تخطّى سعر صرف الدولار الاميركي المئة ألف ليرة لبنانية، فارتفعت الأسعار إلى مستوى غير مسبوق لاسيّما المحروقات والمواد الغذائيّة وفاتورة الاستشفاء والطبابة. وهذا أكثر ما يقلق شعبًا تقدّر لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الإسكوا" أنّ 74% منه يعيشون بأقل من 14 دولار أميركي في اليوم.
اللّافت أنّ الدولار الواحد وصل من ١٥٠٠ ليرة لبنانيّة في كانون الثاني ٢٠١٩ (وهو سعر الصرف الرسمي قبل الأزمة) إلى ٤٠ ألف ليرة في تشرين الأوّل ٢٠٢٢، ولكن وصل إلى أكثر من ١٠٠ ألف في آذار ٢٠٢٣. هذا يعني أنّ الدولار ارتفع في خمسة أشهر أكثر ممّا ارتفع خلال ثلاث سنوات.
للوهلة الأولى يبدو وقعُ رقم المئة ألف صاعقًا على المواطنين، إلّا أن الباحث الاقتصادي الدكتور كمال حمدان يرى في الارتفاع الكبير مساراً طبيعيّاً عندما يصبح سعر الصرف مرتفعًا ويقول: أن يصبح الدولار أربعين ألف بعدما كان ١٥٠٠ يعني أنّه ارتفع ٢٦ مرّة ولكن عندما يرتفع من ٤٠ ألف إلى ١٠٠ يعني أنّه ارتفع فقط مرّتين ونصف. وهذا يعني أنّ الأرقام السابقة ولو كانت أقل من ١٠٠ لكنها كانت أخطر ولم يتحرّك المسؤولون يومها لإيجاد خطّة اقتصاديّة جديّة تلجم تآكل العملة الوطنيّة.
وعليه، يصبح الارتفاع المترقّب للدولار اليوم أسرع من السابق. إذ يوميًّا يسجّل سعر الصرف ارتفاعًا يفوق الـ ٢٠٠٠ ليرة، فخلال يوم واحد ارتفع من ١٠٠ ألف إلى ١٠٣ آلاف ليرة.
نسأل حمدان: هل يمكن أن يصل الدولار في غضون أسابيع إلى مئتين ألف ليرة؟ فيجيب: "طبعًا، فاليوم حين نقول ارتفاع الدولار من ١٠٠ إلى مئتين، مماثل فعليًّا لارتفاعه من ١٥٠٠ إلى ٣٠٠٠ عام ٢٠٢٠.
إنّه واقعٌ لم يحصل فجأة بل نتيجة عوامل داخليّة وخارجيّة. وأبرز العوامل الداخليّة مؤخّرًا تتمثّل بغياب الخطط الاقتصاديّة والتهرّب من تنفيذ شروط البنك الدولي الإصلاحيّة وزيادة رواتب القطاع العام نظرًا إلى الاستمرار الكثيف بطباعة الليرة وبالتالي ارتفاع مستمر بسعر الصرف ما جعل رواتب القطاع العام بعد فترة من رفعها أقل ممّا كانت عليه قبل الزيادة. أمّا السبب الخارجي الأبرز فهو التضخّم العالمي نتيجة الحرب في أوكرانيا.
وفي ظلّ الانهيار المتسارع، وما يُبقي الناس صامدين ولو ظاهريًّا، وصول المساعدات من المغتربين إلى ذويهم عبر شركات تحويل الأموال.
قبل عامٍ واحد كان الحديث عن وصول الدولار إلى مئة ألف كلامًا يراه المواطنون مبالغًا فيه وتهويليًّا، إلى أن أصبح اليوم واقعًا يلقي بثقله على حياتهم. وهنا الهاجس الأكبر، فهل الحديث عن وصول الدولار إلى مليون ليرة سيصبح في المستقبل القريب واقعًا أيضًا؟ الجواب العلمي: سعر صرف الدولار مفتوح على كلّ الاحتمالات ما دامت الخطط غائبة والإصلاحات عبارة عن خطاب لا يُصرف في أيّ مكان.