يعود الرئيس السوري بشار الأسد إلى الحضن العربي والخليجي من الباب العريض فيما يعجز لبنان عن اللحاق بركاب الأحداث الإقليمية المتسارعة ويتابع الحفر عميقًا في وحول أزمات داخلية تبدأ بالإنهيار الاقتصادي وعدم انتخاب رئيس جديد للبلاد ولا تنتهي بأزمة النزوح السوري التي تثقل كاهله وتهدده بانفجار شعبي لا تحمد عقباه، فهل أُخرج لبنان من المعادلة الخليجية نهائيًا وترك لمصيره؟
وأشارت مصادر خاصة لـ"جسور" أن الأسد منح بلاده فرصة الدخول إلى مرحلة جديدة من العلاقات الديبلوماسية تعبّد الطريق أمام ورشة إعادة إعمار سوريا مقابل تخليه عن الحليف الإيراني.
"صفر مشاكل"
في المقابل، أوضح الإعلامي المتابع للشأن الخليجي والعربي طارق أبو زينب لـ"جسور" أن سياسة دول الخليج الجديدة تجاه سوريا أتت أولاً "نتيجة لتحالفها مع روسيا والصين، القوتان الدوليتان الموازيتان للقوة الأميركية في المنطقة وصديقتا سوريا" وعززها ثانيًا "الاتفاق السعودي-الايراني الأخير الذي جاء تتويجًا لقرار المملكة العربية السعودية إخماد الحرائق المشتعلة في منطقة الشرق الأوسط حتى الوصول إلى "صفر مشاكل فيها".
معيدًا التذكير بالدور المحوري الذي لعبه رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، "الرئيس الكاظمي مهندس الاتفاقات ومن تلقف هذه المبادرات في الوقت الحاسم هو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان".
وتوقّع أبو زينب أن تُرفع العقوبات الأميركية نهائيًا عن سوريا وليس فقط لمدة ستة أشهر لتأمين ممرات انسانية بعد الزلزال، على أن تُرسم خارطة جديدة للمنطقة مع اللاعبيْن الدوليين الروسي والصيني بعيدًا من فكرة تغيير الحكم والرئيس الحالي.
مشهد لبناني قاتم
وإن كانت سوريا على موعد مع المزيد من الاستقرار والأمني، تختلف الأمور في المقلب اللبناني، إذ لا يبدو أن حل مشكلة النازحين السوريين قريب في ظل رفض هؤلاء العودة الطوعية إلى بلادهم رغم انتهاء الحرب فيها.
وأكد أبو زينب في هذا الإطار أن موضوع النازحين في لبنان مرتبط بالاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بعيدًا من الدول العربية وأضاف أن "منظمات حقوق الانسان الدولية تخدم أجندات سياسية وتنتهك السيادة اللبنانية من خلال دعهمها للنازحين السوريين فالحرب في سوريا انتهت وعليهم الخروج سريعًا من الأراضي اللبنانية" معتبرًا وجودهم "احتلالاً مقنعًا بعد انتهاء الاحتلال العسكري السوري للبنان" ويشكل خطرًا على التركيبة اللبنانية كما يتهددها بانفجار سكاني".
أين لبنان من المصالحات؟
"لن تصل ترددات الاتفاق السعودي الإيراني إلى الملف اللبناني" كما يؤكد أبو زينب ويضيف "المملكة السعودية أكثر من يولي الملف اللبناني اهتمامًا وذلك منذ عهد مؤسسها الملك عبد العزيز لكنها لن تضغط على إيران لتغيير سياستها في لبنان لكونها تعتبر أنه على الدولة اللبنانية حسم قرارها عبر اختيار رئيس سيادي ينطق باسمها".
وقارن أبو زينب بين المقاربتين السعودية والفرنسية للملف اللبناني "فيما تطالب الرياض بمواصفات سيادية لرئيس الجمهورية تسعى فرنسا إلى إقامة تسويات مع حزب الله ومع داعمي النائب السابق سليمان فرنجية من مجموعة تجار ورجال أعمال حصلوا منه على ضمانات اقتصادية وتجارية أبرزها في ملف استخراج الغاز في حال أوصلته الإليزيه إلى سدة الرئاسة وفي الوقت نفسه يطمع الفرنسيون في الدخول إلى أسواق إيران وسوريا ولبنان".
بريق أمل
رغم المشهد السوداوي في لبنان، أبقى أبو زينب على بصيص نور وحيد "من يفاوض في الملف اللبناني هو المستشار في الديوان الملكي نزار علولا المعروف عنه عدم توقفه حتى إنجاز ملفاته على أكمل وجه".
وتوقع أن ترضخ فرنسا مع الوقت وتتخلى عن مصالحها الاقتصادية والشخصية الضيقة أمام عدم رضوخ المملكة لشروطها" وطالب "اللبنانيين وخصوصًا المسيحيين وعلى رأسهم بكركي بالتحرك سريعًا لإنقاذ موقع الرئاسة ولبنان".