تستعد القوى السياسية السنية العراقية لخوض غمار الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 10 أكتوبر \تشرين الأول المقبل، في أجواء من التنافس وإعادة تشكيل تحالفاتها مع قوى شيعية وكردية أخرى ورعاة إقليميين.
من بين 44 تحالفا سياسيا عراقيا يشارك في الانتخابات النيابية المبكرة، تبرز ثلاث كتل سنية كبيرة على المشهد الانتخابي هذه الدورة؛ تحالف "العزم" برئاسة رئيس المشروع العربي خميس الخنجر، وتحالف "تقدم" برئاسة رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، وتحالف "جبهة الإنقاذ" برئاسة أسامة النجيفي، وهناك تحالف "المشروع الوطني" برئاسة جمال الضاري.
وتتنافس هذه التحالفات على زعامة البرلمان العراقي، حيث تتوزع الرئاسات الثلاث في العراق طائفيا، فالرئاسة للأكراد ورئاسة الحكومة للشيعة ورئاسة البرلمان تذهب للسنة.
القوى السنية .. تشتت وانقسامات وبيع ولاءات
الجديد الطارئ على الانتخابات العراقية هذا العام، هو مشاركة قوى مرتبطة بثورة أكتوبر 2019، فعلى الرغم من عدم قدرة هذه القوى على مواجهة الأحزاب التقليدية التي تبدو ركيزة من ركائز الدولة العراقية العميقة، إلا أنها لربما ستشكل فارقًا في المشهد السياسي العراقي وخرقًا في شكل التحالفات والمحاصصات الطائفية في الحكومة المقبلة. الشارع الذي طالب بإجراء انتخابات بعيدًا من أجواء المحاصصات الطائفية يجد نفسه اليوم أمام تحالفات يطغو عليها الجانب الطائفي، وبالتأكيد التحالفات السنيَة جزء منها، تحالفات وصفها أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، إحسان الشمري، بـ"المشرذمة". وقال الشمري لـمنصة "جسور": "مع استمرار الانقسام في البيت الشيعي، تجد نفس الانقسام في البيت السني بسبب تأثره بحليفه الشيعي، بالإضافة إلى أن هذه التحالفات تتأثر بالقوى الخارجية". واعتبر الشمري أن تحالف القوى السنية مع "قوى السلاح الشيعية" شكل هزة كبيرة في المكون السني العراقي، إذ أنها ظهرت كقوة مرتهنة للنفوذ الإيراني. من جانبه قال رئيس مركز الرفد للإعلام والدراسة عباس الجبوري لـ"جسور" إن توزيع كراسي الرئاسة الثلاث على أساس طائفي ما هو "إلا بدعة وضعتها الأحزاب السلطة، مشيرًا إلى وجود قطبين أساسين هما "عزم" و"تقدم" يصطدمان من أجل تقاسم الحصص في الحكومة".التحالفات السنية .. من الأقوى؟
لدى السنة حصة في السلطة، يتقاسمون رئاسة البرلمان و عددا محددا من الوزارات في الحكومة، من 4 إلى 6 وزارات من بينهم واحدة سيادية، ووفقًا للجبوري فإن السنَة لا يهمهم من يتولي رئاسة الحكومة أو من يصبح رئيسًا للبلاد، فقط يريدون الحصول على حصتهم في الحكومة، "ولهذا السبب لا يتحقق الإصلاح السياسي، بسبب المحاصصة المقيته".
تعمل القوى السنيَة على البحث عن مصالحها الانتخابية والبرلمانية، فتحالف "تقدم" للحلبوسي والذي يضم التيارات السنيَة عن محافظة الأنبار، يتحالف مع قوى شيعيَة وكردية في مواجهة منافسه الشديد تحالف "عزم" بزعامة خميس خنجر، المتنافسين على أصوات المكون السني خصوصًا في محافظة الأنبار، وتعمل إيران على اختراقه وجلبه إلى خطها السياسي.
أما التحالف الثالث، "المشروع الوطني للإنقاذ"، فيمثل التيارات السياسية السنية فى محافظة الموصل وفي مقدمتها "الكتلة الموصلية" بزعامة أسامة النجيفي، يملك حظوظًا أقل في الاستحواذ على عدد كبير من المقاعد كونه بعيدًا من سياسات التحالفات مع الأحزاب الأخرى أو قوى خارجية.
تقوم هذه التحالفات لخدمة المصالح الحزبية، ولا تقوم على استراتيجية وطنية خالصة وفقًا للشمري، مشيرًا إلى أن "الخطير في التحالفات السنية من يتم تسميتهم بـ"ولاية الفقيه"، أو سنة المالكي"، واعتبر أن نتائج انتخابات 2018 ما هي إلا عبارة عن فوز إيراني على الولايات المتحدة في العراق، حيث قامت طهران برسم خارطة التحالفات تحقق مصالحها وترسخ هيمنتها على العراق.