فرضت التغيرات المناخية نفسها كما زيادة عدد سكان العالم في عام 2022 تهديدا عالميا جراء تراجع منسوب المياه العذبة، ما يفاقم مشكلة شح المياه ويهدد بنشوب حروب مستقبلا. وهذا الامر يحتم مواجهة تلك المشكلة نظرا لتداعياتها وخصوصا أن المياه تعد عصب الحياة.
فقد حذّرت الأمم المتّحدة في تقرير من أنّ الاستهلاك المفرط للمياه والتغيّر المناخي جعلا "نقص المياه مستوطناً" في جميع أنحاء العالم ممّا أدّى إلى "خطر وشيك" بحدوث أزمة عالمية.
وقال مؤتمر الأمم المتّحدة للمياه ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) في تقرير مشترك صدر في نيويورك قبيل ساعات من افتتاح مؤتمر نادر حول هذه القضية الشائكة إنّ زهاء ملياري شخص يفتقرون إلى مياه شرب مأمونة في حين يفتقر 3.6 مليار شخص إلى خدمات صرف صحّي موثوق بها.
وبحسب التقرير فإنّ استخدام المياه زاد حول العالم بنسبة تناهز 1% سنوياً على مدار السنوات الأربعين الاخيرة.
ولمواجهة هذا العطش، يلجأ البشر إلى المياه الجوفية ولا يتوانون عن استخراج المياه بكميات مفرطة في بعض الأحيان: ما بين 100 و 200 كيلومتر مكعب من احتياطيات المياه الجوفية تنضب كل عام، وفقاً للتقرير.
وبحسب التقرير فإنّه من المتوقع أن يرتفع عدد سكّان المناطق الحضرية المعرّضين لخطر نقص المياه من 933 مليون نسمة في عام 2016 إلى ما بين 1.7 و 2.4 مليار نسمة في عام 2050.
أسباب شح المياه
وفي حديث لـ"جسور" كشف الخبير البيئي، أحمد صالح نعمة، ان دولا عدّة تعاني من جفاف المياه ومن ضمنها دول متقدمة كفرنسا، ايطاليا وهولندا وغيرها من الدول. أمّا العراق فيعتبر من أكثر دول العالم تأثرا بالتغيرات المناخية، فالتغير المناخي لا يأتي فجأة فلا تتصحر البساتين مرة واحدة، بل يأتي بالتدرج البطيء جدا، وما حدث بالعراق، تراكم الإهمال منذ نحو 4 أو 5 عقود، وهذا الإهمال هو ما أوصلنا لهذه النتيجة.
وعن أسباب نقص المياه قال "أسباب كثيرة تؤدي إلى جفاف المياه وأهمها كثرة السدود في المناطق الشمالية. فانحسار التبخر يأتي نتيجة خزن المياه بشكل عمودي وليس بشكل أفقي كالبحيرات الطبيعية والبحار".
تلوث المياه في لبنان
وبالحديث عن نتيجة شح المياه قال "موت الحياة البيئية وتضرر النظام البيولوجي بشكل كامل، بدأً بالمكروبات إلى الحشرات والطيور ومن ثم الحيوانات. إلى جانب ذلك، جفاف المياه يؤدي إلى ضرر إقتصادي كبير يؤثر على العالم وممكن أن يتسبب بمجاعات ببعض الدول. فضلا عن ان مسألة المياه قد تشعل حروبا بين الدول.
ومن جهة أخرى، يظن البعض أن لبنان يعد من البلدان الغنيّة بالمياه إنما يتأثر ملايين اللبنانيين بمحدودية توافر المياه النظيفة والآمنة.
وقال رئيس حزب البيئة العالمي ورئيس خبراء حماية الصحة والبيئة العالمية والمستشار الدولي لشؤون البيئة العالمية والمناخ ومستشار الهيئة العليا للإغاثة في السراي الحكومي اللبناني الدكتور ضومط كامل "لبنان لم يكن يشتكي من أزمة المياه ولكن منذ 10 سنوات حتى اليوم، يعاني هذا البلد من الاحتباس الحراري الذي أثر سلبياً بشكل مباشر على مياه لبنان".
وأكد "أن الخطر الأكبر هو أن مياه الأنهار والآبار والينابيع أصبحت مختلطة مع مياه الصرف الصحي ممّا أدى إلى تلوّث المياه".
ويعتبر كامل أن المسؤولية الكبرى تقع على الدولة اللبنانية التي دمّرت الأنهار بسبب مجاري الصرف الصحي كنهر بيروت، الليطاني وغيرها من الأنهار.
وعن حل تلك المشكلة قال"نحن نحتاج إلى استراتجيّة مائيّة كاملة للعمل على إزالة التلوث."