لليوم الـ 14 على التوالي، وبينما تشّتدّ الحرب على قطاع غزة حيث يكثّف الجيش الإسرائيلي غاراته، بضوء أخضر أميركي وغربي،ويصعد عملياته على الجبهة مع لبنان يتساءل كثيرون عن سبب صمت الأمين العام لحزب الله، السيّد حسن نصر الله، وما إذا كان التزامه الصمت هو جزء من المعركة.
فأين هو؟ وكيف يتابع تطورات الأوضاع الميدانية في غزة وجنوب لبنان؟
متى سيطلّ السيّد؟
لا يخفى على أحد أنّ قرار حزب الله فتح الجبهة مع إسرائيل ليس بالأمر السهل، فقيادته والقوى السياسية الأخرى والشعب اللبناني ترى تمدد الهجمات الإسرائيلية الجوية والبرية والبحرية على قطاع غزة، وبالتالي، فهي تتوقّع رداً مشابهاً على لبنان في حال دخول الحرب. ورغم وجود من يؤيد خطوة كهذه داخل بيئة الحزب الشيعية، إلا أن هناك العديد ممن يخشاها ولا يتمناها.
في هذا الإطار، يقول المحلل السياسي فيصل عبد الساتر، إنّ الجميع يترقّب إطلالة السيّد نصر الله أمام الرأي العام ويتساءلون متى يحين الموعد، لافتا في اتصال مع "جسور" إلى أنّ هذا الأمر قد فَعل فعله، وهو جزء من استراتيجية اتبعها، وبالتالي لا يريد أن يتحدّث فقط كي يتحدث، وإنما إذا ما قرّر أن يتحدّث فهناك أمر ما سيعلنه في هذا الإطار.
وتابع عبد الساتر قائلا: "الصمت يربك العدو، وهذا ما رأيناه من خلال متابعتنا للإعلام الإسرائيلي بشكل أساسي، خصوصا في بعض أوساطه التي خرج من خلالها وقال إنّ السيّد لا يعطينا ساعة من وقته."
ورأى المحلل السياسي، أن ما يحصل بحدّ ذاته هو رسالة و"اللبيب من الإشارة يفهم"، موضحا أنّ السيّد نصرالله ليس محللًا سياسيًا كي يتعاطى مع ما يجري من أحداث لحظة بلحظة، وفي مثل هذه التطورات الكبيرة ربما يكون صوت الصمت أجدى من أي كلام آخر، خصوصا وأن العالم كلّه تحدّث حتى هذه اللحظة باستثناء السيّد.
وأكد عبد الساتر لـ "جسور"، أنّ الأمين العام لحزب الله، وحده يقرّر متى سيطلّ أمام الرأي العام، باعتبار أن التطورات الميدانية التي تجري في غزة وفي الجنوب اللبناني، هي المتحكمة وهو يقوم بكل ما يلزم ويتابع لحظة بلحظة جميع التطورات، وبالأمس أرسل السيّد سلامًا خاصًا عبر أحد القيادات في الحزب إلى جميع الإعلاميين الذين يتصدّون للدفاع عن فلسطين.
موقف غامض
أما الكاتب والمحلل السياسي، سيمون أبو فاضل، فرأى بدوره أنّ "ما يحصل في جنوب لبنان يأتي في إطار الأعمال العسكرية صغيرة الحجم، ولا تقاس بما يحصل في غزة على الرغم من سقوط شهداء وجرحى، إلا أنّه بموقع الأمين العام لحزب الله فهو لا يستطيع وفق أبو فاضل الخروج عن صمته ليقول كلاما لا يؤشّر إلى مسار هذه الحرب، لذلك أي كلام في هذا الإطار ستكون له تداعيات."
وتابع أبو فاضل لـ "جسور": "إذا كان الحزب لا يريد أو يتريّث في دخول هذه الحرب ضد إسرائيل للتخفيف عن "حركة حماس" والتضامن مع الشعب الفلسطيني، فهذا يتطلّب أقلّه التحضير المسبق لردة فعل للشعب، وإذا كان لا يريد أن يُقدم على هذه الخطوة فإنّ أي كلام تهديدي أو تضامني لن يعطي نتيجة، بل سيعرّضه للانتقادات.
لذلك من الأفضل بسحب أبو فاضل أن يبقى في هذا الموقف الغامض الذي يُشكّل في الوقت ذاته مصدر قلق لإسرائيل بعيدا عمّا إذا كانت في الكواليس ثمة مسارات معيّنة ممكن أن تحصل في غزة مستقبلا تدفع بالحزب إلى دخول هذا الصراع الدموي.
صمت الأمين العام لحزب الله يثير بلا ادنى شك "الرعب الاسرائيلي"، وكانت "هآرتس الإسرائيلية" قداعلنت قبل ايام، ان لحظة ظهور نصرالله على الشاشة "ستكون كيوم القيامة في إسرائيل"، إذ إنّه لم يظهر منذ السابع من تشرين يوم اعلان "الطوفان الاقصى".
ويربط كثيرون بين الاستراتيجية المتبعة والتنسيق التام مع ايران التي زار وزير خارجيتها بيروت قبل أيام وأطلق رسائل تحذيرية لاسرائيل والعالم بأن المقاومة تضع يدها على الزناد والرد سيكون مزلزلاً.
ولا تزال الاشتباكات على الحدود اللبنانية بين إسرائيل وحزب الله مستمرة بشكل يومي منذ بدء عملية هجوم حماس على إسرائيل ولكنها تقتصر حتى الآن على بلدات على طول الحدود وقد خلّف تبادل إطلاق النار عشرين ضحية غالبيتهم من المقاتلين في الحزب بالإضافة إلى صحافي رويترز ومدنيَّين. كما قتل ثلاثة أشخاص في الجانب الإسرائيلي.
وبدأت إسرائيل في إجلاء آلاف السكان من 28 بلدة شمال البلاد تلت الاشتباكات الحدودية.
والجدير بالذكر أن حزب الله وإسرائيل خاضا حربا مدمّرة صيف 2006، خلّفت أكثر من 1200 شهيد في الجانب اللبناني معظمهم من المدنيين، و160 قتيلا في الجانب الإسرائيلي معظمهم من العسكريين. وتسببت الحرب التي استمرت 34 يوما في نزوح نحو مليون لبناني من بلداتهم.