صحيحٌ ان الذي مرّ ولا يزال يمر على المواطن اللبناني لا يُقدّر. والأكيد ان اللبنانيين لا يستحقّون كل ما عاشوه خلال السنوات الأخيرة من تفجير (انفجار المرفأ في 4 آب/أغسطس) وجائحة كورونا والأزمة السياسيّة والاقتصاديّة المستفحلة في البلاد. وصحيحٌ أن حكّام هذا البلد لا يرحمون أحد، فالغلاء لا يزال يُعمّق الفجوات في الجيوب. إنما الأكيد ان هذا العيد ليس كالسنوات الثلاث الماضية.
كيف يعيّد اللبنانيون اليوم في ظلّ أسوأ الأزمات الإقتصادية والماليّة التي مرّت على لبنان؟
العيد.. بطريقة مُختلفة
تقول الاختصاصية في علم النفس والمعالجة النفسية الدكتورة شارلوت خليل في حديث لـ"جسور" صحيح ان الغلاء يطغى اليوم على حياة اللبنانيين انما مضى على الوضع وقت. والمواطن، خاصة بعد جائحة كورونا وكأول تغيير، تعلّم ان يمضي العيد بطريقة مختلفة". وتضيف أن التغير الثاني الذي رافق اللبناني مع تغير الأوضاع المعيشية والاقتصادية وارتفاع الأسعار هو اختلاف بالعادات المرتبطة بالهدايا واحتفالات العيد، فبعد ثلاث سنوات، لوحظ أن المواطن تكيّف مع الوضع الحالي وتأقلم.
القدرة.. مُختلفة
وتُشير خليل الى انه "بالرغم من تلاعب سعر صرف الدولار والغلاء الحاصل، أصبح للبناني قدرة مختلفة على مواجهة الأمور، أكيد كل عائلة بحسب وضعها الخاص وهذا الكلام غير مُعمّم، إنما بالنسبة لما نراه ونلاحظه على الأرض، فالناس تُحدّد أولوياتها اليوم وتتعامل مع ذلك وتدرك ما الذي يجب فعله وتقبّلت هذا الحدّ أو هذا الفقد الذي كان صدمة لها منذ سنتين أو 3 وكان التعامل معه أصعب حينها". وتضيف: "فبالرغم من أن التحديات أصعب إنما المواطن استدرك الأمور ومع مرور الوقت حدّد الأوليات وبات يتعامل معها بطريقة أفضل".
روحيّة العيد
وتعتبر خليل ان "لحظات العيد والتحضيرات كانت وبعدها وستظل تختلف من شخص لآخر ومن عائلة لأخرى من حيث العادات والديناميكية المعتادين عليها"، لتُشير الى ان "كل شخص سيحاول تمضية العيد على طريقته وضمن امكانياته وما يساعد كثيرًا هو الرجوع عند روحيّة العيد الا وهي جمعة العائلة خاصة بعد جائحة كورونا التي فرّقت الأُسر"، وتقول: "ينصح بالعودة الى التفاعل الاجتماعي والتضافر والعودة الى الجمعات التي تعني لكل شخص لأن ذلك يعطي دعمًا اجتماعيًا ونفسيًا بالرغم من كل الذي يحصل".
تحدّي الأهل.. والشفافيّة
وتشير خليل الى التحدي الذي يواجه الأهل في هذا العيد وتقول: "هدايا العيد وطلبات الأولاد تبقى الأصعب لناحية تفسير الوضع للأولاد بأن الأمكانيات محدودة في حين ان الترويج والتسويق والدعايات لا تزال قائمة كما هي. وتعتقد ان هذا التحدي هو الأصعب لناحية ايصال للأولاد سبب عدم جلب الهدايا الذين يطلبونها خاصة ان كانوا ينظرون لأصدقائهم الذين يتلقون ما يتمنوه".
وتوضح انه مهم جدًّا هنا قول الأمور كما هي للأولاد فالشفافية مهمّة فضلاً عن ضرورة إيصال الرسالة بقدر استيعاب الولد، ومهم جدًا أن يشعر الأهل بالارتياح لهذه الفكرة ومتقبّلين لتحديد الأولويات وألا يشعروا وكأنه تقصير بحقّ الأولاد وهذا سيصلهم حتمًا.