مع استمرار الشغور الرئاسي في لبنان على تموضعه إثر فشل المجلس النيابي في انتخاب رئيس للجمهورية على مدى عشر جلسات متتالية، ظهر بصيص أمل خارجي لدى اللبنانيين وتحديداً في قمة بغداد 2 بعد أن حمل إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الملف اللبناني. ورغم أن البيان الختامي للقمة لم يأتِ على ذكره، إلا أن كلمة ماكرون عكست إصراراً على إعادة لبنان إلى جدول الإهتمامات الإقليمية.
وتقاطعت التحركات الخارجية في أكثر من اتجاه آخرها لقاء سعودي-فرنسي في العاصمة الفرنسية باريس بحثاً عن مخرج للشغور الرئاسي في لبنان.
فهل اقترب موعد تفكيك العقد اللبنانية المكبلة بالصراعات السياسية الداخلية من خلال حلول خارجية؟
الحل داخلي
إنهاء الشغور الرئاسي لن يحصل سوى عبر حليّن كما أشار الصحافي سمير تويني في حديث لـ"جسور"، أحدهما خارجي والآخر داخلي.
وإذ أكد أن الملف يحظى بإهتمام دولي من خلال "تعاون أميركي وفرنسي وسعودي وحتى مصري على إيجاد حلحلة له إضافة إلى محاولة قطرية للقيام بمبادرة شبيهة باتفاق الدوحة" إلا أنه استبعد الوصول إلى التوافق حول انتخاب رئيس للجمهورية عبر الحلّ الخارجي إلا بشرط واحد "أن يأتي من خلال مبادرة حقيقية مبنية على أسس للبحث مع الأطراف السياسية الأساسية لا ضمن زيارة خاطفة".
بالتالي يرى تويني أن انطلاقة الحلّ يجب أن تكون داخلية وتحديداً "من خلال حوار داخلي يؤمن لاحقاً تدخلاً خارجياً عبر نافذة دبلوماسية مؤاتية".
وشرح أن التغييرات في المعادلة الداخلية تفرض إلزامية الحوار للتوافق على سلة معيّنة بانتظار التوافق الدولي "الأمور اختلفت مع وجود مجلس نيابي غير متجانس ما يفرض إيصال رئيس للجمهورية من طرف معين ورئيس حكومة من طرف مغاير".
عقبات عديدة
في المقابل، أبدى الصحافي المخضرم عدم ثقته في اتجاه الأمور نحو التوافق الداخلي "فلا محاولات جدية للتوافق إذ لم يشدد أي طرف لبناني سني أو شيعي أو مسيحي، على ضرورة الحوار، ولم يصر عليه سوى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط".
واعتبر أيضاً أن الطبقة السياسية غير مكترثة لتجاوز خلافاتها وانتخاب رئيس جمهورية كما لفت إلى أن الشعب من جهته بات على قناعة بعدم وجود الدولة وانتقل للعب دورها في منزله "من حيث تأمين الكهرباء والمياه وغيرها" مؤكداً أتجاه الوضع نحو الفراغ.
المسيحيون والحوار الداخلي
ووصف تويني ما يحدث بالخطير خصوصاً بالنسبة للمسيحيين "فمن شأن عرقلة انتخاب الرئيس أن تعمق الشرخ الحاصل بين الطوائف لأن فريقين مسيحيين متفقان على معارضة ترشيح رئيس من قبل الثنائي الشيعي رغم كونهما على خلاف على اسم مرشح مشترك".
ومع تأكيده أن استباق نتائج الحوار الداخلي غير ممكنة، أبدى عدم فهمه لرفض الأطراف المسيحية الحوار الداخلي "إن كان بسبب عدم وجود رئيس فالهدف من الحوار إيجاد رئيس للبلاد".
وأشار إلى خطورة المطالبة ببقاء النواب في البرلمان حتى التوصل لانتخاب رئيس "فماذا لو وصل رئيس بأكثرية غير مسيحية هل يرضى المسيحيون بهذه العملية؟ يسأل تويني."
الحوار الداخلي وحزب الله
وخفف تويني من المخاوف حول ما قد يضعه حزب الله من عراقيل أمام نجاح أي حوار داخلي "حيث يفترض بحزب الله أن يغيّر سياسيته ويقدم التنازلات لأنه لم يعد يمسك بزمام الأمور كما في السابق فهو اليوم غير قادر على ضبط حليفه فكيف يمكنه ضبط طبقة سياسية بأكملها؟" أردف قائلاً.
وأوضح أيضاً أن حزب الله لا يملك اليوم القوة التي كان يملكها خلال الست سنوات السابقة كما لم يعد يضمن الشخصية المارونية التي كان يمثلها الرئيس ميشال عون والتي كان يعتمد عليها للوصول إلى ما يريده".
وفي الختام، أعادنا تويني إلى التاريخ لنستمد منه العِبر "في نهاية ولاية الرئيس الأسبق أمين الجميل حاول الخارج فرض مخايل الضاهر رئيساً للجمهورية لكنه لم ينجح بالتالي لا يمكن اليوم لأي طرف خارجي أميركي أو فرنسي أو إيراني أن يفرض أي رئيس جمهورية على اللبنانيين من دون توافق لبناني داخلي".