بدأ الشغور الرئاسي في البلاد يطول، وبدأت معه الأسماء والتشاورات تفور على نار حامية بعد عطلة الأعياد. المطلوب واحد: رئيس للجمهوريّة اللبنانيّة يُعيد البوصلة لبناء دولة في بلد طالته مآسي الدنيا كلّها، وتفكّكت مؤسساته وغابت عنه العدالة.
يوم أمس الأحد خرجت مواقف ناريّة شديدة اللهجة وحازمة. فقد أكّد رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع رفض وصول أي مرشح تابع لمحور الممانعة والثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) إلى سدّة الرئاسة الأولى "لا سليمان فرنجية ولا غيره"، في حين جدّد البطريرك الراعي وضع ملف الشغور الرئاسي في إطار "مُخطّط قيد التحضير لخلق فراغ في المناصب المارونية والمسيحية".
العلم اللبناني في القصر الجمهوري لا يزال منكّسًا، والكرسي الرئاسي لا يزال فارغًا، والتخبّط السياسي في أوجّه، فماذا في الرسائل ومن هو المُستهدف؟
رسالة واضحة للخيارات المُستحيلة
وللوقوف عند المواقف الأخيرة وآخر المستجدات في ملفّ الشغور الرئاسي، يقول مسؤول جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية شارل جبور في حديث لـ"جسور عربية" ان جعجع وجّه رسالة واضحة المعالم بأن قواعد الحياة الدستورية البرلمانيّة تقتضي اللجوء الى انتخابات رئاسيّة وليس الى تعطيل المسار البرلماني، عن طريق وضع اللبنانيين أمام خيارات مستحيلة لناحية إما رئيس من قوى "8 آذار" وإما استمرار الشغور".
ليضيف جبور بأن "الرسالة واضحة بصفر إمكانيّة لأي تسوية على اسم من قوى 8 آذار، وبأنه يجب الخضوع لما ينصّ عليه الدستور لجهة أن تكون انتخابات بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وأي رئيس من 8 آذار ينجح الفريق الآخر بايصاله لا يمكن القبول به، فهذا يعني حتمًا استمرار الأزمة الماليّة وعلى الفريق الآخر أن يُدرك بأن استمرار إمساكه في المؤسسات يعني استمرار الأزمة المالية فضلا عن العزلة الخارجية".
مشاورات.. وتفاصيل "لا يمكن الكشف عنها"
وينقل جبور تصوّر جعجع وتساؤله: "هل يُعقل أن يكون هناك فريق سياسي مصرّ على استمرار الانهيار؟" ويضيف: "طريق الخروج من الانهيار هو الوصول الى رئيس انقاذي قادر على وضع سياسات داخليّة وخارجيّة تُخرج لبنان من أزمته الحاليّة ولا يمكن البقاء في هذه المُراوحة من خلال رئيس من 8 آذار".
ويشير إلى ان"كل الخيارات على طاولة المعارضة مطروحة من أجل منع إطالة الشغور أولا، ومنع وصول رئيس من 8 آذار، وكل هذه الأمور متواجدة على طاولة المشاورات بين مكوّنات المعارضة وتفاصيل إضافية لا يُمكن الكشف عنها وهي تُبحث داخل أروقة المعارضة السياسيّة".
للدفع.. محليًّا
ويعتبر جبور في حديثه لـ"جسور عربيّة" انه "لغاية اللحظة لا يمكن الكلام عن مساعِ خارجية جديّة بدواعي انشغال الخارج بهمومه وأولياته في ظلّ حرب روسيا على أوكرانيا وانشغال الأوروبيّين فيها وبملفات أخرى، ولا يمكن الكلام عن ضغوط خارجيّة أو عن مساع يمكن أن تُسفر الى أي مُعطى جديد"، ليشدّد ان الأساس هو الدفع محليًّا باتجاه الخروج من هذا الشغور نحو انتخابات رئاسيّة.
المطلوب إنقاذ البلد
وردًا على سؤال حول الحلول في ظلّ هذه العقبات، يرى جبور ان "الحلّ هو بالتفكير بمُبادرات، وهذا ما تقوم به المعارضة وما ألمح اليه جعجع لمنع إطالة أمد الفراغ والرسالة واضحة بأنه مُخطىء من أصرّ على اطالة أمد الفراغ بهدف الرهان على إيصال رئيس من 8 آذار، لذلك نحن أمام خيارات مفتوحة لأن المطلوب انقاذ لبنان واللبنانيين من الواقع المأساوي الذي يعيشونه".
المُستهدف.. كل مواقع الدولة!
وشدّد جبور ان "كل مواقع الدولة اليوم أكانت إسلاميّة أم مسيحيّة هي مواقع مُستهدفة لأن المُستهدف اليوم هي الدولة في لبنان والمؤمنين بقيام دولة فعليّة ومشروع دولة، ولذلك لا يمكن حماية هذه المواقع الدستوريّة المسيحيّة والإسلاميّة الا من خلال إعادة إنتظام العمل المؤسّساتي عن طريق انتخاب رئيس للجمهوريّة يُكلّف رئيس الحكومة من خلال استشارات نيابيّة مُلزمة ويُصار بعدها الى تأليف حكومة تُنظّم أمور الدولة لتستعيد المواقع الدستورية وضعيّتها ومواقعها".
ويختم قائلا: "منعًا لهذا الشغور المُتمادي للمواقع المسيحيّة والإسلاميّة، يجب الذهاب فورًا الى انتخاب رئيس للجمهورية يؤمن بالدستور والمصلحة الوطنية وأن تكون هذه الانتخابات الرئاسية بيئة حاضنة للمواقع الأخرى مع بيئة شعبيّة اولويتها قيام المؤسسات في لبنان".