حلّة مشرقة يرتديها لبنان خلال موسم الأعياد مع عودة المغتربين، ومجيء السياح للاستمتاع بأوقاتهم في ربوعه، فيستعيد رونقه وتنشط الحركة التجارية فيه.
القطاع السياحي بدوره يشهد انتعاشاً ملموساً خلال الفترة الممتدة بين عيدي الميلاد ورأس السنة تترجمه أرقام الحجوزات المرتفعة في المطاعم وأماكن السهر كما الفنادق بكافة نجومها، وتتوجها حجوزات ليلة رأس السنة.
"جسور" دخلت إلى مواقع عدد من فنادق 5 نجوم في بيروت، ليتبين لها أنها محجوزة بالكامل خلال الأيام المرافقة لليلة رأس السنة أي من 30 ديسمبر/كانون الأول حتى الأول من يناير/كانون الثاني.
لكن موسم "الحركة مع بركة"، والذي من المفترض أن يحيي آمال اللبنانيين بإنعاش العجلة الإقتصادية في بلدهم لا بد له أن يصطدم في نهاية المطاف بالواقع المرير.
"محدود جداً"
انعكاس موسم الأعياد على الإقتصاد اللبناني "محدود جداً" كما أوضح الخبير الاقتصادي اللبناني منير يونس في اتصال مع "جسور" معلّلاً نظريته "خلال صيف 2022 وصلت أعداد أكثر بكثير إلى لبنان ولم تتغير المعادلة بالتالي التعويل على موسم الأعياد القصير نسبياً لانعاش الاقتصاد يدخل في إطار الأوهام كما أن القطاعات المستفيدة منه محدودة بقطاعي الفنادق والمطاعم وتعتبر مساهمة الآخيرين بالناتج المحلي متدنيّة".
أما الوفرة بالدولار التي تنتج عن وجود السياح والمغتربين خلال فترات معينة من السنة فتتبخر سريعاً بسبب السياسة الاقتصادية في لبنان كما يشرح يونس "الاستهلاك في لبنان بمعظمه مستورد" عارضاً بعض الأمثلة "أي زيادة في ساعات التغذية بالكهرباء يقابلها زيادة في الطلب على الفيول المستورد، ما يعيد إخراج الدولار من البلد والأمر نفسه ينطبق على السلع الغذائية والاستهلاكية المستودرة بمعظمها".
ولفت إلى أن لبنان لا يعتمد على السياحة بأعداد كبيرة أو "tourisme de masse" بل على سياحة النخبة أو "tourisme d’élite" أي من يملكون القدرة الشرائية العالية" مشيراً إلى أن "السياحة في لبنان اعتمدت تاريخياً وبشكل أساسي على الخليجيين ذوي القدرة الشرائية المرتفعة جداً" لكن الأزمة المستجدة بين لبنان ودولهم منعتهم من المجيء إليه في السنوات الأخيرة أضف إلى أن "البنى التحتية والخدمات العامة في لبنان أصبحت سيئة وتسوء أكثر مع الوقت" وفقاً ليونس.
ويصل إلى لبنان اليوم سياح من "جنسيات عربية كالأردن والعراق ومصر لكن قدرة هؤلاء الشرائية والانفاقية أقل بكثير من التي يتمتع بها الخليجيون" يقول يونس متابعاً "بالتالي تحوّل النظر أكثر باتجاه المغتربين".
نافذة جديدة
نافذة جديدة فُتحت على لبنان عبر اليونان كما أفاد في حديث لـ"جسور" نائب رئيس نقابة المرشدين السياحيين في لبنان إيلي لبّس "اكتشف اليونانيون السوق اللبناني في الآونة الأخيرة ومن المتوقع أن يأتوا بأعداد أكبر لاحقاً".
والسبب في ذلك يعود بحسب لبّس "إلى أن لبنان حالياً يناسب قدرتهم الشرائية بسبب تدني الأسعار فيه" وأضاف "كما أننا نترك لهم الحرية ليختاروا ما يوافقهم" لافتاً إلى أن السياح اليونانيين "يفضلون النزول في فنادق ضمن منطقة تنبض بالحركة والحياة بعيداً من بيروت الفارغة".
وتحدث أيضاً عن دخول الليبيين على خط السياحة اللبنانية إلى جانب السياح العرب من العراق والأردن ومصر.
سياح أم مغتربون؟
ولمعرفة أعداد الوافدين إلى لبنان خلال فترة الأعياد تواصلت "جسور" مع الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين الذي لفت بداية إلى أن "معظمهم من اللبنانيين مع عدد قليل من العراقيين وبنسبة أقل من المصريين والأردنيين وعشرات الخليجيين فقط".
وبناءً على معادلة عملية يعتمدها أوضح شمس الدين "بحدود 80 ألف شخص دخلوا إلى لبنان خلال الشهر الحالي" منتقداً من يرمون أرقاماً بطريقة عشوائية مدعين وصول ما يفوق الـ300 ألف شخصاً.
ويشير إلى أن دراسته جاءت كالتالي "أخذتُ من تاريخ 1 إلى تاريخ 10 من الشهر الحالي وكان متوسط الوافدين اليومي بحدود الـ7 آلاف وافد ومن تاريخ 11 حتى 20 ارتفع المتوسط إلى 9 آلاف بزيادة 2800 عن الأيام العادية بالتالي أصبح العدد 28 ألفاً، ويوم أمس ارتفع المتوسط إلى حدود 12 ألف بالتالي يمكننا القول إن العدد يوازي 78 إلى 80 ألفاً ولا أظن الأعداد ستزيد كثيرا في اليومين الاخيرين من السنة".
بالتالي يتابع شمس الدين "أخذت المتوسط اليومي من الوافدين في الأيام العادية والمتوسط خلال الشهر الحالي وأخذت الزيادة عن المتوسط اليومي العادي لأصل إلى رقم 80 ألفا أما من يقول وصل 200 ألف وافد مثلاً يحتسب في الواقع كل الوافدين خلال الشهر".