مع استلام الرئيس الأميركي، جو بايدن، الحكم من سلفه، دونالد ترامب، اتخذت الإدارة الأميركية مساراً مغايراً، يعكس إرث الرجل "المفاوض" الذي وصل إلى البيت الأبيض.
وبما أن ترامب، كان الرئيس الأكثر جدلاً في تاريخ الولايات المتحدة، وانتهت ولايته بحوادث دراماتيكية لا سيّما ما جرى في مبنى الكابيتول، اتضح أن أمام بايدن الكثير لفعله لملء "الشواغر" الي أحدثها سلفه.
لكن شيئاً فشيئاً، اختلفت الآراء من الرئيس الهادئ القادم حديثاً إلى المكتب البيضاوي. وظهرت أمامه ملفات من الإرث السابق، كان عليه التعامل معها، لا سيما ملف المفاوضات بشأن الانسحاب من أفغانستان، بعد عشرين عاماً من دخول الجيش الأميركي إليها.
واجه بايدن الاستحقاق الخطير معلناً الانسحاب المفاجىء للقوات الأميركية من أفغانستان في 30 آب/ أغسطس الماضي، مع ما نتج عن هذا الانسحاب "الكارثي والمهين" من تطورات في سياسة واشنطن في الشرق الأوسط.
خطة بايدن
وفي تقرير تمّ نشره قبل أشهر من قرار انسحاب آخر جندي أميركي من أفغانستان، اعتبر الكاتبان: كينيث بولاك ودينيس روس؛ أن "بايدن وفريقه أقنعا شركاء أميركا في الشرق الأوسط بأنه لن يتخلى عن المنطقة ببساطة، ولن يرضخ لمزيد من العدوان والتوسع الإيراني - بخلاف كلّ من أوباما وترامب. لكنه لم يخبرهم "كيف" ينوي تحقيق ذلك، ولا الأدوار التي تصوّرها لهم في هذا المخطط".
واعتبر التقرير أن "الامتناع عن وضع مثل هذه الاستراتيجية - مهما كان ذلك صعباً - ستكون له تكلفة عالية"، موضحاً أنه "في غياب مثل هذه الإستراتيجية الشاملة، لن تفهم أي دولة في الشرق الأوسط ما تتوقعه الولايات المتحدة منها، أو ما تنوي تقديمه لها، أو ما هي الحال النهائية في المنطقة التي تسعى الولايات المتحدة إلى إرسائها - وما إذا كانت هذه هي الحال النهائية التي ستلبّي الاحتياجات الخاصة لكل بلد".
كما أشار تقرير الكاتبين، إلى أن "هذا هو بالتحديد ما حدث خلال فترة إدارة أوباما وترامب، عندما غزت السعودية والإمارات اليمن، وتدخّلت تركيا والإمارات ومصر وقطر في ليبيا، وتدخلت تركيا في سوريا وشمال العراق - وبالطبع، أصبحت القوى الخارجية مثل روسيا أكثر تدخلاً بكثير. وفي غضون ذلك، اختارت إسرائيل مواجهة التهديدات الناشئة عن برنامج إيران النووي المتقدم ووجودها المتنامي في سوريا، بحملة جوية متواصلة في سوريا وعمليات سرية فتاكة ضد إيران".
وأوضح الكاتبان أنه "في غياب هذه الاستراتيجية، فمن شبه المؤكد أن تمضي دول المنطقة في مسارها الخاص من جانب واحد، ونادراً ما ستكون هذه المسارات فعالةً بقدر المسارات المنسّقة مع الولايات المتحدة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى نشوب صراعٍ أوسع نطاقاً بين تلك الدول و"محور المقاومة" الإيراني، وحتى تلك الدول التي لا ترغب بذلك".
ومما ورد ف يالتقرير كذلك، أنه "يبدو أن إدارة بايدن تعلّمت درساً بأن الولايات المتحدة، وإن كانت قد لا تريد جعل الشرق الأوسط أولوية لها، إلّا أنها لا تستطيع تجاهل ذلك أيضاً. ولكن بدون وجود استراتيجية شاملة للمنطقة، تخاطر واشنطن بترك المنطقة تنفجر بطرقٍ "سترغم" الولايات المتحدة على جعلها أولوية. وهذا آخر ما يحتاجه الرئيس بايدن".
أزمة ثقة
انخفضت نسبة الجمهور المؤيد للرئيس الأميركي الحالي، بعد الانسحاب المفاجىء من أفغانستان، وسط اتهامات خطيرة له من البنتاغون مقابل محاولة بايدن تبرير قراره.
ورغم إعلان بايدن عن تحمّله المسؤولية، فإنه لم يتردد في تحميل مسؤولية توقيت قرار الانسحاب إلى الرئيس السابق دونالد ترامب، كما حمّل الجيش والرئيس الأفغانيين مسؤولية فوضى عملية الإجلاء، وسوء التخطيط لها، معترفاً بأن إدارته افترضت خطأ أن الجيش الأفغاني سيكون قادرا على منع طالبان من السيطرة على البلاد بهذه السرعة.
وبالوقت الذي لم تنجح إدارته في إخراج كل الأميركيين الراغبين في مغادرة أفغانستان، قبل موعد استكمال الإنسحاب في 31 آب/ أغسطس الماضي، بقي ما يقارب 200 مواطن أميركي إضافة إلى الآلاف من الأفغان داخل أفغانستان، من دون معرفة متى أو كيف سيتم إجلاؤهم.
كل هذا نتج عنه أزمة ثقة واضحة في أسلوب قيادته، كونه يعد بحكم منصبه "القائد الأعلى للقوات المسلحة الأميركية"، بحسب معارضي بايدن الذين أشاروا إلى أنه ترك أميركيين خلف خطوط العدو. ووجه مسؤولون سابقون في البنتاغون وأعضاء في الكونغرس من الجمهوريين والديمقراطيين، انتقادات لبايدن بسبب تركه أميركيين داخل أفغانستان، على الرغم من تقديمه وعودا واضحة بأنه "إذا بقي مواطنون أميركيون فسوف نبقى حتى نخرجهم جميعا".
الإدارة والشرق الأوسط
بعد الهزيمة الكبرى في أفغانستان، وهي أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة، إضافة إلى مضاعفات الانسحاب على سمعتها ومكانتها وصدقيتها، كدولة عظمى وحليفة. من دون إغفال الزلزال السياسي الذي واجهته أميركا، في السنة الماضية، داخليا، عقب اجتياح عنيف لمبنى الكابيتول، وهي لا تزال تعاني من تردداته الخطيرة حتى الآن. إثر هذا كلّه، بدأ المعلقون بالحديث عن "مزاج أميركي انعزالي" بعض الشيء، مماثل كثيرا للمزاج السياسي والشعبي في أعقاب ما سمي بـ"متلازمة فيتنام" أو عقدة حرب فيتنام، والتي هيمنت على الأوساط السياسية والعسكرية الاميركية ودفعت بالولايات المتحدة لتفادي التورط في حروب كبيرة ومكلفة.
واعتبر محلّلون أن "عملية تخفيض الوجود العسكري الأميركي في منطقة الخليج وشرق المتوسط سوف تستمر في السنوات المقبلة، لأن معظم الأسباب التي أدت إلى هذا الوجود إما لم تعد موجودة، أو انخفضت كثيرا. وعلى الرغم من التوتر بين إيران (وحلفائها مثل التنظيمات التي تخدمها في اليمن والعراق) ودول الخليج العربية، والاعتداءات الايرانية ضد ناقلات النفط العربية وغير العربية في مياه الخليج او الهجمات الصاروخية الايرانية ضد المنشآت النفطية السعودية في أبقيق في 2019، فإن الولايات المتحدة لم تتعامل مع هذه الهجمات وكأنها ترقى الى مستويات خطيرة تتطلب ردا اميركيا مباشرا".
ويضيف المحللون، أن في يونيو/ حزيران 2019، أسقطت ايران طائرة استطلاع أميركية متطورة من دون طيار فوق المياه الدولية في منطقة مضيق هرمز، ومع ذلك فقد امتنع الرئيس السابق دونالد ترامب، على الرغم من مواقفه النارية ضد ايران، عن الرد العسكري على مثل هذا الاستفزاز. ومنذ وصوله الى البيت الابيض، يؤكد الرئيس بايدن بأقواله واجراءاته انه يريد تفادي أي مواجهة عسكرية مع ايران."
وبما أن ترامب، كان الرئيس الأكثر جدلاً في تاريخ الولايات المتحدة، وانتهت ولايته بحوادث دراماتيكية لا سيّما ما جرى في مبنى الكابيتول، اتضح أن أمام بايدن الكثير لفعله لملء "الشواغر" الي أحدثها سلفه.
لكن شيئاً فشيئاً، اختلفت الآراء من الرئيس الهادئ القادم حديثاً إلى المكتب البيضاوي. وظهرت أمامه ملفات من الإرث السابق، كان عليه التعامل معها، لا سيما ملف المفاوضات بشأن الانسحاب من أفغانستان، بعد عشرين عاماً من دخول الجيش الأميركي إليها.
واجه بايدن الاستحقاق الخطير معلناً الانسحاب المفاجىء للقوات الأميركية من أفغانستان في 30 آب/ أغسطس الماضي، مع ما نتج عن هذا الانسحاب "الكارثي والمهين" من تطورات في سياسة واشنطن في الشرق الأوسط.
خطة بايدن
وفي تقرير تمّ نشره قبل أشهر من قرار انسحاب آخر جندي أميركي من أفغانستان، اعتبر الكاتبان: كينيث بولاك ودينيس روس؛ أن "بايدن وفريقه أقنعا شركاء أميركا في الشرق الأوسط بأنه لن يتخلى عن المنطقة ببساطة، ولن يرضخ لمزيد من العدوان والتوسع الإيراني - بخلاف كلّ من أوباما وترامب. لكنه لم يخبرهم "كيف" ينوي تحقيق ذلك، ولا الأدوار التي تصوّرها لهم في هذا المخطط".
واعتبر التقرير أن "الامتناع عن وضع مثل هذه الاستراتيجية - مهما كان ذلك صعباً - ستكون له تكلفة عالية"، موضحاً أنه "في غياب مثل هذه الإستراتيجية الشاملة، لن تفهم أي دولة في الشرق الأوسط ما تتوقعه الولايات المتحدة منها، أو ما تنوي تقديمه لها، أو ما هي الحال النهائية في المنطقة التي تسعى الولايات المتحدة إلى إرسائها - وما إذا كانت هذه هي الحال النهائية التي ستلبّي الاحتياجات الخاصة لكل بلد".
كما أشار تقرير الكاتبين، إلى أن "هذا هو بالتحديد ما حدث خلال فترة إدارة أوباما وترامب، عندما غزت السعودية والإمارات اليمن، وتدخّلت تركيا والإمارات ومصر وقطر في ليبيا، وتدخلت تركيا في سوريا وشمال العراق - وبالطبع، أصبحت القوى الخارجية مثل روسيا أكثر تدخلاً بكثير. وفي غضون ذلك، اختارت إسرائيل مواجهة التهديدات الناشئة عن برنامج إيران النووي المتقدم ووجودها المتنامي في سوريا، بحملة جوية متواصلة في سوريا وعمليات سرية فتاكة ضد إيران".
وأوضح الكاتبان أنه "في غياب هذه الاستراتيجية، فمن شبه المؤكد أن تمضي دول المنطقة في مسارها الخاص من جانب واحد، ونادراً ما ستكون هذه المسارات فعالةً بقدر المسارات المنسّقة مع الولايات المتحدة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى نشوب صراعٍ أوسع نطاقاً بين تلك الدول و"محور المقاومة" الإيراني، وحتى تلك الدول التي لا ترغب بذلك".
ومما ورد ف يالتقرير كذلك، أنه "يبدو أن إدارة بايدن تعلّمت درساً بأن الولايات المتحدة، وإن كانت قد لا تريد جعل الشرق الأوسط أولوية لها، إلّا أنها لا تستطيع تجاهل ذلك أيضاً. ولكن بدون وجود استراتيجية شاملة للمنطقة، تخاطر واشنطن بترك المنطقة تنفجر بطرقٍ "سترغم" الولايات المتحدة على جعلها أولوية. وهذا آخر ما يحتاجه الرئيس بايدن".
أزمة ثقة
انخفضت نسبة الجمهور المؤيد للرئيس الأميركي الحالي، بعد الانسحاب المفاجىء من أفغانستان، وسط اتهامات خطيرة له من البنتاغون مقابل محاولة بايدن تبرير قراره.
ورغم إعلان بايدن عن تحمّله المسؤولية، فإنه لم يتردد في تحميل مسؤولية توقيت قرار الانسحاب إلى الرئيس السابق دونالد ترامب، كما حمّل الجيش والرئيس الأفغانيين مسؤولية فوضى عملية الإجلاء، وسوء التخطيط لها، معترفاً بأن إدارته افترضت خطأ أن الجيش الأفغاني سيكون قادرا على منع طالبان من السيطرة على البلاد بهذه السرعة.
وبالوقت الذي لم تنجح إدارته في إخراج كل الأميركيين الراغبين في مغادرة أفغانستان، قبل موعد استكمال الإنسحاب في 31 آب/ أغسطس الماضي، بقي ما يقارب 200 مواطن أميركي إضافة إلى الآلاف من الأفغان داخل أفغانستان، من دون معرفة متى أو كيف سيتم إجلاؤهم.
كل هذا نتج عنه أزمة ثقة واضحة في أسلوب قيادته، كونه يعد بحكم منصبه "القائد الأعلى للقوات المسلحة الأميركية"، بحسب معارضي بايدن الذين أشاروا إلى أنه ترك أميركيين خلف خطوط العدو. ووجه مسؤولون سابقون في البنتاغون وأعضاء في الكونغرس من الجمهوريين والديمقراطيين، انتقادات لبايدن بسبب تركه أميركيين داخل أفغانستان، على الرغم من تقديمه وعودا واضحة بأنه "إذا بقي مواطنون أميركيون فسوف نبقى حتى نخرجهم جميعا".
الإدارة والشرق الأوسط
بعد الهزيمة الكبرى في أفغانستان، وهي أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة، إضافة إلى مضاعفات الانسحاب على سمعتها ومكانتها وصدقيتها، كدولة عظمى وحليفة. من دون إغفال الزلزال السياسي الذي واجهته أميركا، في السنة الماضية، داخليا، عقب اجتياح عنيف لمبنى الكابيتول، وهي لا تزال تعاني من تردداته الخطيرة حتى الآن. إثر هذا كلّه، بدأ المعلقون بالحديث عن "مزاج أميركي انعزالي" بعض الشيء، مماثل كثيرا للمزاج السياسي والشعبي في أعقاب ما سمي بـ"متلازمة فيتنام" أو عقدة حرب فيتنام، والتي هيمنت على الأوساط السياسية والعسكرية الاميركية ودفعت بالولايات المتحدة لتفادي التورط في حروب كبيرة ومكلفة.
واعتبر محلّلون أن "عملية تخفيض الوجود العسكري الأميركي في منطقة الخليج وشرق المتوسط سوف تستمر في السنوات المقبلة، لأن معظم الأسباب التي أدت إلى هذا الوجود إما لم تعد موجودة، أو انخفضت كثيرا. وعلى الرغم من التوتر بين إيران (وحلفائها مثل التنظيمات التي تخدمها في اليمن والعراق) ودول الخليج العربية، والاعتداءات الايرانية ضد ناقلات النفط العربية وغير العربية في مياه الخليج او الهجمات الصاروخية الايرانية ضد المنشآت النفطية السعودية في أبقيق في 2019، فإن الولايات المتحدة لم تتعامل مع هذه الهجمات وكأنها ترقى الى مستويات خطيرة تتطلب ردا اميركيا مباشرا".
ويضيف المحللون، أن في يونيو/ حزيران 2019، أسقطت ايران طائرة استطلاع أميركية متطورة من دون طيار فوق المياه الدولية في منطقة مضيق هرمز، ومع ذلك فقد امتنع الرئيس السابق دونالد ترامب، على الرغم من مواقفه النارية ضد ايران، عن الرد العسكري على مثل هذا الاستفزاز. ومنذ وصوله الى البيت الابيض، يؤكد الرئيس بايدن بأقواله واجراءاته انه يريد تفادي أي مواجهة عسكرية مع ايران."