Jusur

أوغلو في مصر..هل طويت صفحات الإخوان وليبيا وغاز المتوسط؟

"لقاء مرتقب بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب أردوغان والسفيران قد يعودان قريباً" تطور سيكون الأبرز حال حدوثه في مسيرة العلاقات المصرية التركية التي غلب عليها التوتر علي مدى السنوات العشر الأخيرة.
 
تطور بارز كشفت عنه مباحثات وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو في ختام زيارة نادرة إلى القاهرة السبت تحت شعار "تحسين العلاقات"، أنهت شكليا على الأقل وفق مراقبين القطيعة السياسية الطويلة بين البلدين.
 
المضمون نفسه أكد عليه وزير الخارجية المصري سامح شكري مشددا على وجود “إرادة سياسية لتطبيع العلاقات بين البلدين وأن المباحثات كانت شفافة وصريحة وتم التباحث حول إطلاق مسار للتطبيع الكامل في العلاقات بين البلدين وجري بحث استعادة العلاقات على مستوى السفراء".
 
زيارة أوغلو إلى القاهرة وهي الأولى لوزير خارجية تركي منذ 11 عاماً تتوج جملة تحركات خلال الأسابيع والشهور القليلة الماضية كان أحدثها مبادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالاتصال هاتفياً لأول مرة بنظيره التركي رجب طيب أردوغان لتقديم العزاء في ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا الشهر الماضي حيث بادرت القاهرة بإرسال مئات الأطنان من مواد الإغاثة جوا وبحرا.كما زار وزير الخارجية المصري سامح شكري تركيا لأول مرة أواخر فبراير/ شباط الماضي لتأكيد التضامن مع تركيا.
 
دور بارز لأمير قطر 
 
ولعب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني دورا في ترتيب أول لقاء وجها لوجه بين الرئيسين السيسي وأردوغان أثناء مشاركتهما في حفل افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم "قطر ٢٠٢٢" بالعاصمة القطرية الدوحة في نوفمبر\ تشرين الثاني الماضي حيث جرت أول مصافحة بينهما بعد سنوات من توتر العلاقات السياسية وصلت حد طرد السفراء عقب ثورة 30 يونيو 2013 وسقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين الحليفة لتركيا حيث تبنى الرئيس التركي وعلى مدى سنوات لاحقة موقفا عدائيا صريحا تجاه نظام السيسي. واستخدامه وصف "الانقلاب" للإشارة إلى قرار الجيش المصري بقيادة وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي بمساندة الاحتجاجات الشعبية ضد حكم الإخوان المسلمين و إسقاط الرئيس الإخواني الراحل محمد مرسي
كما دأب أردوغان علي انتقاد الأحكام القضائية الصادرة بحق عناصر الإخوان في مصر والتلويح المستمر بإشارة رابعة في المناسبات العامة.
فيما اتهمت الحكومة المصرية تركيا بـ"تمويل الإرهابيين" وإستضافة وتمويل مئات من عناصر الإخوان الهاربين والسماح ببث قنوات ومنصات إعلامية إخوانية من الأراضي التركية تحرض الشعب المصري ليل نهار على التظاهر والثورة ضد نظام الرئيس السيسي بل تم توثيق تدخل تركيا في إدارة عمليات إرهابية في مصر بشكل درامي في المسلسل التليفزيوني الشهير " الإختيار" الذي حقق نجاحا جماهيريا عريضا في مواسم رمضان الماضية وصولًا إلى عام 2021 الذى شهد بدء مشاورات سياسية على مستوى كبار المسؤولين في وزارتي الخارجية في البلدين لكن وبعد مضي شهور لم يتحقق تقدم يذكر لتحسين العلاقات.
 
اتفاق واضح حول الملفات العالقة
 
ويري محللون أنه ورغم تبادل الزيارات على مستوى وزيري خارجية البلدين فإن حدوث تحسن حقيقي أوالحديث عن عودة التمثيل الدبلوماسي بين مصر وتركيا يظل مرهونا بالتوصل إلي اتفاق واضح حول ملفين إقليميين يمثلان جوهر الخلافات بين البلدين وهما الملف الليبي وملف غاز شرق المتوسط.
فكل ما قامت به تركيا خلال الشهور الماضية لا يزيد عن خطوات محدودة تعكس عدم رغبتها في تقديم تنازلات كبيرة في سبيل استعادة العلاقات مع مصر مثل إيقاف بعض البرامج والمنصات الإعلامية التحريضية وإبعاد بعض الإعلاميين الإخوان المحرضين ضد النظام المصري.
 
وفي تصريح لـ "جسور" قال الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية: "إن الإرادة السياسية متوفرة من الجانبين التركي والمصري لتحسين العلاقات وأن ملف الإخوان المسلمين وقنواتهم الإعلامية في إسطنبول يمكن تحجيمه ولا يشكل أولوية لكن الملفات والمصالح الأكثر أهمية بين مصر وتركيا ستفرض نفسها في النهاية خاصة في ظل استعداد أردوغان لخوض انتخابات رئاسية منتصف العام الجاري وبالتالي فهو يحاول تحسين علاقاته المتوترة مع دول الإقليم كما شهدنا في قيامه بتحسين العلاقات مع السعودية والإمارات وإعطاء بادرة لتحسين العلاقات مع النظام السوري رغم العداء الشديد بينهما وبالتالي فهو يقوم أيضا ببوادر وإشارات لتحسين العلاقات مع مصر".
 
الملف الليبي
 
ويظل الملف الليبي هو حجر العثرة الرئيس في طريق تحسن علاقات القاهرة وأنقرة حيث طلبت مصر من تركيا سحب قواتها ونحو عشرين ألف مرتزق سوري أرسلتهم إلى ليبيا لمساندة حكومة الوفاق الوطني التي تسيطر على طرابلس والمدعومة من تركيا.
وبلغ التوتر ذروته في هذا الملف في يونيو\ حزيران 2020 عندما حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي صراحة من أن تقدم القوات الموالية لتركيا نحو الشرق سيدفع مصر إلى التدخل العسكري المباشر في ليبيا وحدد السيسي خطا أحمر لهذا التدخل هو خط سرت - الجفرة ما أدي لتثبيت الأوضاع هناك.
أما ثاني أبرز الملفات الخلافية والمرتبط بليبيا أيضا فهو ملف غاز شرق المتوسط حيث تنفذ تركيا عمليات تنقيب في المنطقة المحيطة بقبرص والقريبة من اليونان تحت ذريعة حماية "مصالح القبارصة الأتراك".كما وقعت تركيا في نوفمبر 2019 إتفاقا مع حكومة الوفاق الليبية - المعترف بها دوليا والمنتهية ولايتها- يؤسس لمنطقة اقتصادية تمتد من الساحل الجنوبي لتركيا حتى شمال شرق ليبيا وهو اتفاق تصفه القاهرة بغير القانوني وتعترض عليه اليونان.
ولقطع الطريق علي خطط أنقرة في غاز شرق المتوسط قامت مصر واليونان بتوقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بينهما في أغسطس\ آب 2020. كما استثنت مصر تركيا عند إنشاء منتدى غاز شرق البحر الأبيض المتوسط في يناير\ كانون الثاني 2019 والذي يضم وزراء الطاقة في دول مصر وفلسطين والأردن وإسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا.
 
لكن رغم كل هذه التجاذبات ظهرت إشارات تصالحية واضحة مثل تصريح وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في مارس\ آذار 2021 الذي ثمن احترام مصر للجرف القاري التركي في البحر المتوسط كما لم تبدِ أنقرة معارضة تذكر لقرار القاهرة نهاية عام 2022 بتحديد الحدود البحرية الغربية لمصر مع ليبيا في البحر المتوسط من جانب واحد.
 
ويبقى الأمر اللافت أنه ورغم سنوات التوتر والقطيعة السياسية بين القاهرة وأنقرة إلا أن البلدين كانا حريصين على المحافظة على التبادل التجاري بينهما والذي حقق طفرة ملحوظة خاصة عام 2021 إذ بلغت صادرات مصر لتركيا 2.9 مليار دولار بعدما بلغت 1.7 مليار دولار عام 2020 بينما بلغت صادرات تركيا لمصر نحو 3.5 مليار دولار عام 2021 مقابل 3.1 مليار دولار في 2020.
الكلمات الدالة
أوغلو في مصر..هل طويت صفحات الإخوان وليبيا وغاز المتوسط؟
(last modified 19/03/2023 07:29:00 ص )
by