يبدو أن الأزمة المعيشية التي يرزح تحتها لبنان نجحت بسرقة فرحة الإحتفال بعيد "ست الحبايب" من بيوت كثيرين.
ففي 21 مارس/ آّذار، يحتفل لبنان كما في غالبية دول العالم العربي بعيد الأم، لكن هذه السنة يحلّ موجعاً على الجميع بسبب الظروف الإقتصادية الصعبة. إذ تخطّى سعر باقة الورد الـ5 ملايين ليرة لبنانية، فيما أسعار الهدايا حدّث ولا حرج، حيثُ تجاوز سعر زجاجة العطر الـ14 مليون ليرة لبنانية، وسعر علبة الشوكولا المليون ليرة، وأسعار جميع السلع تضاعفت عشرات المرات.
لكن الضربة الأكبر في سعر قالب الحلوى، الذي يُعتبر من أساسيات العيد، حيث بلغ سعر القالب المخصص لـ7 أشخاص ما يقارب المليون ونصف المليون ليرة لبنانية والسبب يعود بحسب أحد أصحاب مصانع الحلوى، إلى كون"معظم المواد الأولية التي تدخل في صناعة الحلوى تأتي من أوكرانيا، التي تعيش حرباً ما ينعكس ارتفاعا في أسعار الزيت والطحين والسكر ناهيك عن إرتفاع أسعار المستلزمات الأخرى التي تأثرت بجنون الدولار، كالعلبة التي يوضع فيها القالب والأكياس وغيره.
غلاء فاحش
وتقول لمى ع. وهي سيدة ثلاثينية، في حديث لـ"جسور"، "في ظل الغلاء الفاحش، بدأت أبتكر أساليب أقل كلفة لمعايدة والدتي، فبدلاً من شراء قالب الحلوى جاهزاً كما كنتُ أفعل في السنوات السابقة، قررتُ صناعة القالب بنفسي في المنزل بمكونات بسيطة. وبدلاً من شراء هدايا ثمينة كالذهب والعطر، اشتريتُ لها شالاً جميلاً".
وتابعت: "أتوقع أن أغلب المواطنين بحثوا عن بدائل للهدايا الثمينة وكل ما يتطلّب أموالاً باهظة، لأن القدرة الشرائية لدى المواطنين تراجعت كثيراً، حتى لدى الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار". واعتبرت أن "العيد يمكن أن يكون عيداً بكلفة أقل، وأن أساسه برمزيته".
وجع الأمهات
ولا يمكن الحديث عن وجع الأبناء، من دون الحديث عن وجع الأمهات اللّواتي حرمن من دفء القرب من أولادهنّ في العيد بعدما أبعدتهم الغربة سعياً وراء تأمين مستقبل أفضل وظروف معيشية أحسن.
وتقول دنيز أ. وهي والدة لشابين غادرا لبنان إلى الولايات المتحدة الأميركية منذ عامين، "لم أعد أشعر بفرحة العيد رغم الأموال الكثيرة التي يرسلها لي أبنائي شهريّاً، كما لم تعد تهمني الهدايا والورود والحلوى في ظل بعدهما عني".
وتضيف في حديث لـ"جسور"، "الأبناء هم أساس العيد، ولولاهم لما كنا أمهات اليوم.. نحترق ببعدنا عنهم لكن لا محالة فلبنان بات مقبرة المستقبل، والضغط على أولادنا من أجل العودة إلى بلادهم قمة الانانية لذا لا يمكن الإحتفال سوى بالدموع والصمت والأمل بغد أفضل".
ويشهد لبنان منذ صيف 2019 انهياراً اقتصادياً متسارعاً هو الأسوأ في تاريخ البلاد، فاقمه انفجار مرفأ بيروت المروع في الرابع من أغسطس/آب وإجراءات مواجهة فيروس كورونا، فيما يحول الصراع على الحصص والنفوذ بين القوى السياسية في ظل فراغ رئاسي وحكومي.