"الطفل شنودة على دين من وجده".. هكذا حسم الأزهر عبر مركزه للفتوى الجدل الدائر حول ديانة الطفل المصري شنودة (5 سنوات) الذي شغلت قضيته المصريين مؤخرًا بعدما بات مسلمًا وفق حكم قضائي رغم سنوات قضاها في كنف أسرة مسيحية لا تنجب، كانت قد عثرت عليه رضيعًا داخل إحدى الكنائس وتبنته وأطلقت عليه اسم "شنودة".
مركز الأزهر العالمي للفتوى نشر الأربعاء ردًا على استفسارات عديدة حول ديانة الطفل قائلا: "إن هذه المسألة ذهب فيها العلماء إلى آراء متعددة، والذي يميل إليه الأزهر من بين هذه الآراء هو ما ذهب إليه فريق من السادة الحنفية، وهو أن الطفل اللقيط إذا وجد في كنيسة وكان الواجد غير مسلم فهو على دين من وجده"
وأضاف مركز الأزهر للفتوى "وإن وجد في قرية من قرى أهل الذمة أو في بيعة أو كنيسة كان "ذميًّا" وهذا الجواب فيما إذا كان الواجد ذميا رواية واحدة".
أصل القضية
وتعود القصة إلى عام 2018 حين عثرت سيدة قبطية تدعى أمال فكري على طفل رضيع داخل إحدى الكنائس في منطقة الزاوية الحمراء شرق القاهرة رأت فيه تعويّضا عن حرمانها وزوجها من الإنجاب ليتخذا قرارًا باحتضان الطفل وتبنيه. وبالفعل سجلت الطفل باسم زوجها واسمها في شهادة ميلاد رسمية بعد أن ذكرت للسلطات أنه ابنهما وأطلقا عليه اسم "شنودة فاروق فوزي بولس" دون أن تدري أنها خالفت القوانين حسب تصريحات لها.
لكن النيابة المصرية راعت حسن النية لاحقًا مع انكشاف القضية فلم توجه للزوجين تهمة التزوير في محررات رسمية.
أضاف الطفل شنودة السعادة والفرحة على حياة زوجين في العقد الخامس من عمرهما لكن أطماع الميراث دفعت إحدى قريبات الزوج القبطي لإبلاغ السلطات عن حيازتهما لطفل مجهول النسب خشية أن يؤول ميراث الأسرة للطفل الجديد ويحرم منه باقي أفراد العائلة.
تغيير الإقامة والدّيانة
إثر ذلك وضعت السلطات المصرية يدها على الطفل قبل نحو عام وأودعته دارًا لرعاية الأيتام بعد عدم الاستدلال على أهله حيث أعلنت النيابة العامة تغيير اسمه إلى "يوسف عبد الله محمد" بوصفه فاقدًا للأهلية ليصبح مسلمًا بحكم القانون المصري الذي يعتبر فاقد الأهلية مسلما بالفطرة.
وتقول أمال فكري والدة الطفل شنودة بالتبني "هو هدية من الله أرسلها لي وأنا قبلتها. أنا وجدته طفلا صغيرًا في حمام كنيسة "العذراء أم النور" وأبلغت الكاهن فقال لي "إن الله بعث لك هذا الطفل" فأخذته بعد موافقة الكاهن وربيته أنا وزوجي لمدة 4 سنوات لكن بسبب خلافات على الميراث تم انتزاع الطفل منا وتدمير حياتنا"
وأضافت "أنا وزوجي على استعداد لمنح كل ممتلكاتنا لمن يريد بشرط أن يتركوا الطفل لنا"
ردود متعددة
وتصدّرت قضية الطفل شنودة اهتمام وسائل الإعلام المصرية من جديد بعد حكم المحكمة الإدارية السبت الماضي برفض الدعوى المقامة من أسرته القبطية بالتبني تطالب فيها بوقف قرار تغيير ديانته إلى الإسلام وإعادته لها مقابل قرار كان صدر قبل شهور قضى بإيداعه في دار للأيتام وتغيير اسمه وديانته من المسيحية للإسلام.
وفي ردود الأفعال أثار رجل الأعمال البارز والملياردير القبطي المصري نجيب ساويرس جدلا بين عدد من متابعيه على وسائل التواصل الاجتماعي بعد تعليقه بـ3 "قلوب مكسورة" على تطورات القضية مصحوبا بتعليق "قلبي مكسور على أهل الطفل اللي ربوه وخسروه في لحظة، نتيجة وشاية شريرة"
ويقول نجيب جبرائيل محامي الأسرة القبطية "إنه تقدم بطعن على قرار السلطات بنزع الطفل من هذه الأسرة كما قام بالطعن على قرار وزارة الداخلية التي غيرت اسم الولد من شنودة إلى يوسف وكذلك تغيير ديانته من مسيحي إلى مسلم. لأن من يتم العثور عليه في دار عبادة "ذمية" يصبح مسيحيًا بالتبعية وأن فقهاء المسلمين قالوا بذلك".
وأضاف المحامي جبرائيل "بعد فتوى الأزهر بات الأمر قريبًا لعودة الطفل إلى أسرته البديلة وعودته إلى المسيحية مرة أخرى. فالقانون ينص على أحقية الأسرة البديلة في استضافة طفل مجهول النسب شرط أن يكون هناك إتحاد في الدين"
وسلطت القضية الضوء من جديد على أزمة التبني للمسيحيين في مصر وما يتعلق بها من إشكاليات قانونية واجتماعية.
التبني بعين القانون
إذ يمنع القانون في مصر تماما "التبني" طبقًا للشريعة الإسلامية التي يستند عليها الدستور لكنه يسمح بكفالة الأطفال مجهولي النسب أو الأسرة البديلة وفق ضوابط منها ألا يُنسب الطفل للأسرة التي كفلته ولا يرث فيها وبالتالي ليس بمقدور الأسرة التي تضم إليها طفل يتيم أن تكتبه باسمها.
وحتى عام 2020 كانت الكفالة تشترط وجود أسرة مكونة من أبوين إلا أن تغييرات أدخلت على القانون سمحت للعازبات والمطلقات فوق سن الثلاثين بكفالة الأطفال.
ووفق خبراء قانون فإن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كانت تتيح التبني للأسر المسيحية قبل أن يغيّر البابا الراحل شنودة الثالث اللوائح لتنضوي تحت قانون الأحوال الشخصية المصري عام 2008.