في وقت تترقّب الأوساط السياسية العراقية الإعلان عن التحالفات الجديدة للأحزاب لخوض الانتخابات المحلية (مجالس المحافظات) المرتقبة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، كشف الباحث في الشأن السياسي العراقي، غانم العابد، عبر "جسور" عن تغييرات سياسية من المرجّح أنها ستؤثر على توزيع الخارطة الانتخابية في التنافس المقبل على مقاعد مجالس المحافظات، بعد توسّع "التشققات" داخل "الإطار التنسيقي" ككل وفي بعض كتله أيضاً، بما يشكل "مفاجأة غير معتادة".
وبدأت اللقاءات والاجتماعات بين قادة الكتل والأحزاب السياسية منذ أيام، لكن لم يُعلن حتى الآن عن أي تحالف بصورة رسميّة لأسباب عدة، من بينها غياب الثقة بين الأحزاب التقليدية، فيما لم تتفق الأحزاب المدنية والجديدة على صيغة عمل واضحة جرّاء اختلافات في وجهات النظر. لكن تأكيدات تفيد بافتراق قوى "الإطار التنسيقي" المكوّن من الأحزاب والمليشيات القريبة من إيران، إضافة إلى انتقالات وتبدلات في مواقف أطراف تحالف "السيادة".
تحالف جديد
ويقول العابد لـ "جسور"، إن "تحالفاً سياسياً جديداً باتت ملامحه شبه واضحة سيخرج من عباءة "الإطار التنسيقي" يضم مبدئياً ثلاثة أطراف ستشكل أشبه ما يكون بالند للإطار الذي تفرّد بزعامته رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي".
ويضيف: "يعيش "الإطار التنسيقي" المظلة الجامعة للأطراف السياسية الشيعية هواجس ومخاوف كبيرة من الفاعل الخارجي بعد مرور ثمانية أشهر من عمر حكومة محمد شياع السوداني، ويدركون فقدان الرضى الأميركي عليها بدليل أنه لم يُمنح الموافقة لحد الآن لزيارة واشنطن على عكس كل رؤوساء الحكومات السابقين".
سبب آخر أن بعض أطراف الإطار التنسيقي بدأت ترى وفق العابد، أن هناك نوع من التمرّد أو التفرّد بأخذ القرارات يقوم بها رئيس الحكومة بعيداً من خيمة الإطار ومحاباته طرف محدد (عصائب أهل الحق) على حسابهم، مما فسّره بعض أطراف الإطار أن السوداني لديه رغبة كبيرة بالاستفادة من منصبه وتشكيل ثقل سياسي كبير له تمهيداً للانتخابات المحلية المقبلة أو النيابية ليكون له الثقل الأكبر في مقاعد الشارع الشيعي.
أضف الى ذلك تنصّل حكومة السوداني من اتفاق تحالف إدارة الدولة والذي شكلت بموجبه حكومته من تنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع البيتين السني والكردي.
إيقاف طموح السوداني
هذه الأسباب، أدت بحسب ما أكد العابد لـ "جسور" إلى قيام بعض أطراف "الإطار التنسيقي" بتحركات سريّة (حتى مع الأطراف المتناقضة) من أجل الوصول والاتفاق لإنشاء تحالف سياسي شيعي (جديد) بمباركة ورضا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، يعمل على تصحيح الوضع القائم مع الولايات المتحدة ومحاولة إبعاد العراق عن شبح التدويل وكذلك إيقاف طموحات رئيس الحكومة.
على المقلب الآخر، وبصورة مفاجئة نشر موقع مليشيا (أهل الكهف) على موقعه في منصة التلغرام يوم 29 مايو/ أيار بياناً يطالب فيه مقاتليه بالخروج من محافظة نينوى ومدينة الموصل فقط دوناً عن بقية المحافظات "بشكل سريع بحسب ما تم الاتفاق عليه مسبقاً لمثل هكذا يوم" حسب وصفه.
وأضاف البيان الذي حُذف من الموقع بعد دقائق من نشره: "عودوا لبغداد والوسط والجنوب فقد نطلب منكم القيام بما تشتهيه نفوسكم الأبية".
واختتم البيان بإشادة بدور هؤلاء المقاتلين في استهداف وقصف القوات التركية في إشارة الى معسكر زيلكان في شمال شرق محافظة نينوى الذي تتواجد فيه القوات التركية.
وبيّن العابد، أنّ فصيل عراقي مسلّح جديد يحمل عنوان "كتائب الصابرين"، أعلن يوم 2 يونيو/ حزيران أنه سيقوم ببدء عملياته ضد القوات الأميركية المتواجدة في العراق قريبا وهذا الأمر أكدته بعض المواقع الأميركية المتخصّصة في الشؤون الاستخباراتية.
وتابع: "هذه الأحداث السياسية والمليشياوية تعطي صورة واضحة عما سيمرّ به العراق في الفترة المقبلة وأن تنقلات المليشيات من الشمال باتجاه الوسط والجنوب وإعلان جهات أخرى استعدادها قتال القوات الأميركية رغم أن هذه القوات تتحصّن في معسكرات بعيدة من المدن ومن الصعب الوصول اليها تؤشر أن قاعدة الأسد في محافظة الانبار والسفارة الاميركية في العاصمة بغداد واقليم كردستان العراق سيكونون من أهم أهداف هذه المليشيات، التي اذا ما انفرط العقد السياسي الحاصل حالياً، فإنه من غير المستبعد أن تقوم بمحاولة فرض واقع سياسي جيد بقوة السلاح."
ويتساءل العابد: لماذا الانسحاب من نينوى فقط؟! وهل نحن أمام سيناريو دموي جديد؟ أم أن هناك معالجات سياسية قد تستلزم "الإطار التنسيقي" الاستعانة بمقتدى الصدر وتقديم تنازلات مؤلمة له من أجل إيجاد حل فوري وسريع من خلال تشكيل حكومة جديدة تترأسها شخصية مستقلّة!؟
الصدر وخارطة الانتخابات
في المقابل، وعلى وقع هذه التغيرات السياسية تبدو نتائج انتخابات مجالس المحافظات وربما الانتخابات البرلمانية أيضاً مفتوحة على كل التوقعات ونتائجها ومن الصعب التكهّن بها كما في السابق، إذ من المرجح أن تعلو كفة السوداني وتحالفه، كما من الممكن ألا يحصد المالكي أعلى الأصوات الشيعية كما حدث في الجولات الانتخابية السابقة، خصوصاً إذا ما وضعنا في الحسبان أن التيار الصدري خارج الصراع الانتخابي، مما يفسح المجال لقوى شيعية أخرى أن تبرز كبديل لـ "الكهول السياسية" المعتادة منذ 20 عاماً.
في المقابل يرجح مصدر مطّلع لـ "جسور"، انضمام تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم إلى تحالف السوداني، غير أنه استبعد انضمام ائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي لهذا التحالف "في الوقت الحالي، لكن ربما تحدث متغيرات في التوجهات".
وبشأن الموقف من التيار الصدري وزعيمه، يقول المصدر "تحالف السوداني ليس لديه موقف محدد تجاه الصدر سواء بمحاولة إعادته للعملية السياسية وضمه للتحالف، أو بعدم التحالف معه في حال عاد للعمل السياسي، فهو يحترم رغبة الصدر باعتزال العمل السياسي حالياً ولا يطمح لفتح قناة اتصال معه لعدم إحراجه كونه أعلن بشكل واضح أنه لن يتدخل بالعملية السياسية بأي شكل من الأشكال".