استفاق الشارع اللبناني على غضب كبير كان قد امتدّ منذ ساعات الليل المنصرمة، غداة اعتقال وليام، شقيق الشهيد جو نون، الذي فقد حياته في انفجار مرفأ بيروت، من قِبل جهاز أمن الدولة للاستماع لإفادته بشأن الإشكال الذي حصل أمام قصر العدل والمواقف التهديدية التي أطلقها عبر الإعلام.
وبعدما أنهت الشرطة القضائية التحقيق مع نون واتصلت بالقاضي زاهر حمادة الذي قرّر تركه حرًّا بسند إقامة في قضية الشرطة القضائية بانتظار ما سيحصل في قضية أمن الدولة، عدل القاضي حمادة عن قراره وأبقاه موقوفًا وربط ملفه بملف بيتر بو صعب (شقيق الشهيد جو بو صعب) الذي طُلب منه أيضًا المثول أمام أجهزة الدولة".
وسط هذا التخبّط القضائي السياسي الواضح، لا يزال الشعب اللبناني بأكمله ينتظر العدالة في انفجار أدمى القلوب، في وقت يتّجه مسار العدالة معاكسًا من خلال توقيف الضحية وإبقاء المجرم حرًا طليقا. فماذا عن هيبة الدولة التي لا تكف الدّفاع عن نفسها؟ وأي عدل ذاك الذي ينتظر الأهالي؟
يوضح المحامي والسياسي اللبناني أمين بشير في حديث لـ"جسور" تبعيّة القاضي في هذا الملف والأهداف من الذي يحصل والمستفيدين منه، كما يشرح تصرّف أمن الدولة ضدّ أهالي الضحايا وسبب ربط الملفات.
هدف الحزب والثنائي الشيعي.. وتبعيّة القاضي
يعتبر بشير انه يجب البدء باسم القاضي (زاهر حماده) وتبعيته السياسية ويقول: "للاسف كل قاضي يتعيّن سياسيًا في لبنان وبالتالي تكون عدالته توظيفيّة لصالح السياسي الذي عيّنه، وتبعيّة هذا القاضي واضحة للثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) الذي نفّذ أجنداتهما. القاضي حمادة المؤتمن على العدل والعدالة، أقفل هاتفه يوم أمس غير آبه لغليان الشارع اللبناني، وقد كان مسنودًا وكان بقرار سياسي، وهذا ما كان مطلوب منه فالهدف الأساسي هو افقال الملفّ، وبالتالي اسكات أهالي الضحايا وهي مَهمّة حزب الله التي قام حمادة بتنفيذها.
المستفيدون.. وأمن الدولة
ويشدّد بشير ان "كل فريق "8 آذار" هو المستفيد الأبرز من هذا القرار لجهة تضييع حقيقة انفجار المرفأ بحيث حصل في الأيام الأخيرة تصعيد كبير من قِبل أهالي الشهداء بالإضافة الى ضغط دولي وبالتالي يهمّ حزب الله أن يقفل هذا الملف ولن يحصل ذلك الا بإسكات أهالي الضحايا وعلى رأسهم الشباب الذين يتمتّعون بالعنفوان والطاقة كوليام نون وبيتر بو صعب وغيرهم، وبذلك يعتبرون انهم اذا ضربوا الرأس يُسكتون الباقيين".
ويضيف بشير: "أما المستفيد الثاني هو التيار الوطني الحرّ ذلك أن جهاز أمن الدولة تابع لجبران باسيل (النائب ورئيس التيار الوطني الحر)، فجهاز أمن الدولة مُقسّم بالتبعية على الفرقاء السياسيين وهذا الجهاز معروف أنه يُنفّذ سياسة باسيل". ويضيف: "بهذه اللحظة السياسية بالذات، من مصلحة باسيل ان يضغط بموضوع ملف المرفأ بغية الطموحات التي لم تتحقّق من قصة القاضي الرديف بعدم تعيين قاضٍ رديف تابع له وبهذه الطريقة يحقق انتقامه، بالاضافة الى انه يحقق أكثر من هدف سويًا، من خلال عرقلة مسيرة قائد الجيش (جوزيف عون) الذي بات يُشار إليه كمرشح بارز لرئاسة الجمهورية، واذا حصلت انتفاضة كبيرة في الشارع سينرل الجيش اللبناني الى الشارع في مواجهة الأهالي، كما حصل أمام محطة تلفزيونيّة منذ فترة قصيرة، فتتحوّل الى نزعة مسيحية – مسيحية في الشارع المسيحي وبذلك تنضرب مسيرة جوزيف عون".
"الشرعية لتصرّف غير شرعي"
ويوضح بشير ان "جميع فرقاء 8 آذار لهم مصلحة بالذي يحصل والاشارات تدلّ على انهم مستشرسين ويظهرون بوضوح هيمنتهم على البلد بالرغم من غضب وغليان الشارع، وبالرغم من تضامن بعض النواب على الأرض، بل أكثر من ذلك، فإنهم يسيطرون على القرار اللبناني بمعايير حزب الله وخير دليل على ذلك زيارة وزير خارجية ايران (اللهيان) ليؤكد ان الورقة بيد ايران وحزب الله والاستشراس ما هو إلا رسالة لوقف التمادي والتصرّف بالتوقيت الذين يريدونه".
أما بموضوع ربط الملفات فيقول بشير، "الأمر معروف، فعندما يريدون اعطاء شرعيّة وقوننة للملف، يعطون غطاء شرعيًا لتصرّف غير شرعي".