يحتفل العراقيون بالذكرى الثانية بعد المئة لتأسيس الجيش العراقي، الذي تمّ في 6 يناير/كانون الثاني 1921، ومسؤولون عراقيون يؤكدون عبر "جسور" دعمهم لهذه المؤسسة الوطنية، التي قدّم فرسانها التضحيات الجسيمة، والأرواح الغالية دفاعًا عن العراق وشعبه، كاشفين عن أكبر تهديد يتعرض له جيش البلاد.
وبحلول ذكرى تأسيسه الـ 102، وصل الجيش العراقي لمرحلة من الكفاءة وضعته في مصاف الجيوش المتقدمة، كيف لا وهو من ارتقى مراتب متقدمة في الخبرة الميدانية إثر مواجهته أكبر تحد عرفته البشرية بعد الحرب العالمية الثانية ممثلاً بتنظيمين إرهابيين هما القاعدة وداعش وانتصر عليهما مقدمًا مع بقية التشكيلات الأمنية مشاريع شهادة، تجاوز العراق بفضل دمائها العطِرة الخطر الأكبر.
تاريخ حافل بالإنتصارات
وفي هذه اللحظات التاريخية، إستعاد الخبير الأمني العراقي، سرمد البياتي، عبر "جسور" مشاهد البطولة، والفداء التي سطّرها الجيش العراقي إبّان معارك التحرير، قائلا: "كانوا بحق جبهة العراق الأولى، وساتره المتقدم، وعنوانه الأغلى، وسياجه المنيع، وسوره العالي".
وأضاف البياتي، أنّ الجيش العراقي لديه تاريخ حافل بالإنتصارات وآخرها كان القتال الأخطر الذي خاضه بوجه تنظيم داعش الإرهابي، لافتا إلى أنّ المؤسسة العسكرية تمتاز بالضبط العسكري العالي وتحظى باحترام الجميع.
وأكّد البياتي أنّ جيش البلاد تطوّر خلال السنوات الماضية حتى بات يعرف بأنّه من أفضل الجيوش في العالم لناحية العدة والعدد.
وفي هذه المناسبة، إستذكر البياتي أيضًا يوم الانتصار التاريخي الكبير على تنظيم "داعش" الإرهابي الذي تحقّق في العاشر من شهر كانون الأول ديسمبر/كانون الأول من عام 2017 بعد ثلاثة أعوام ونصف من اجتياح عصابات ذلك التنظيم لمدن ومناطق عراقية متعدّدة أبرزها مدينة الموصل، قائلا: "ورغم مرور كل هذه الأعوام على تحقيق الانتصار التاريخي الكبير على عصابات داعش" إلا أنّ القوات والأجهزة الأمنية والعسكرية العراقية ما تزال مستمرة في ملاحقتها لبقايا فلول التنظيم الإرهابي هنا وهناك، والتي حاول داعش جاهدًا إعادة تنظيم صفوفه وترتيب أوضاعه من جديد، بيد أنه فشل في ذلك بفضل يقظة وحرص وتكاتف جميع المؤسسات الحكومية والنخب المجتمعية وعموم أبناء الشعب العراقي."
"أكبر تهديد"!
وفي هذا السياق، يقول الكاتب والباحث في الشأن السياسي العراقي، الدكتور قاسم بلشان التميمي، إن "المنجزات التي حقّقها الجيش العراقي البطل، منذ تأسيسه في 6 يناير/كانون الثاني 1921 الى الآن، تفيض شجاعة ببطولات ومواقف حمت الأرض والعرض".
وأكد أن "الجيش العراقي منذ تأسيسه تعرّض للكثير من الهجمات، بهدف تضعيفه وإسقاطه لأسباب خارجية تمنع العراق من التمتع بقوة وطنية عسكرية حقيقية قادرة على القيام بدور مهم على الساحة في المنطقة"، كاشفًا عن "وجود جهات أجنبية وحتى عربية لإسقاط وإضعاف الجيش العراقي، بالتعاون مع أجندات خارجية كي تكون الساحة متاحة لجيوشهم المحتلّة".
وبيّن التميمي، أنّ "أعداء الجيش العراقي كثرت على الساحة الداخلية، خصوصًا مع انتشار الفصائل والقوات المسلّحة أو حتى بعض الكيانات السياسية التي لا تريد أن ينعم العراق بجيش قوي حازم، لما سيمثله من خطر عليها"، لافتا إلى أنّ "الجيش العراقي يمرّ بأكبر وأخطر مرحلة تهديد وبالتالي الجيوش الكبيرة تبرز قوتها عندما تكون الظروف المحيطة بها صعبة"، ومع ذلك يقول التميمي، "نرى جيش البلاد يمسك زمام الأمور محققًا إنجازات عظيمة، كُتبت بحروف من نور خلدته بصفحات التاريخ"، مضيفًا "في ذكرى التأسيس، بورك الجيش ودام عطاؤه الناجز شرفًا وكرامةً وعزّة".
مسيرة بطولة
في المقابل، يقول الباحث والأكاديمي، هيثم الخزعلي، إنّ "الجيش العراقي تأسّس عام 1921 بعد تحرير العراق من الاحتلال البريطاني، وكان أول فوج هو فوج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)، وكان من أقوى الجيوش العربية حتى أنه وُضع كهدف للتفكيك من قبل الكيان الصهيوني مع الجيش المصري والسوري".
وأوضح الخزعلي في تصريح لـ"جسور"، "أنّ الجيش العراقي إشترك في جميع حروب العرب مع الكيان الصهيوني تقريبًا، وما تزال مقبرة شهدائه في فلسطين، ووصل عام 1967 في عمق الكيان الصهيوني لولا أوامر مريبة أوقفته عن التقدّم".
وتابع: "ثم ابتلي الجيش العراقي بحروب النظام البعثي الغبيّة، فقاتل بالنيابة عن الولايات المتحدة الأميركية 8 سنوات ضد إيران وأعطى ما يقارب نصف مليون إنسان، ثم زجّه الرئيس العراقي الأسبق الراحل صدام حسين باحتلال الكويت عام 1991 فتعرّض لهجوم من أكثر من 30 دولة دمّرت الكثير من بنيته، وفي عام 2003 تعرّض لتدمير أكبر وقامت القوات الأميركية بحله بقرار برايمر، ثم أعيد بناء الجيش مرة أخرى على أسس وطنية وواجه إرهاب تنظيم القاعدة ثم داعش الارهابي، وسطّر الجيش أروع الملاحم بعد أن سانده أبناء الشعب بتشكيلهم للحشد الشعبي بفتوى المرجعية الدينية (سماحة السيد السيستاني)، الذي طالب أبناء الشعب بأطيافه كافة التطوع وإسناد الجيش وباقي الأجهزة الأمنية، الى أن حرّرت الأرض بأيدي العراقيين من الجيش العراقي والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي وجهاز مكافحة الإرهاب".
وعن أبرز التحديات التي يواجهها الجيش العراقي، رأى الخزعلي أنّ "جيش البلاد يفتقر للأسلحة الحديثة، خصوصًا منظمات الدفاع الجوي والطيران الحربي، بسبب تخوّف الولايات المتحدة وبعض دول الإقليم من عودة الجيش العراقي لقوته.