بين البطالة وتواصل تفاوت السعر الرسمي والموازي لصرف الدولار مقابل الدينار في الأسواق العراقية، يستقبل نحو 40 مليون عراقي شهر رمضان بقلق، فيما جيوبهم فارغة وظروفهم المعيشية صعبة بعد تراجع قدرتهم على شراء حاجاتهم الأساسية، ما يثقل كاهل المستهلكين من متوسطي الدخل ومحدوديه والفقراء الذين يدفعون بالدرجة الأولى ثمن التفاوت بين سعري الصرف، حيث أن غلاء الأسعار ينعكس سلبًا على تحضيراتهم لاستقبال شهر الصوم الذي تنشط قبيله حركة الأسواق.
وباتت تقلبات سعر الصرف على مدار الساعة، رغم محاولات البنك المركزي العراقي للسيطرة عليها والعودة لسعر الصرف الرسمي، وهو ما يدفع المراقبين والخبراء الاقتصاديين لدق ناقوس الخطر من أن ما يجري في حال استمراره أكثر سيرتد زعزعة للاستقرار السياسي والاجتماعي للبلاد، وسيرفع من معدلات الفقر والبطالة والغلاء المرتفعة أصلاً.
تقلّب يومي
ويقضّ التذبذب في سعر الصرف مضاجع العراقيين وبات شغلهم الشاغل لانعكاساته الكارثية على أوضاعهم المعيشية وقدراتهم الشرائية، التي تتراجع يوميًا على وقع ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية مع تراجع قيمة الدينار إزاء الدولار .
وفي السياق، يقول أحمد الطائي لـ"جسور": لم أتبضّع لرمضان ولا أنوي القيام بذلك، نظرًا لارتفاع الأسعار وكذلك لتأخير استلام راتبي الشهري، وهو حال أتقاسمه مع الكثير من العراقيين، بالإضافة إلى كون الراتب لا يكفي حتى لدفع إيجار البيت الذي يأويني وعائلتي".
ويضيف: "أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بشكل كبير في جميع الأسواق تزامنًا مع قدوم شهر رمضان المبارك، من دون أي تحرّك جدي من قبل الجهات المختصّة لوقف هذا الارتفاع الجنوني، ما يضاعف كثيرًا من معاناتنا اليومية."
وناشد الطائي عبر "جسور" الجهات المعنيّة الوقوف وقفة جادة وعاجلة للنظر في الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن العراقي، "حتى لا نبيع انتماءنا بسبب العوز، ونضطر اللجوء إلى بلدان أخرى تحترم الإنسان،" وفق تعبيره.
ارتفاع هامشي
وحول هذا الشأن، يقول الباحث في الشأن الاقتصادي نبيل جبار العلي، إنّ الأسواق العربية ومن بينها الأسواق العراقية اعتادت مع حلول شهر رمضان على زيادة أسعار السلع الغذائية، لكن هذا الإرتفاع يتزامن حاليًا مع ارتفاع هامشي في أسعار صرف الدولار مقابل الدينار والذي قد يصل في إلى 10% تقريبًا أو حتى 15% رغم محاولة الحكومة لتخفيضه.
وبيّن العلي، في اتصال مع "جسور"، أنّ هذا الإرتفاع لن يؤثر على جميع طبقات المجتمع، بل تداعياته ستطال الطبقات الهشّة والفقيرة التي قد تواجه صعوبة معيّنة لناحية تأمين احتياجاتها الغذائية الأساسية خلال الشهر الفضيل.
رأي آخر عبّر عنه المحلل السياسي، محمد علي الحكيم، مشيرًا إلى أنّ الأسواق المحليّة في عمومِ المحافظات العراقية شهدت زيادات غير مسبوقة في أسعار السلع والبضائع، مما خلق أزمة وحال تذمّر لدى العراقيين، موضحًا في تصريح لـ "جسور"، أنّ التجار يعزون هذا الارتفاع إلى زيادة سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي وعدم استقرار الصرف تحديدًا في الوقت الحاضر، كون عملية استيراد المواد من الخارج بالمجمل تتم بالدولار والعملة الصعبة، وذلك يؤدي وفق الحكيم إلى ارتفاع المواد المستوردة بسبب عدم وجود زراعة ولا صناعة في العراق الذي تحوّل بعد السقوط عام ٢٠٠٣ إلى بلد مستهلك مئة في المئة بسبب فشل الحكومات المتعاقبة منذ عام ٢٠٠٣ لغاية اليوم.
واعتبر الحكيم، أنّ وزارة التجارة كانت عاجزة في قضية توزيع مفردات البطاقة التموينية، بل اكتفت بتوزيع نصف كيلو من النشأ وطبقة بيض وكميات قليلة من الطحين، وبالتالي لم يكن لها أي دور إيجابي في السيطرة على حالات الاحتكار التي حصلت في السوق من قبل بعض التجار وانعكست على المواطن، مبينًا أنّ هناك تخبط واضح في أداء حكومة محمد السوداني التي لن تنهض بالواقع العراقي.
موعد توزيع سلّة رمضان
وكانت أحصت وزارة التجارة، عدد المشمولين بالسلة الغذائية، وقال معاون مدير عام الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية بالوزارة جاسم محمد العامري، إن "السلة الغذائية تشمل 41 مليونًا و300 ألف عراقي، وسلّة الرعاية الاجتماعية تشمل 4 ملايين و862 شخصًا"، مبينًا أن "مواد الرعاية تختلف عن السلة المخصّصة للمواطنين بإضافة الطحين الصفر والشاي والحليب".
وأضاف أن "المواد التي أضيفت لسلة رمضان هي 1 كغم من الشعرية، وطبقة بيض، و5 كغم من الطحين الصفر، ونصف كغم من النشأ".
وتابع أن "السلة الغذائية توزّع بواقع 10 حصص سنويًا أما الرعاية الاجتماعية فتوزع بواقع 12 سلة سنويًا"، موضحًا أن "السلة الرمضانية تنتهي مع انتهاء الشهر".
وذكر أن "الوزارة وفّرت المواد الخاصة بسلة رمضان"، لافتًا إلى أن "توزيعها على الوكلاء سيكون يوم الـ18 من الشهر الحالي".
من جهتها، أعدّت وزارة الداخلية، خطة مع قرب حلول شهر رمضان المبارك، تتمثل بالقيام بحملة تفتيش للأسواق والمحال التجارية، تشمل مراقبة الأسواق والمخازن لأجل الحفاظ على استقرار الأسعار طيلة الشهر الفضيل.