يحتفل المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق (وهو احد اهم مراكز الدراسات التابعة لحزب الله) في الذكرى الثلاثين لتأسيسه بشكل رسمي يوم الخميس المقبل ياحتفال حاشد برعاية الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله في قرية الساحة التراثية في الضاحية الجنوبية لبيروت، وهذا الاحتفال يشكّل اطلالة مهمة على مسيرة المركز الاستشاري كونه يعتبر أحد أبرز مراكز العقول المفكّرة داخل حزب الله وهو جسر التواصل والحوار مع مئات المفكرين والباحثين من لبنان والعالم العربي والاسلامي وعلى الصعيد العالمي .
فما هي أهمية هذا المركز البحثي المهم في مسيرة حزب الله؟ واي دوره يلعبه على صعيد التفكير والبحث والحوار مع النخب اللبنانية والعربية والعالمية؟
رغم ان الدعوة للاحتفال اشارت الى الذكرى الثلاثين لانطلاقته، ففي الواقع قد بدأ عمل المركز في الثمانينات من القرن الماضي، وفي التعريف عن المركز في الموقع الرسمي له ورد مايلي حول دوره وتأسيسه:
المركز مؤسسة علمية متخصّصة، تُعنى بالأبحاث والدراسات الإستراتيجية والإنمائية والمعلومات، وتهتم بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية وتواكب المسائل الاستراتيجية والتحولات العالمية المؤثرة. تأسست في العام 1988، من قبل نخبة من الباحثين والمهتمين بالشأن العام، بهدف ترشيد السياسات ومواكبة القضايا العامة محليًا، إقليميًا ودوليًا، وتحليل أحداث وقضايا المنطقة وشؤون وشجون العالم المعاصر.
يولي اهتمامًا خاصًا بالسياسات الأميركية وتحولات النظام العالمي والعلاقات بين العالمين العربي والإسلامي والغرب، والحركات الإجتماعية الدولية، مع التركيز على المسائل المرتبطة بفلسطين والمقاومة. كما يهتم بقضايا التنمية الإجتماعية والإقتصادية ومكافحة الفقر، ولديه مسار متكامل لمواكبة المشاريع الحكومية ومراجعتها وتحليل السياسات العامة، وتقديم رؤى اصلاحية بديلة على الصعد السياسية والاقتصادية والقانونية. يعمل على تقديم فهم دقيق ومتوازن وعميق إلى الرأي العام بشأن قضايا بارزة.
بدأ المركز عمليًا الاهتمام بالقضايا التنموية وكان من مؤسسيه الحاج حسين الشامي (احد الاعضاء السابقين في شورى الحزب ومؤسس القرض الحسن ورئيس هيئة دعم المقاومة الاسلامية) ومن ثم تولى العمل في ادارته النائب الدكتور حسين الحاج حسن، ولاحقا وبعد توسعة نشاطاته وادواره تولى ادارته المهندس نايف كريم الذي تولى لاحقا مسؤولية الاعلام في الحزب، ومن ثم تولى الادارة النائب الدكتور علي فياض، في حين يتولى ادارته اليوم الدكتور عبد الحليم فضل الله، ويستعين المركز بهيئة علمية إستشارية تضم كلا من: الدكتور محمد طي (وهو ايضًا نائب المدير)، الدكتور نجيب عيسى، الاستاذ غالب ابو مصلح، الدكتور محمد كاظم المهاجر، الاستاذ وليد شرارة، الاستاذ قاسم عز الدين، الدكتور حبيب فياض، والدكتور حسن جوني.
على مدار سنواته الثلاثين استطاع المركز ان يتحول الى احد اهم مراكز التوثيق والدراسات في لبنان رغم ان مركزه الاساسي تعرض في العام 2006 للتدمير من قبل العدو الصهيوني خلال حرب تموز وتم تدمير مكتبته الورقية ولكنه احتفظ بأرشيف المعلومات والوثائق الالكترونية، وتمّت اعادة بناء المكتبة الورقية والتي تضم الاف الكتب، اضافة للمكتبة الالكترونية والتي تضم ملايين الوثائق والدراسات والابحاث.
وشكّل المركز على مدار كل هذه السنوات احد اهم مراكز العقول والتفكير في حزب الله من خلال الدراسات والمؤتمرات والندوات والورش التي يعقدها، اضافة الى تقديم الاستشارات الفكرية والعلمية والقانونية لمسؤولي الحزب ونوابه ووزرائه، وهو يتولى ايضًا المساعدة التقنية والعملية في الانتخابات النيابية من خلال التدريب واعداد الدراسات والاحصاءات.
لكن الدور الاهم الذي لعبه ويلعبه المركز الى يومنا هذا كونه يشكل احد مراكز وجسور الحوار مع النخب اللبنانية والعربية والاسلامية والعالمية، سواء من خلال اللقاءات التي تعقد في المركز او من خلال العلاقات ومشاركة المسؤولين فيه في المؤتمرات العربية والاسلامية والدولية، وقد ساهم المسؤولون فيه بالحوار مع النخب العالمية التي كانت تعنى بمواجهة العولمة، اضافة لتعزيز الحوار الاسلامي- الاوروبي والحوار العربي – الايراني، وغير ذلك من القضايا العربية والعالمية.
اصدارات المركز قسمان، الاولى علنية وهي مفتوحة للجمهور واصحاب الاهتمام من الباحثين، والثانية خاصة بقيادة الحزب والمسؤولين فيه، بحيث يعتبر مركز البحث الاساسي في الحزب، على غرار مراكز الابحاث والدراسات في اميركا واوروبا وبعض الدول العربية والاسلامية.
وقد تكون رعاية الامين للحزب السيد حسن نصر الله للاحتفال في الذكرى الثلاثين لتأسيسه الرسمي رسالة واضحة لاهمية المركز ودوره في مسيرة الحزب.
يهتم المركز اليوم بالدراسات القانونية والتنموية والاستراتجية والسياسية، ويصدر عشرات الدراسات والابحاث واوراق العمل، اضافة لورش التدريب المستمرة وشبكة العلاقات الواسعة التي يقيمها في لبنان والخارج .
وهذا المركز يضاف الى سلسلة مراكز الدراسات والمؤسسات العلمية والفكرية والبحثية ومؤسسات التفكير داخل حزب الله والتي تساهم في صنع القرار ومواجهة مختلف التحديات، ومن هنا يكمن سر نجاح الحزب خلال الاربعين سنة منذ تأسيسه الى اليوم ورغم أهمية قيادة الحزب ودورها في ادارة الحزب وقيادته في مختلف المحطات الهامة، فان وجود المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق اضافة لبقية المؤسسات والهيئات يعتبر احد اهم اسباب نجاح الحزب في مسيرته حتى يومنا الحالي.