منذ الاتفاق الايراني – السعودي برعاية صينية والعلاقات الايرانية- السعودية تشهد تطورات ايجابية مهمة في كل المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية والدينية بحيث يمكن القول: اننا اليوم أمام تقارب ايراني- سعودي قد ينعكس لاحقا على مقاربة الملفات الاقليمية ومنها ملف اليمن وسوريا ولبنان، ومع ان ذلك قد يحتاج الى بعض الوقت لكن من الملفت انه بموازاة التقارب السعودي- الايراني نشهد تقاربًا سوريًا – سعوديًا وجرى الاعلان عن اعادة فتح السفارات بين البلدين قريبا .
لكن يبقى السؤال المهم : متى تنعكس هذه الاجواء الايجابية على الملف اللبناني؟ وهل يمكن أن نشهد تقاربا او حوارًا بين حزب الله والمملكة العربية السعودية قريبا وأن يساهم ذلك في معالجة الازمة اللبنانية؟
رغم أن المسؤولين الايرانيين والسعوديين أكدوا في العديد من المناسبات ان الملف اللبناني يحتاج الى حوار بين اللبنانيين لكن من الطبيعي أن أي تطور ايجابي بين البلدين ستكون له لاحقا انعكاسات ايجابية على مواقف الاطراف اللبنانية، وقد بدأنا نلاحظ تراجع الحملة على السعودية من قبل مسؤولي الحزب، وكذلك تراجع الحملة التي كانت تشنها بعض وسائل الاعلام القريبة من المملكة على الحزب، كما ان استمرار الهدنة في اليمن ومتابعة الاتصالات للوصول الى اتفاق شامل حول ملف الازمة اليمنية قد يشكّل مدخلا مهما لمقاربة سعودية جديدة تجاه لبنان وحزب الله، خصوصا ان أحد الاشكالات التي كانت تتحدث عنها السعودية وبعض دول الخليج حول علاقة حزب الله بحركة انصار الله في اليمن والدعم الذي يقدمه لها كذلك الحملات الاعلامية التي كانت تشن على السعودية ودول الخليج من بعض المنابر الاعلامية في لبنان.
والمعروف أن العلاقة بين حزب الله والسعودية ليست جديدة وكان هناك تواصل بين الطرفين في العديد من المراحل وخلال الازمات، ولعبت السعودية بالتعاون مع ايران وفرنسا ودول اخرى دورا مهما في مشاركة حزب الله في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري واستقالة حكومة الرئيس عمر كرامي، كما شجّعت السعودية حصول الاتفاق الرباعي بين حزب الله وتيار المستقبل وحركة امل والحزب التقدمي الاشتراكي في انتخابات العام 2005، اضافة للتقارب السعودي مع حزب الله خلال السنوات التي تلت الانتخابات وزيارة وفد من الحزب برئاسة نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم السعودية واللقاء مع الملك عبد الله والتوصل الى اتفاق لمعالجة بعض الملفات اللبنانية.
كما كانت هناك علاقات جيدة بين عدد من السفراء السعوديين في بيروت وحزب الله ، وشارك هؤلاء في نشاطات ثقافية واجتماعية في الضاحية الجنوبية لبيروت، لكن هذه العلاقات تدهورت في آخر عشر سنوات أي بعد الازمتين السورية واليمنية والاتهامات التي كانت توجهها السعودية لحزب الله بالمشاركة في الحرب اليمنية وغير ذلك من اتهامات بتصدير المخدرات الى دول الخليج ( بغض النظر عن صحة هذه الاتهامات ) او دعم مجموعات المعارضة الخليجية، كما ان المسؤولين في الحزب شنوا حملات قاسية ضد السعودية واتهموا المسؤولين السعوديين بدعم المجموعات الاسلامية المتشددة والتي كانت تنفذ اعمالا ارهابية في لبنان والعراق وسوريا وايران ودول اخرى .
لكن اليوم وبعد التقارب الايراني- السعودي والهدنة في اليمن والتقارب السوري- السعودي، يمكن ان تصبح الاجواء أكثر مناسبة لانعقاد حوار بين السعودية وحزب الله والبحث في الملفات المشتركة ومعالجة القضايا العالقة وفي حال حصل هذا الحوار قد تكون له انعكاسات ايجابية على معالجة الازمة اللبنانية ولا سيما الملف الرئاسي وتشكيل حكومة جديدة وتنفيذ خطة الاصلاحات المطلوبة .
فهل سنشهد مثل هذا الحوار المباشر ؟ ومن هي الجهة التي يمكن ان تأخذ زمام المبادرة لاطلاق هذا الحوار؟