ملايين الوثائق سيتمّ الكشف عنها، ضمن وثائق باندورا التي يتصدّرها لبنان لناحية اللجوء إلى الملاذات الضريبية.
ينتظر العالم الكشف عن وثائق باندورا، وهي أكبر وأوسع عمل استقصائي صحافي عالمي تم إنجازه وسينشر تباعاً. وتضم تحقيقات حول تسريبات لنحو 12 مليون وثيقة عن الجنات والملاذات الضريبية وشركات الـ "أوف شور" في العالم.
يحقق المشروع في ملايين الوثائق التي تكشف أسرار الجنات الضريبية، ويكشف معلومات تتعلق بالأملاك السرية والثروات المخبأة لعدد كبير من زعماء العالم وشخصيات عامة. ويكشف صفقات لشخصيات هاربة أو مدانة ومشاهير ونجوم رياضة.
وثائق باندورا.. الأضخم
أوضحت الصحافية اللبنانية والشريكة المؤسسة في موقع"درج"، ديانا مقلّد، انه "لدينا اليوم 14 شركة عن حوالي 200 دولة في العالم ومن ضمنها حصّة للدول العربية، وملايين الوثائق فيها مواد عن لبنان والعراق وموريتانيا والأردن والخليج وغيرها."وأكدت مقلّد في حديث لـ "جسور" ان "هذه التسريبات هي الأكبر والأضخم ويُتوقّع أن يكون لها صدى عالمي ليس فقط في المنطقة العربية".
ولفتت إلى أن وثائق بنما، التي نُشرت في وقت سابق، حصلت بسببها استقالات لرؤساء حكومات، اوضحت ان "اليوم سيُكشف عن أسماء جدّاً مهمة يفترض أن يكون لها وقع هائل".
واعتبرت ان الملاذات الضريبية يلجأ اليها عادة، الزعماء والشخصيات ورجال الأعمال والمصرفيون، لسببين: "الأول للتهرّب الضريبي والثاني للإغفال عن أسماء الشركاء او الأهداف الحقيقية من الشركات"، مشيرة الى أن "من يلجأ إليها لا يساهم بالمالية العامة لبلاده ومن يدفع الثمن هي الطبقة الوسطى والفقيرة".
المفارقة الكبيرة في ما يخص الشأن اللبناني، بحسب مقلد، أن "له حضور كبير في الجنان الضريبية، في وقت لا يمكن المواطن الوصول الى أبسط مقومات الحياة وأمواله محجوزة في المصارف، في ظل طبقة سياسية أصبح فسادها علنياً وموثقاً ومثبتاً، ولا تزال هذه الطبقة تهرّب أموالها وتُراكم ثرواتها على حساب اللبنانيين".
حجم الأموال المهربة من لبنان وإمكانية استعادتها
بدوره، أكّد الصحافي الاقتصادي، علي نور الدين، في حديث لـ "جسور" ان أسباب اللجوء للجنان الضريبية هي "التهرب الضريبي أو التهرب من أي عمليات قد تطاولها العقوبات الدولية، أو إخفاء الأموال الناتجة عن كسب غير مشروع".وأوضح أنه "بين عامي 2011 و2019، كان هناك عجز كبير في ميزان المدفوعات في لبنان، ازداد عبر السنوات، وفاقمته موجة تهريب الأموال من بيروت بسبب التخوف من مستقبل الأزمة التي وصلنا اليها حالياً". ويعلّق "لكن قبل عام 2019 خروج هذه الأموال كان مشروعاً من الناحية القانونية. لكننا بعد تلك السنة دخلنا في مرحلة تهريب للسيولة وهو أمر موثّق باعتبار أن حجم الأموال التي خرجت أكبر بكثير من حجم الأموال التي كانت تُستعمل لاستيراد السلع الأساسية".
واعتبر نور الدين، انه "يصعب تقدير حجم الأموال المهرّبة بسبب نظام السرية المصرفية الموجود في لبنان".
أما بشأن امكانية استعادة الأموال المنهوبة، أوضح انه "بالرغم من محاولة بعض الجمعيات والنشطاء مراسلة السلطات السويسرية غير أن الجواب كان استحالة استعمال قيود النظام المالي للتغيير السياسي في لبنان". ورأى أنه "بوجود النظام السياسي الحاكم في البلد، من الصعب ان يكون هناك مسعى جدّي لاستعادة الأموا بما أن المستفيدين نفسهم موجودون في السلطة".
نحو 12 مليون وثيقة عن شركات الـ"أوف شور" في العالم
تبدأ مساء اليوم الأحد، مجموعة من وسائل الإعلام في العالم، بنشر تحقيقات حول تسريبات لنحو 12 مليون وثيقة عن شركات الـ"أوف شور". وأطلق على هذا المشروع اسم "وثائق باندورا"، أوتسريبات "باندورا". وتكشف هذه الوثائق عن الموارد المالية للعديد من قادة الدول والمسؤولين الحكوميين، بشكل يفوق ما كشفته وثائق بنما.توفر الوثائق الجديدة، أكثر من ضعف المعلومات حول ملكية الشركات الخارجية. وتكشف هذه التسريبات المالكين الحقيقيين لأكثر من 29 ألف شركة خارجية. في ما مالكوها يأتون من أكثر من 200 دولة، مع فارق كبير لدول منها روسيا والمملكة المتحدة والأرجنتين والصين والبرازيل.
لبنان في صدارة وثائق باندورا
المفاجأة اللبنانية في وثائق باندورا، تتمثل في أن لبنان يتصدّرها، في حين أنه يمرّ بأسوأ أزماته المالية والاقتصادية، ولامس انهياره حدود المجاعة وأصاب مختلف قطاعاته، بينما أفضى الفساد فيه إلى ثاني أكبر انفجار غير نووي في التاريخ.لبنان تصدّر دول العالم، لجهة لجوء سياسييه ومصرفييه ورجال أعماله إلى تسجيل شركاتهم في الجنات الضريبية. فمن بين 14 مزوداً للملفات المسربة، وعددها نحو 12 مليون وثيقة، كانت شركة trident trust الشركة الأكبر من بينها، اذ بلغ عدد الوثائق المسربة منها نحو 3 ملايين وثيقة.
وستظهر الوثائق التي ستنشر تباعاً أن كبار أصحاب الثروات في لبنان، لجأوا إلى الشركة المذكورة لتسجيل شركاتهم في الملاذات الضريبية. حل لبنان في المرتبة الأولى بـ346 ملفاً، لجأ أصحابها اللبنانيون إلى trident trust لتسجيل شركاتهم في الملاذات الضريبية، جاءت بريطانيا في المرتبة الثانية في قائمة زبائن الشركة بـ 151 ملفاً. وحل العراق ثالثاً بـ 85 ملفاً، وقد أعلنت السلطات العراقية أخيراً عن سعيها إلى شراكات مع ثلاث دول لاسترجاع الأموال المنهوبة.