خرجت الأمور عن السيطرة يوم أمس في قطاع المحروقات في لبنان، إذ عادت موجة إقفال المحطات بسرعة قياسية خلال ساعات الظهيرة، فيما اصطفت طوابير من السيارات أمام تلك المعدودة التي لم تقفل، لكن الأزمة المستجدة ما لبثت أن انتهت بعد مرور أقل من أربع وعشرين ساعة.
فبعد بلبلة واسعة بين أصحاب المحطات ووزارة الطاقة، أصدرت الأخيرة ظهر اليوم جدولاً جديدًا لأسعار المحروقات على سعر صرف الدولار في السوق السوداء، يعيد رفعها بعد تسجيلها انخفاضًا كبيرًا وغير مسبوق يوم أمس.
وفي بيانها، أضافت وزراة الطاقة "نضع مصرف لبنان والمصارف أمام مسؤولياتها ونتمنى أن تكون السياسات المالية من الآن فصاعدًا أكثر وضوحًا".
وكان وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية وليد فياض أصدر أمس جدولاً لأسعار المحروقات بناءً على تعميم حاكم مصرف لبنان في 27 كانون الأول/ديسمبر 2022، الذي يقضي بشراء مصرف لبنان لكل الليرات اللبنانية مقابل الدولار الأميركي على سعر صيرفة أي 38000 ليرة لبنانية من الشركات والأفراد، وتوّقع أن تنعكس مبادرته بطريقة إيجابية على المواطنين.
وبالفعل تراجع سعر البنزين 95 أوكتان 137000 ليرة، والبنزين 98 أوكتان 141000 ليرة، والمازوت 152000 ليرة، والغاز 90 ألف ليرة.
تعميم لم يطبّق
غير أن حسابات بيدر وزارة الطاقة جاءت على ما يبدو غير مطابقة لحسابات حقل أصحاب المحطات لسبب أساسي شرحه في اتصال مع "جسور" عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس "بدأ اللغط عندما وضعتنا وزارة الطاقة للمرة الأولى في جدول تركيب الأسعار على سعر صيرفة بعد أن استُثنيَ قطاع المحروقات منه في السابق".
وأضاف "عندما توجهنا إلى المصارف اصطدمنا برفضها تزويدنا الدولار لعدم قدرتها على تأمين كميات كبيرة منه وطلبت منا التريث حتى السنة الجديدة".
بالتالي، يتابع البراكس "أجبرنا على الشراء من السوق على سعر صرف يوازي 45 ألف ليرة فيما احتسب سعر الدولار في جدول تركيب الأسعار على سعر صيرفة 38 ألف ليرة".
أمام هذا الواقع، يقول البراكس "أصدرتُ بيانًا يوم أمس طالبتُ من خلاله مصرف لبنان إيجاد حل فوري لمشلكتنا إما عبر إلزام المصارف تأمين الدولار لنا على سعر صيرفة أو عبر الطلب من وزير الطاقة معاودة السير على الآلية القديمة لعجز المصارف عن تطبيق التعميم عليهم".
وأشار إلى أنهم كأصحاب محطات يمكنهم تفهم حدوث تقلبات في أسعار الصرف حسب آلية معتمدة أو تقلبات في أسعار النفط عالميًا، لكنهم يرفضون أن تفرض عليهم أحكام جائرة تؤدي إلى تفلّت القطاع.
ولفت إلى أن بعض المحطات لم تقفل أبوابها ومحطاتهم من ضمنها "لأجل مصداقيتنا مع زبائننا" لكنه أكد أنهم تكبدوا خسائر كبيرة "كل صفيحة بنزين تم بيعها أمس خسرنا فيها 81.500 ليرة لبنانية" مبديًا تفهمه للمحطات التي أقفلت "لا يمكن العتب عليها، وأنا كنت أنوي الإقفال لو لم تحل المشكة اليوم وسريعًا".
ووصف تهافت الناس على المحطات بالأمر الطبيعي "لكونهم ذاقوا لوعة الذل كما أن البعض أراد الاستفادة من الأسعار المنخفضة وهذا من حقهم".
تعميم وتسرّع
في المقابل، أوضح أحد أصحاب شركات توزيع المحروقات في لبنان عبر "جسور" أنهم لم يتأثروا بالأزمة لكونهم "يحصّلون أموالهم بالفريش دولار من المحطات".
وبالتالي بات أصحاب المحطات الحلقة الأضعف وفقًا له معتبرًا أن تعميم مصرف لبنان وتسرّع وزير الطاقة وضعهما أمام أزمة كبيرة "اعتبر وزير الطاقة أن أصحاب المحطات يمكنهم أيضًا تصريف الدولار عبر صيرفة فأصدر جدولاً لأسعار المحروقات على سعر 38 ألفًا فيما اضطر أصحاب المحطات لتسديد مستحقاتهم لشركات التوزيع على سعر السوق السوداء".
لكنه اعتبر أيضًا أن التعميم لن يخدم أصحاب المحطات وإن طُبق عليهم "عند وضع مبالغ مالية بالليرة اللبنانية لسحبها بالدولار عبر صيرفة لا يمكن الحصول عليها مباشرة بل يجب الانتظار حتى يوم أو أكثر فماذا يفعل صاحب المحطة في هذه الاثناء وكيف يدفع للشركات".
وانتقد أيضًا عدم مصداقية التعميم "يوجد سقف لصرف الدولار رغم تأكيد العكس فيما يحتاج قطاع النفط إلى ميزانية كبيرة الأمر الذي لا يمكن تحقيقه في ظل كوتا معينة".
ولفت إلى أن المحطات التي لم تقفل تملكها الشركات الكبرى فيما اضطرّت المحطات المتعاقدة معها أو الفردية للإقفال.