أثار إعلان إثيوبيا الانتهاء بنسبة 90% من إجمالي عملية بناء سد النهضة على نهر النيل جدلاً واسعاً بين القاهرة وأديس أبابا لاسيما مع الكشف عن صور أقمار صناعية تظهر إنشاءات جارية لرفع السد، تجهيزا لعملية ملء جديد في يوليو/ تموز المقبل، وبشكل انفرادي للعام الرابع على التوالي.
وتجدد السجال بين القاهرة التي تطالب بإتفاق قانوني ملزم ينظم ملء وتشغيل السد، وأديس أبابا التي ترفض الاتفاق تماماً، وشهد الأسبوعان الماضيان العديد من المواقف والمواقف المضادة.
الخيارات مفتوحة
حيث حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مؤتمر صحفي مع رئيسة وزراء الدنمارك ميتا فريدركسن بالقاهرة "أن مصر هي الدولة الأكثر جفافًا في العالم ولا توجد فرصة تتحمل فيها نقص المياه" مضيفا "إن مصر تتفهم التنمية في إثيوبيا، لكن أثناء الحديث عن التنمية يجب ألا يكون هناك تأثير على المصريين. وعبر آلاف السنين لم يكن موجودًا على نهر النيل أي عائق للمياه سواء كانت المياه قليلة أو كثيرة".
في اليوم نفسه، صرح وزير الخارجية المصري سامح شكري، لوسائل إعلام محلية، بأن" كل الخيارات مفتوحة أمام مصر، حال تعثر الوصول إلى اتفاق بشأن أزمة سد النهضة، وأن مصر لها الحق في الدفاع عن مقدرات ومصالح شعبها ". في إشارة ضمنية لعدم استبعاد الحل العسكري.
لترد وزارة الخارجية الإثيوبية برفض تصريحات شكري ووصفتها ب"غير المسؤولة"
وفي يوليو/ تموز 2022 سجلت مصر في خطاب إلى مجلس الأمن الدولي، رفضها التام لاستمرار إثيوبيا في ملء سد النهضة من دون اتفاق مع دولتي المصب مصر والسودان.
وجاء في الخطاب الموجه إلى مجلس الأمن "أن مصر تحتفظ بحقها الشرعي المكفول في ميثاق الأمم المتحدة، باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان وحماية أمنها القومي، بما في ذلك إزاء أية مخاطر قد تتسبب بها مستقبلاً الإجراءات الأحادية الإثيوبية"
سياسة الأمر الواقع
وفي تصريح لـ "جسور" قال الدكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة: "إن إثيوبيا تمارس سياسة فرض الأمر الواقع، وتصدر للعالم صورة أنها ترحب بالتفاوض، لكنها مفاوضات لا تنتهي أبدا، بدليل دخول المفاوضات بين الدول الثلاث مصر والسودان من ناحية وإثيوبيا من ناحية أخرى، عامها الثاني عشر منذ بدأت في أبريل/ نيسان عام 2011، من دون الوصول إلى اتفاق على نظام الملء والتشغيل للسد الإثيوبي".
وحذر دكتور نادر نور الدين، "من الوضع مع اقتراب سنوات الجفاف السبع التي يشهد فيها فيضان النيل انخفاضا في منسوبه".
وتشيد إثيوبيا سد النهضة المثير للجدل علي النيل الأزرق "الرافد الرئيس لنهر النيل"، وسيكون بعد اكتماله أكبر محطة كهرومائية لتوليد الكهرباء في أفريقيا، وتعول عليه أديس أبابا في توفير الكهرباء لنحو 65 مليون إثيوبي محرومين منها حسب إحصاءات رسمية.
ومن المخطط عند إنتهاء المشروع، تخزين نحو 74 مليار متر مكعب من المياه في بحيرة السد قرب حدود السودان، ما يجعله بمثابة قنبلة مائية وفق الخبراء حال تعرضه للانهيار.
وشرعت إثيوبيا في بناء سد النهضة في أبريل عام 2011 ،مستغلة الفوضي الأمنية والسياسية التي عاشتها مصر عقب الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك.
بينما تعهد الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي مرات عدة وفي مناسبات مختلفة، بأن حصة مصر التاريخية في مياه النيل والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنويا، لن يتم المساس بها مهما كانت الظروف.