سواء كنت طالباً أو موظفاً أول ما قد تقوم به في الصباح الباكر بعد الاستيقاظ هو تناول القهوة. مشروب شعبي يستمتع باحتسائه ملايين البشر يومياً وترتبط بداياته بقصة تعود لزمن غابر، حين لاحظ أحد الرعاة في غابات إثيوبيا أن الماعز يتنقل بحماس والبعض الآخر يرقص عند تناولهم أوراقاً من شجرة صغيرة، فانتابه الفضول وقرر أن يأكل منها وسرعان ما بدأ قلبه ينبض وعقله ينشط.

فمن أطلق هذا المشروب إلى العالم وهل فعلاً سيصبح حكراً على الأغنياء فقط؟

لا يُعرف متى بدأ البشر بتناول بذور البن تحديداً، إلا أن الأورومو في إثيوبيا كانوا أولهم، وهم اشتهروا بسحق حبوب البن والأوراق منذ آلاف السنين فضلاً عن خلطها مع الدهون لإنشاء ألواح قديمة للقهوة. عبرت هذه الحبوب البحر الأحمر للمرة الأولى في منتصف القرن الخامس عشر، وذلك مع الأورومو الذين كانوا ينتقلون من إثيوبيا إلى مدينة المخا الساحلية التي تعرف اليوم بدولة اليمن. وهناك، استغل الصوفيون المسلمون البن للبقاء أثناء صلاة الليل الطويلة.

ولدت هناك أكثر أنواع القهوة شيوعاً وسمّيت بالقهوة العربية، وتشكل اليوم نحو 60% من إمدادات القهوة حول العالم وباتت جزءاً من الروتين البشري مع أنواع مختلفة من البن مصدرها دول أخرى. وعلى الرغم من ارتفاع الطلب على القهوة في العالم، فهو لم يعد متاحاً كالسابق وبات توفره بشكل مستمر أمراً صعباً، بعد تأثر السوق بالتغير المناخي وجنون أسعار الطاقة خصوصاً في الدول الأوروبية. شهد السوق الأوروبي ارتفاعاً هائلاً في أسعار القهوة مطلع عام 2022، وعاودت الإرتفاع بنسبة تترواح بين 17-35% بعد أشهر ما دفع بالخبراء العالميين إلى إعلان حالة طوارئ بشأن هذا المشروب وتوقعوا أن يتحوّل إلى منتج متاح للأغنياء فقط في المستقبل.

تغيرات جذرية يشهدها كوكب الأرض تفرض على البشر تعديل نمط حياتهم والبدء بكسب عادات جديدة تناسب مجريات الكون الحالية!