يحاول المصريون التمسّك بتقاليد شهر رمضان لجهة التكافل مع المحتاجين وتقديم تبرعات ووجبات إفطار للصائمين، على الرغم من صعوبة الظروف الإقتصادية.
في حي المرج الشعبي شمال شرق القاهرة، قالت مسؤولة في جمعية خيرية صغيرة لوكالة "فرانس برس"، "السنة الماضية في شهر رمضان، قمنا بإطعام 360 شخصا يوميا.. هذا العام، لست متأكدة من أن العدد سيصل حتى إلى 200 شخص".
وأضافت المسؤولة التي طلبت عدم ذكر إسمها لخصوصية الأمر، "الطريقة التي يطلب بها الناس الطعام كانت مختلفة هذا العام.. بالنسبة لهم، إنها الفرصة الوحيدة لتناول الدجاج أو اللحم"، في إشارة إلى الارتفاع الكبير في أسعار مثل هذه المواد.
تضخم مرتفع
وتشهد مصر منذ أواخر العام الماضي أزمة في إنتاج الثروة الداجنة بسبب ارتفاع تكلفة الأعلاف، ما تسبّب بارتفاع أسعار الدجاج حتى قلّ تقديمه على موائد المصريين، خصوصًا من هم تحت خط الفقر والذين تبلغ نسبتهم نحو 30% من السكان الـ105 ملايين.
وتراجعت مشتريات الأسر المصرية تحت وطأة التضخّم المرتفع الذي سجل نحو 33% في فبراير/شباط، في وقت سعى المصريون إلى التموّن قبل حلول شهر الصوم.
ويعاني الإقتصاد المصري من تداعيات سنوات من الأزمات السياسية والهزات الأمنية والعنف، تلتها جائحة كوفيد، واليوم من تأثيرات الحرب الأوكرانية، إذ إن روسيا وأوكرانيا هما البلدان الأساسيان اللذان كانت مصر تستورد منهما القمح، كما أنهما كانا مصدرا أساسيا للسياح الذين يزورون بلاد النيل.
وأصبحت العادة الرمضانية القاضية بتوزيع الطعام في عبوات أو أكياس تضم منتجات غذائية جافة أو وجبات الإفطار الطازجة، ملاذ العديد من العائلات للهروب من الجوع وارتفاع الأسعار.
تكاتف وصمود
وتقول الرئيسة التنفيذية لبنك الكساء المصري منال صالح، إحدى مؤسسي بنك الطعام المصري، إن "المصريين ملتزمون للغاية بدفع الزكاة سواء كانوا مسلمين أو أقباطا".
وبحسب وسائل إعلام حكومية، فقد تبرّع المصريون للجمعيات الخيرية في عشرة أشهر من عام 2021 بحوالى خمسة مليارات جنيه (حوالى 315 مليون دولار آنذاك). وتقول صالح "90% منها زكاة تدفع خلال شهر رمضان".
ولا تعد الأزمة الإقتصادية الحالية فريدة من نوعها بالنسبة لأصحاب الأعمال الخيرية. وتوضح صالح "مررنا بأزمات من قبل.. وكان هناك أيضًا تكاتف وصمود، وكان الناس يتعاطفون مع بعضهم البعض".
وتتابع "حتى لو كانت التبرعات من الأفراد قليلة، نجد مثلا من يتطوّع للطهي وإطعام من حوله".
خلال شهر رمضان، لطالما كان مشهد "موائد الرحمن" الخيرية الهادفة الى إطعام الفقراء وعابري السبيل، يتصدّر شوارع المدن المصرية عند غروب الشمس.
ووفقًا لآخر البيانات الرسمية لعام 2021، بلغ متوسط الراتب الشهري في مصر 4000 جنيه (129 دولارًا تقريبا).
ومع معدّل التضخم المرتفع وخسارة العملة المحلية لأكثر من نصف قيمتها أمام الدولار الأميركي، تضاعف سعر الكيلوغرام لأقل أنواع اللحوم الطازجة ثمنًا والتي يطرحها الجيش المصري في الأسواق، ليبلغ 220 جنيها، أي ما يعادل أكثر من 18% من قيمة متوسط الأجر الشهري للمصريين.
ومع عصر العديد من العائلات نفقاتها، كانت ميزانيات الأعمال الخيرية على رأس المقتطعات.