منذ مطلع العام، خسرت الليرة التركية أكثر من 45 في المئة من قيمتها بفعل أزمة اقتصادية تجاوز بسببها سعر الصرف حالياً عتبة 13 ليرة مقابل الدولار، بعدما كان يوازي ثماني ليرات تقريباً قبل بدء الأزمة.
أيام الليرة التركية الصعبة تجاوزت الحدود. فبعدما رأى مدخوله يتضاءل تدريجياً على وقع تدهور الليرة التركية المتداولة في شمال سوريا، بدأ المدرّس محمّد الدبك (33 عاماً) العمل بدوام جزئي، ويشارك مع زملائه في إضرابات لحثّ السلطات المحلية على تحسين رواتبهم، إذ عمدوا إلى توجيه رسائل لإدارات المدارس في مدينة الباب ومحيطها، ثم نفذوا إضرابا استمرّ ثمانية أيام منتصف أكتوبر/تشرين الأول قبل ان يعاودوا التدريس أملاً بالتوصل الى حلّ لكن من دون جدوى وباتوا يمتنعون حالياً عن التدريس ليومين أسبوعياً في محاولة لتجنّب العودة إلى "الإضراب المفتوح وتوقّف التدريس".
ويقول محمّد وهو أب لطفل في مدينة الباب الخاضعة لسيطرة القوات التركية وفصائل سورية موالية لها، لوكالة "فرانس برس": "كان راتبي في العام 2017 يساوي 160 دولاراً، أما اليوم فبات يعادل 50 دولاراً، ما يكفيني فقط لدفع إيجار المنزل".
ويضيف: "أثّر انهيار العملة التركية عليّ سلباً وجعلني ألجأ الى عمل آخر"، في مكتبة لبيع القرطاسية والكتب المدرسية، ما يوفّر مدخولاً بقيمة أربعين دولار تقريباً.
ويحتاج محّمد إلى نحو مئتي دولار كمصروف شهرياً، لتأمين احتياجاته الرئيسية ودفع بدلات إيجار المنزل والكهرباء والانترنت والمواصلات، أي ضعف المبلغ الذي يجنيه. ويحاول قدر الإمكان مواءمة احتياجاته مع مدخوله الحالي.
ومنذ منتصف حزيران/يونيو، بدأت السلطات المحلية في مناطق واسعة في الشمال السوري وشمال غرب سوريا، حيث تحظى أنقرة بنفوذ أو تواجد عسكري، اعتماد الليرة التركية في التداول اليومي كبديل عن الليرة السورية التي كانت قد شهدت تدهوراً غير مسبوق في قيمتها آنذاك.
وضاعفت تركيا استثماراتها هناك في قطاعات عدة مثل الصحة والتعليم، إلى جانب رعايتها لمجالس محلية أنشأتها لإدارة مناطق نفوذها في الشمال السوري والوجود العسكري لقواتها.
هذا الترابط، عكس سريعاً انهيار الليرة التركية على مناطق نفوذ أنقرة لناحية تراجع قدرة السكان الشرائية وارتفاع أسعار السلع، خصوصاً المستوردة من تركيا.
وبحسب تقرير للأمم المتحدة في نهاية أغسطس/ آب، فإن "91 في المئة من السكان العاملين في شمال غرب سوريا هم أسر تعيش فقراً مدقعاً، ما يؤشر الى ضعف وضع الاقتصاد المحلي".