Jusur

أرمينيا .. ساحة استراحة روسية وممر إلزامي لطهران

مع اشتداد الحصار على الجمهورية الإيرانية بسبب العقوبات الدولية يبدو أنّ يريفان باتت المخرج الطبيعي لطهران التي تعيش في عزلة دولية وتفرض الدول الغربية عقوبات على مصارفها بهدف وقف برنامجها النووي.
الدولة المحاصرة وجهت أنظارها إلى أرمينيا بعدما كانت لاعبًا مميزًا في حرب كاراباخ السابقة بين الآذريين والأرمن واليوم أصبحت تتسلل للتفلت من العقوبات.
 
إلتفاف إيراني على العقوبات
 
استغل الإيراني الفجوات في القانون الأرمني الذي يسمح بإرسال بعثات طلابية للدراسات في مدن ارمينيا وفتح حسابات لهم كي يقوموا بتسديد الأقساط الجامعية عبر البنوك بطريقة قانونية ممّا خول هؤلاء الطلاب فتح شركات في أرمينيا واستخدامها لصالح الدولة التي تريد الحصول على مواد وسلع خارجية في ظل التعقب للشركات الايرانية .
واستطاعت ايران بواسطة علاقتها الجيدة مع الدولة الارمينية تأمين حجوزات السياح في الفنادق ودفع أموال مباشرة أو غير مباشرة وهذا ما أمّن لفترة طويلة نوعًا من الاستقرار بالوصول الى الأسواق لتأمين حاجات الناس اليومية عن طريق الأسطول البري الذي كان ينقل الرحلات السياحية يوميًا الى أرمينيا من ايران عبر معبر نوردوز البري غير الخاضع للتفتيش والذي يعتبر ممر التهريب بين الدولتين حيث بقي الوضع على ما هو عليه حتّى العام 2021 عندما استعادت أذربيجان قسمًا كبيرًا من مناطق النزاع في إقليم كاراباخ.
لم يقفل باب التهريب من يريفان الى طهران بل باتت العمليات صعبة جدا بعد تحصين الحدود من قبل الآذريين وأسهم إقفال معبر نوردوز نحو أرمينيا الحدودي في فرض واقع جديد من معاناة عبور السائقين الإيرانيين خلال عمليات الترانزيت ودفع الضرائب الإضافية ما من شأنه تغيير خارطة نقل الترانزيت في المنطقة بشكل كامل وجعل الوضع اكثر تأزماً بالنسبة للداخل الإيراني.
 
روسيا والساحة الارمنية
 
لكن مع بداية الحرب الروسية الاوكرانية التي عكست نفسها على أرمينيا حيث استقبلت أرمينيا وفودا كثيرة من النظام الروسي الذي توجه نحوها في محاولة للالتفاف على العقوبات والعمل فيها واستخدام قانونها التجاري الذي يسمح للشركات العمل مع الخارج بحرية لأنّ العقوبات ليست على أرمينيا ، حاولت الشركات استخدام القانون المتبع بين الجمهوريات ذات الاتفاق الاقتصادي والتي تدخل ارمينا فيه إلى جانب روسيا بإعادة تسجيل الشركة في وزارة الاقتصاد وغرفة التجارة الارمنية كونها شركة تعمل كفرع للشركة الروسية وتم تسجيل خمسين ألف شركة وواحد وعشرين ألفاً كأفراد في بيوت ، لكن الشركات لم تستطيع استخدام التجارة مع الخارج نظرا لسيطرة العقوبات على تحرك الشركات الروسية والدول التي يمكن العمل به في حرية .
لكن الروس استفادوا على حساب الزمن مرّة جديدة من خلال تفعيل الاتفاقيات بين الدولتين في استخدام الروبل الروسي في البيع والشراء ، مما سبب انهيار العملة الارمنية الدراخما مباشرة على حساب الاستفادة الروسية . وهذه الامور وضعت الاقتصاد الأرمني في أزمة لصالح الروسي حيث ارتفعت أجور الخدمات والشقق وتزايد الاعداد الروسية في ارمينيا حيث باتت تلوح في الافق ازمة البطالة وانهيار واضح في الأعمال والنقد، وخاصة وأن كورونا قد منعت السياحة وجاءت الحرب الاوكرانية لتمنع سفر الغربيين المتجهين لاوكرانيا لكون أرمينيا أصبحت منافسًا روسيًا وصينيًا بكل معنى الكلمة.
 
ولم يكتف الوضع الاقتصادي الصعب نتيجة الحصار ونتيجة الالتفاف على العقوبات من طهران وموسكو ، بل زاد الطين بلّة على الانهيار وتعدّى ذلك الى طبيعة القوانين الموروثة من زمن الاتحاد السوفياتي التي تسمح بتملك المصانع والمؤسسات لمدراء ممن يملكون ستين بالمئة والعاملين بحوالي أربعين بالمئة وبالتالي عند الانهيار يصبح المدراء هم من يشترون المؤسسة لصالحهم كونهم يملكون الحصة الاكبر وهؤلاء المدراء روس او من هم مقربون من المخابرات الروسية .
 
إذا، أرمينيا باتت ساحة للاستراحة الروسية بعيدًا من العقوبات والفوضى، وممرًا إلزامياً لتخطي العقوبات الايرانية حيث بات الشارع الارمني يطالب بالخروج من اتفاقية الأمن الجماعي التي لا تؤمن لهم حماية أراضيهم بسبب تقاعس روسيا عن المساعدة نتيجة حماية مصالحها الخاصة في القوقاز . بالوقت الذي يوجد مسعى من قبل الساسة الارمنيين وتحديدا من قبل رئيس الوزراء الحالي نيكولا باشيشيان بالذهاب الى بروكسل للاستفادة من وساطة أوروبية في ظل معارضة روسية واضحة.
الكلمات الدالة
أرمينيا .. ساحة استراحة روسية وممر إلزامي لطهران
(last modified 24/05/2023 11:35:00 ص )
by