن المنطقة قد تتنفس الصعداء خلال الأشهر المقبلة وأول الغيث البيان الثلاثي المشترك لكل من السعودية وإيران والصين الذي ذكر أن الرياض وطهران أكدتا الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما خلال شهرين، وذلك بعد إجراء مباحثات بين وفديهما في بكين. وأشار البيان الى أن الجانبين شددا على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وأن وزيري خارجية البلدين سيعقدان اجتماعاً لتفعيل الاتفاق وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما.
هذا الاتفاق السعودي – الإيراني لقي ترحيبا دوليا وإقليميا اذ قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون إن بلاده ترحب بجهود خفض التصعيد في المنطقة وأن واشنطن ترحب بأي جهود للمساعدة على إنهاء الحرب في اليمن وتخفيض التوترات في الشرق الأوسط. كما رحب كل من العراق وعمان بالبيان الثلاثي المشترك.
تسويات جدية!
ويبدو أن الحلحلة في المنطقة ستنسحب الى ملفات شائكة أخرى اذ بات الحديث جديا عن تسويات أخرى تطبخ خلف الكواليس. وفي السياق، لفت المحلل السياسي المتابع للشأن الإقليمي والخليجي طارق أبو زينب في حديث لـ"جسور" الى أن "التحرك السعودي الذي بدأ من أوكرانيا مرورا بروسيا وصولا الى فرنسا كان يمهد الى الاتفاق السعودي – الإيراني المشترك. وليس ذلك فحسب، اذ تسعى الرياض الى اعادة ترتيب ملفات المنطقة والى حلحلة ملفات شائكة عدة."
واستطرد موضحا "دول عدة في المنطقة ستتنفس الصعداء خلال الأشهر المقبلة، فعلى سبيل المثال قد يشهد لبنان انتخاب شخصية مستقلة لتولي مهام رئاسة الجمهورية. وعلى نطاق أوسع، تسعى السعودية بالمشاركة مع روسيا وأوروبا الى انهاء الصرعات الإقليمية والدولية بالطرق السلمية وخصوصا حرب اليمن اذ تعمل الرياض على وقف إطلاق نار دائم في اليمن. كما تعمل على وضع حد للأزمة اللبنانية وعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية وتثبيت الاستقرار السياسي في العراق والسعي دائما لإنهاء الصراع الروسي الأوكراني بطرق دبلوماسية".
وأضاف "ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، القائد العربي الملهم بحكمته وحنكته، وكل من عرفه عرف أنه ما دخل في موضوع شائك إلا وحسمه وأنهاه نهاية رابحة وما لاحت له فرصة ولا شِبْه فرصة إلا وانتهزها انتهازةً تَنفَع من وثق به."
تفاؤل خجول
وفي المقابل، يستبعد العميد المتقاعد خليل الحلو أي تسوية حالية في المنطقة مشيرا الى أن "الجو معاكس تماما وقد تقرع طبول الحرب في المرحلة المقبلة بين ايران وإسرائيل خصوصا في ظل الصمت الأميركي حيال هذا الملف"، موضحا أن " الحكومة الإيرانية أعربت عن تفاؤل يبدو مفرطا بوجود فرص قد تؤدي إلى حلحلة الأزمة وإرساء السلام بالبلاد التي تشهد حربا منذ عام 2014، لكن على الأرض لا يوجد ما يوحي بتراجع الحوثيين عن مواقف متصلبة واشتراطات عطلت إلى حدّ الآن جهودا دولية لكسر جمود محادثات السلام المتوقفة منذ فترة طويلة".
ترحيب دولي
ورحّب كل من العراق وعمان بالبيان الثلاثي المشترك الصادر عن السعودية وإيران والصين باستئناف العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية.
وجاء في بيان نقلته وكالة الأنباء العمانية عن وزارة الخارجية قولها: "سلطنة عُمان ترحب بالبيان الثلاثي المشترك الصادر عن المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية وجمهورية الصين الشعبية باستئناف العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية وإعادة فتح سفارتيهما وممثليتهما خلال مدة أقصاها شهران. وعلى تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب".
من جهتها، ذكرت وزارة الخارجية العراقية أنها ترحب بالاتفاق بين السعودية وإيران لتبدأ بموجبه صفحة جديدة من العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الجارين، حسب وكالة الأنباء العراقية.
هذا وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، أن "عودة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية تعزز الاستقرار والأمن الإقليميين"، لافتا الى انه "وفق الاتفاق سيتم تبادل السفراء بين طهران والرياض في غضون شهرين".
بيان مشترك
وفيما يلي نص البيان: "استجابةً لمبادرة كريمة من الرئيس الصيني شي جينبينغ بدعم بكين لتطوير علاقات حسن الجوار بين السعودية وإيران، وبناءً على الاتفاق بين الرئيس شي جينبينغ وكل من قيادتي السعودية وإيران بأن تقوم الصين باستضافة ورعاية المباحثات بين السعودية وإيران، ورغبة منهما في حل الخلافات بينهما من خلال الحوار والدبلوماسية في إطار الروابط الأخوية التي تجمع بينهما، والتزاماً منهما بمبادئ ومقاصد ميثاقي الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، والمواثيق والأعراف الدولية، فقد جرت في الفترة من 6 - 10 مارس (آذار) 2023 في بكين، مباحثات بين وفدي السعودية وإيران برئاسة الدكتور مساعد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني السعودي، والأدميرال علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.
وقد أعرب الجانبان السعودي والإيراني عن تقديرهما وشكرهما للعراق وسلطنة عمان لاستضافتهما جولات الحوار التي جرت بين الجانبين خلال عامي 2021 و2022، كما أعرب الجانبان عن تقديرهما وشكرهما لقيادة وحكومة الصين على استضافة المباحثات ورعايتها وجهود إنجاحها.
وتعلن الدول الثلاث أنه تم التوصل بين السعودية وإيران إلى اتفاق يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، وإعادة فتح سفارتيهما وممثليتهما خلال مدة أقصاها شهران، ويتضمن تأكيدهما على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، واتفقا أن يعقد وزيرا الخارجية في البلدين اجتماعاً لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما، كما اتفقا على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما، الموقعة في 17 أبريل(نيسان) 2001، والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة بتاريخ 27 مايو (أيار) 1998".