فنونٌ قتاليّة، وعروضُ رِماية وقنصٍ، وتفجيرُ عُبواتٍ وصواريخ على الأكتاف، وطائرات مُسيّرة تقصف أهدافاً.. هذا جزءٌ من المناورة الهجوميّة التي استعرضها حزب الله يوم الأحد الماضي، بُمشاركة 200 عنصر من مُقاتليه، بينهم عناصر من الفرقة الخاصّة المعروفة بـ"فرقة الرّضوان".
حاكت المُناورة عبورَ الحدود مع فلسطين المُحتلّة، وأسرِ جنودٍ إسرائيليين، على مرأىً من مئات الصّحافيين وعدساتهم اللبنانيّة منها، والعربيّة والأجنبيّة. اختارَ الحزبُ منطقة "عرمتى الجزيّنيّة" الواقعة على بعد 20 كلم من الحدود مع فلسطين، والأهمّ أنّها في منطقة شمال الليطاني، أيّ خارج نطاق عمل قوّات الأمم المُتحدة الـ(UNIFIL).
مواقف رافضة وواشنطن تُراقب
ما كادت المناورة تنتهي، حتّى صدرَت مواقف ترفضُ المناورة من سيّاسيين، ونوّاب ومثقفين ونخبٍ سياسيّة لبنانيّة، لا سيما من قبل القوى المُعارضة للحزب التي اعتبرَتها إمعاناً في ضرب الدّولة اللبنانية، وتأكيداً على أن الحزب هو دويلةَ داخل الدولة، وهذا يُناقِضُ القررات الدوليّة واتفاق الطّائف والمقرّرات العربية في إعلان قمة جدّة.
على التّوازي، أشارت مصادر البيت الابيض لـ "جسور" إلى أنّ الولايات المتحدة تُتابع "عن كثبٍ" المُناورة العسكرية وحشد المئات من مجنّدي حزب الله، بالإضافة إلى عتادٍ جديد استحوذَ عليه الحزبُ في مشاركته في الحرب السّوريّة كالدّبابات وناقلات الجندِ وبعض المدافع وراجمات الصّواريخ.
تتابع المصادر: "أظهرت الصور إمكانية أن يغزو الحزب لبنان، لكن على الرّغم من حقيقة الأمر، فهذه الاستعراضات تدخل في إطار الحرب النّفسيّة للدّاخل والخارج. الولايات المتحدة تستخدم تلك التدريبات كمصدر قيّمٍ للمعلومات، ويمكن رؤية معدّات متطوّرة وأسلحة مضادة للطّائرات المُسيّرة وبندقية تشبة الأسلحة الإسرائيلية في الصور والمقاطع الفيديو الخاصة بالحدث.
أكدت مصادر
البيت الابيض أنّ
واشنطن "تُدرك تماماً أنّ الحزب يريد إرسال رسائل سياسية وعسكرية للداخل اللبنانيّ والخارج، بالتّالي تتحمّل الحكومة اللبنانية مسؤوليّة فرض سلطتها على كافة أراضيها والالتزام بالقررات الدوليّة. إذ إنّ
حزب الله عمل على إقامة أكثر 16 موقعا العام الماضي داخل المناطق الحدودية اللبنانية تحت مسمّيات مختلفة وهذا، بحسب المصدر، انتهاك للقررات الدوليّة والسّيادة اللبنانيّة.
كما كشفَ المصدر أنّ تقارير موثقة في الأمم المتحدة ترصد نشاطاً لعناصر من "
حزب الله" في جمع المعلومات والصّور ومراقبة تحركات "الجيش الإسرائيلي" و" اليونيفيل" في المنطقة الحدوديّة.
وعن امتلاك الحزب لأسلحة وعتاد أميركيّ، أشارت المصادر إلى أنّها ليست المرة الأولى التي ينتهي فيها سلاح أميركيّ سُّلم لحكوماتٍ عربية أو صديقة و انتهى بها المطاف في السّوق السوداء وصارَت بأيدي الملييشيات. كثيرٌ من الصّور أيضاً أظهرت أن ميليشيات الحشد الشّعبي تحملُ سلاحاً أميركيّاً أيضاً.
مناورات هزلية
يقول الباحث الاستراتيجي والسّياسي السّعودي الدكتور محمّد الحربي في حديث لـ"جسور إنّ "هذه مناورات هزليّة" لا تعبّر عن قوة ولا تعبر عن توزانٍ في الرّدع. كثيرٌ من الأسلحة بدائيّة وتقليديّة مثل صواريخ "كاتيوشا" و"غراد"، تأتي في خِضمّ أزمة الفراغ الرّئاسيّ والأزمة الاقتصاديّة اللبنانيّة.
ويضيف أنّ هذه رسائل فقط مُوجّهة للداخل لجعلها ورقة ضغطٍ في الملفّ الرّئاسيّ. يعتقد أنّ الحربَ بين الحزب وإسرائيل لن تكونَ مُتكافئة بسبب قوّة سلاح الجوّ الإسرائيليّ ويقول:" وباستطاعتها أن تضرب الحزب في 24 ساعة".
لا يعتقد الدّكتور محمد الحربي أنّ الحزبَ وجّه رسالةً لجامعة الدّول العربيّة ويقول:" المناورة فقط لاثبات الوجود داخليّاً وأنّ الحزبَ لا يزال جيشاً موازيّاً للجيش اللبنانيّ".
موجة انتقادات عربية
يقول المُستشار الإعلامي والباحث في العلاقات الدّوليّة عبد الله بن خالد الودعاني في حديث لـ"جسور": "
حزب الله هو ميليشيا تسعى للتّخريبِ في المنطقة بدعمٍ من إيران، و بعد المصالحة السّعودية – الإيرانيّة، اختلفت الأوضاع.
وكشفَ أنّ من أبرز بنود الإتفاقية هو توقف إيران عن دعم المليشيات الإرهابية التي تسعى لتدمير الدّول العربيّة، ومنها
حزب الله في لبنان. بعدَ المصالحة سنشهد في المرحلة المُقبلة تقلّص نفوذ الحزب.
.
وتابع: "لا شكّ أن المملكة العربيّة السعودية ودول الخليج العربيّ تمتلكُ الحرصَ على الحدّ من الأعمال التخريبية في المنطقة. ظهرَ هذا في القمة العربيّة التي ناقشت كل ما يهدد الأمنن العربيّ. كما تناولَ ولي العهد السّعودي هذا الشأن في كلمته حين قال: "لن نقبل أن تكون منطقتنا ميدانًا للصّراعات".