"سأوافيكم بتفاصيل الخبر بعد قليل"... كانت هذه آخر رسالة وجهتها مراسلة قناة الجزيرة القطرية شيرين أبو عاقلة إلى غرفة الأخبار في طريقها لتغطية عملية أمنية إسرائيلية في مدينة جنين في شمال الضفة الغربية المحتلة.
ويقول مدير تحرير قناة "الجزيرة" العربية محمد معوض بتأثر "ولكنها لم تحضر".
ويضيف لوكالة فرانس برس "آخر اتصال معها كان قبل عشرين دقيقة من حدوث هذه الجريمة البشعة"، في إشارة الى مقتل شيرين أبو عاقلة برصاصة في الوجه.
وقتلت الصحافية المخضرمة (51 عامًا) صباح الأربعاء، برصاص إسرائيلي، وفق قناة الجزيرة ومسؤولين فلسطينيين وشهود.
ويشير معوض الى أن أبو عاقلة أرسلت رسالة إلكترونية قالت فيها "في الطريق إلى هناك، أوافيكم بخبر فور اتضاح الصورة"، بينما كانت تتجه الى جنين التي قالت عنها يوما "جنين بالنسبة لي ليست قصة عابرة في مسيرتي المهنية أو حتى في حياتي الشخصية. إنها المدينة التي يمكن أن ترفع معنوياتي وتساعدني على التحليق عاليا".
بدلا من البث المباشر، فوجىء موظفو قناة "الجزيرة" برؤية صور على مواقع التواصل الاجتماعي تشير إلى اصابة أبو عاقلة.
وبحسب معوض، قام صحافي آخر بإرسال رسالة مفادها أن شيرين قتلت، مشيرًا الى أنها كانت مع أربعة صحافيين آخرين يرتدون كلهم سترات الصحافيين الواقية من الرصاص وخوذا واقية.
وقالت قناة "الجزيرة" القطرية في بيان إن القوات الإسرائيلية "اغتالت" أبو عاقلة "بدم بارد" و"برصاص حي استهدفها بشكل مباشر".
ورجّح رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت أن تكون نيران "فلسطينيين مسلحين" هي المسؤولة عن مقتل أبو عاقلة.
ويقول معوض "نعتبر أن هذا كان أمرًا متعمدا لأن الرصاصة أصابت بالضبط المنطقة الواقعة أسفل الأذن"، واصفا بعض التصريحات التي صدرت في إسرائيل ب"غير المسؤولة".
خلال دقيقة الصمت التي أوقفت فيها قناة الجزيرة البث تكريما للصحافية التي انضمت للقناة بعد وقت قصير من افتتاحها في 1996، بكى زملاؤها وتعانقوا داخل مبنى الشبكة في الدوحة. وأصبحت شيرين ابو عاقلة سريعًا نجمة في "الجزيرة" التي بدورها كانت أول قناة فضائية عربية شاملة.
وكانت أبو عاقلة ثاني صحافية تنضم إلى الجزيرة في الأراضي الفلسطينية. وارتفع معها الى 12 عدد الصحافيين الذين يعملون في قناة "الجزيرة" وقتلوا خلال عملهم.
ويوضح معوض "كانت في كل مكان. ذهبت إلى كل مكان لإعطاء صوت لمن ليس له صوت"، مشيرا أن هناك "الكثير من مقاطع الفيديو التي تُظهر تعرّض شيرين لتهجم من جانب قوات الإسرائيلية، بالرصاص أو غيره".
وعلى الرغم من كل ذلك، لم تشك شيرين أبدا. ويتابع "كانت دائما تقوم بتغطية القصة دون أي خوف. لم نكلف شيرين القيام بأي قصة يوما، كانت دائما موجودة من تلقاء ذاتها".