في مشهد ليس الأول من نوعه في لبنان، ألقى مجهولون مساء الأحد، قنبلة باتجاه مبنى قناة الـLBCI في محلة أدما في كسروان، وأدى انفجارها الى التسبب بأضرار مادية.
وفي السياق، أكدت المؤسسة تمسكها بكشف حقيقة ما حدث، وثقتها بكل الأجهزة الأمنية التي باشرت التحقيقات فوراً"، مشددة على أنها "ستكون كما كانت دوماً، منبراً للحرية والدفاع عن لبنان".
وبحسب التحقيقات الأولية وما أظهرت كاميرات المراقبة، تم الاشتباه بشخصين كانا على متن دراجة نارية، وعُثر على الحلقة التي تكون في القنبلة قبل نزعها. إلّا أن التحقيقات مستمرة كما المسح الشامل في محيط مبنى الـ LBCI للعثور على أي دليل يمكن أن يقود الأجهزة الى منفذي العملية.
"تعا قلو بيزعل"
ويأتي هذا الإعتداء تزامنًا مع هجوم كبير يتعرض له البرنامج الكوميدي الجديد "تعا قلو بيزعل" الذي تعرضه القناة، وهو من بطولة الثنائي الكوميدي محمد الدايخ وحسين قاووق. وفي أحد مقاطع الحلقة الأولى من البرنامج، يحاول الممثلان تعليم الناس "اللغة الشيعية" على حد تعبيرهما، ما اعتبره البعض يحمل إساءة للطائفة، و"تنميط للبيئة الشيعية بصفات لا تشبهها".
لكن الأمر لم يقتصر على الحملات والهجوم الإلكتروني، بل تعداه إلى التهديد بالقتل علنا على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال الاتصال مباشرة بالممثلين بعد تعميم رقميهما.
والجدير ذكره أن الممثلَين ينتميان إلى الطائفة الشيعية ويعيشان في منطقة ذات الأغلبية الشيعية، بحسب ما قالا على صفحاتهما على مواقع التواصل الإجتماعي.
قمع مستبد
إلى ذلك، اعتبر الصحافي اللبناني والمسؤول الإعلامي في مؤسسة "سمير قصير"، جاد شحرور، أن "الإعتداء الذي حصل على الـLBCI ليس الأول من نوعه، فمؤسسات إعلامية كثيرة في لبنان تعرضت للإعتداء خلال مراحل سياسية سابقة، وفي ظل موجات إعلامية أحدثت نقاشا سياسيا إجتماعيا في البلاد".
وقال في حديث لـ"جسور"، "أي تعد على أي مؤسسة إعلامية هو حتما مرفوض ويتعارض مع فكرة حرية الرأي والتعبير، ويؤكد أننا في بلد "يدعي" الديمقراطية وتسيطر عليه حال من القمع المستبد كفكرة أو ذهنية موجودة لدى السلطة والناس".
وتابع: "الهجوم الذي شُنّ على الممثلَين محمد الدايخ وحسين قاووق أيضا ليس الأول من نوعه، وسبق أن نُفّذ على عدد من البرامج والتلفزيونات والمواقع والصحف، وذلك يؤكد أن ذهنية تقبل الآخر والنقد ليست مرسخة في أذهان جميع اللبنانيين، بالرغم من حملات التوعية التي تقوم بها شخصيات إجتماعية وسياسية وفنية وجمعيات، مستندة على ما جاء في الدستور اللبناني".
وعن تهديد الممثلين بالقتل، قال شحرور، "يجب أن يُتخذ دائما على محمل الجد قبل أن يصبح نمطاً سائداً في لبنان"، مشيراً إلى أنه "لم يُجرَ يوماً تحقيق جدّي ينصف الشخص المُهدد، إن كان ممثلا أو إعلاميا أو سياسيّاً أو غيره، وبالتالي ما حصل الأحد مع الـ"LBCI" يجب التعامل معه على أنه مشهد خطر، وامتحان للأجهزة الأمنية إذا كانت قادرة أن تكشف وتحاسب المرتكب أم لا".
وأضاف، "أكثر من عشرة صحافيين تم اغتيالهم منذ سبعينيات القرن الماضي حتى اليوم، ولم نعرف حتى اليوم من قتلهم ولماذا".
وفي سياق آخر، رأى أنه "لا يمكن اعتبار أي طائفة مع القمع أو ضده، لأن سياسة التعميم هي من الأخطر، لكن ما يمكن تأكيده أن هناك جهازا أمنيّاً غير قادر أن يحمي الدستور".
تدهور الحريات
ومنذ أقل من شهر، ألقى مجهولون قنبلة "مولوتوف" على مبنى تلفزيون "الجديد" اللبناني، وذلك على خلفية فيديو ساخر نشرته المحطة ضمن البرنامج الكوميدي "فشة خلق".
وقبلها، تعرضت قناة الـ"MTV" اللبنانية إلى إطلاق نار وهجوم ممنهج بعد مشادة كلامية أدت إلى تضارب بين الجمهور في برنامج "صار الوقت" الذي يعرض على القناة.
ورغم أنّ لبنان يُعتبر من البلدان الأكثر حرية في المنطقة العربية، تدهورت حرية التعبير والحريات الإعلامية في البلاد خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير.