بعض الاشارات الإيجابية التي برزت في الفترة الأخيرة، توحي بإمكانية عقد اتفاقيّة بشأن ملفّ الحدود البحرية العالق بين لبنان وإسرائيل. ولكن التشرذم الذي يسيطر على الدّول وخصوصا المواجهة الدائرة بين الغرب وروسيا على الساحة الأوكرانية، أو الصراع المحتدم مع إيران وانعكاسه على المفاوضات النووية، امور تضع ملف الغاز في شرق المتوسط على خط توتر عالٍ.
فقد تلقّى الوسيط الأميركي آموس هوكستين سلسلة من الإتصالات لإستعجاله لعودته إلى بيروت، فزار اليوم الرؤساء الثلاثة، ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي، ناقلاً حصيلة مشاوراته مع الجانب الإسرائيلي حيال الطرح اللبناني الرسمي الداعي إلى اعتماد الخط 23 منطلقاً لترسيم حدود لبنان البحرية الجنوبية مع حقل قانا كاملاً ضمناً.
وفي تصريح مقتضب قبيل مغادرته مطار بيروت أكد هوكستين أن المفاوضات جيّدة مع المسؤولين اللبنانيين من أجل إبرام اتفاق يكون لمصلحة الاقتصاد اللبناني قائلاً: "سنبذل قصارى جهدنا للوصول إلى اتفاق يرضي الجميع".
اجتماع "بالمفرّق"
ومع انقطاع التواصل وزيادة حدّة الاختلافات السياسية بين الرؤساء الثلاثة في لبنان، لم يعقد اجتماع ثلاثي في قصر بعبدا يجمع عون وبري وميقاتي إلى هوكستين كما حصل في زيارته الأخيرة، فاضطر إلى استخدام نمط الاجتماع "بالمفرّق" معهم، أي الاجتماع بكل رئيس بمفرده.
فالتقى هوكستين رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون في بعيدا وفي تصريح مختصر له أكّد أن هناك تطوّرا في المفاوضات والأجواء إيجابيّة قائلاً: "أنا متفائل في الوصول الى اتفاق".
ومن بعبدا توجّه هوكستين الى عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري. وفي حين غادر الوسيط الاميركي من دون الادلاء بأي تصريح، نقل عن بري التالي: "نؤكّد تمسّكنا باتّفاق الإطار وعزمنا على استثمار ثرواتنا في كامل منطقتنا الاقتصاديّة، وعلى ضرورة العودة إلى الناقورة للتفاوض غير المباشر حتى الوصول إلى النتائج المرجوة".
ثم ختم الوسيط الاميركي زيارته في السراي الحكومي، حيث استقبله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في حضور نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم وعدد من الشخصيات.
وتهدف زيارة هوكستين الى تهدئة الأجواء بين لبنان واسرائيل لا سيما وان هناك معلومات عن تصعيد محتمل على الحدود الجنوبية، وهو يريد بهذه الزيارة ارجاء الترسيم لما بعد الاستحقاق الرئاسي والانتخابات الإسرائيلية.
الهدف وراء الزيارة
وفي حديثٍ لـ”جسور” قالت الصحافيّة والخبيرة في سياسات النفط والغاز لوري هايتيان "زيارة هوكستين تزامنت مع التصعيد من قبل حزب الله فتمحورت اللقاءات حول التطمينات وآخر مستجدات المفاوضات ولم يتم الحديث عن الأمور التقنيّة".
وأضافت "حذّر هوكستين اللبنانيين من رفع السقف لأنه سوف ينتج عن ذلك انسحاب أميركا من المفاوضات وبالتالي لبنان سيكون الخاسر الأكبر".
وبالحديث حول النقاط العالقة في ملف ترسيم الحدود قالت هايتيان "أصبح هناك عدّة حلول عبر التفاوض والتواصل ولكن الإتفاق مع شركات التنقيب قد يكون معقّدا أمام ترسيم الحدود وذلك يعود إلى مصالح الشركات والإستثمار والمستثمرين".
غاز الشرق الأوسط
وعن غاز الشرق الأوسط، اعتبرت هايتيان أن ذلك الغاز قد يكون جزءًا من المصادر التي تبحث عنها أوروبا في ظل المعارك بينها وبين روسيا التي كانت توفّر لها الغاز. وقالت "الجزائر وقّعت مع شركة ENA الإيطاليّة لتطوير حقولها والإنتاج وبالتالي البيع لأوروبا، كما أن ليبيا ورغم الصراعات التي تواجهها فهي توفّر لها الغاز حتّى الآن. إضافة إلى مصر واسرائيل وقد اتفقتا مع الاتحاد الأوروبي لبيع الغاز الاسرائيلي عبر المحطات المصريّة باتجاه أوروبا. كذلك الخليج وخصوصا قطر التي تصدّر كميّة كبيرة لأوروبا. فيمكن أن يلعب الشرق الأوسط دورا مهما في تصدير الغاز لدول الغرب ولكن لبنان خارج المعادلة لأنه حتّى الآن ليس له أي إكتشاف وبالتالي لا دور له."