في إطار آلية التعاون الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص التي انطلقت عام 2014، احتضنت العاصمة اليونانية أثينا، فعاليات القمة الثلاثية في جولتها التاسعة.
وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كلمته خلال أعمال القمة الثلاثية في أثينا، بحضور رئيس وزراء جمهورية اليونان، ورئيس جمهورية قبرص اعتزاز مصر الكبير بما حققته آلية التعاون الثلاثي حتى الآن، حيث "نجحت شراكتنا منذ تدشينها قبل نحو ثمانية أعوام في تكريس أهمية التشاور الدوري والتنسيق الوثيق بيننا حول الملفات الإقليمية والدولية التي تؤثر على بلداننا وكل شعوب المنطقة"، موضحا أنها "عكست كذلك التزامًا متبادلاً بتمكين هذا النسق من التعاون من ترجمة تحركاته السياسية والدبلوماسية إلى حزمة من المشروعات المثمرة على أرض الواقع، وفي مختلف القطاعات الاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية.
وشدد الرئيس على ما توليه مصر من اهتمام خاص بتعزيز التعاون بين اليونان وقبرص في مجالات الطاقة سواءً بشقها التقليدي أو ارتباطاً بمصادرها المتجددة؛ معربًا عن سعادته الشخصية أن يكون شاهدًا على توقيع الاتفاق الثلاثي في مجال الربط الكهربائي للبناء على ما جرى منذ أيام بإبرام اتفاقيتيّن ثنائيتيّن لربط الشبكة الكهربائية في مصر مع كل من اليونان وقبرص على المستوى الثنائي، الأمر الذي نعتبره بمثابة خطوة تمهيدية تقربنا للهدف المشترك الذي نطمح إليه، ألا وهو الربط الكهربائي لاحقًا مع بقية أرجاء القارة الأوروبية.
وأضاف السيسي: هذا اللقاء يعتبر فرصة هامة لتناول عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المتبادل، وفي مقدمتها ملف الاستقرار بمنطقة شرق المتوسط، بما يتطلبه تحقيقه من ضرورة احترام وحدة وسيادة بُلدان المنطقة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، فضلاً عن مراعاة مقتضيات الأمن البحري لكل دولة كونه جزءًا من الأمن الإقليمي.
وتابع السيسي: وغنيّ عن البيان، أنه لا يمكن التطرق إلى منطقة شرق المتوسط دون التأكيد في هذا السياق على دعمنا المتجدد لمساعي جمهورية قبرص بهدف إيجاد حل شامل وعادل للقضية القبرصية استنادا لقرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن ذات الصلة، وعلى نحو يؤدى إلى إعادة توحيد شطريّ الجزيرة، مع التأكيد على أهمية التزام كل الأطراف المعنية بعدم انتهاك المياه الإقليمية أو المجال الجوي سواءً لجمهورية قبرص أو لجمهورية اليونان.
وأعرب السيسي عن تطلعه لما سيشهده الاجتماع من استئناف لنقاشنا المتواصل حول ملفات مهمة ذات تماس مباشر مع أمننا القومي، ولها تأثير كبير على مجمل حالة الاستقرار في جوارنا الإقليمي المشترك، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والملف الليبي والوضع في سوريا وسبل دعم لبنان .
وأضاف الرئيس السيسي أن مصر تعتبر شراكتنا الثلاثية بمثابة جسر من التفاهم والتناغم عبر ضفتي المتوسط، وبين مصر والقارة الأوروبية. مضيفا: فإن مصر تعول على شركائها اليونانيين والقبارصة لدعم رؤيتها وشرح مواقفها في الإطار الأوسع للاتحاد الأوروبي، ترسيخاً وتعميقاً للشراكة المصرية الأوروبية، التي تقوم على التوازن والاحترام والمنفعة المتبادلة.
تركيا ترفض
لم تكد القمة الثلاثية تنتهي حتى هاجمت الخارجية التركية بيانها واصفة إياه بالعدائي، واعتبرت أنه لا يمكن لأي مبادرة أن تنجح في شرق البحر الأبيض المتوسط من دون مشاركة تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية.
وفي تفاصيل الموقف قالت الوزارة: "لقد أظهرنا للأصدقاء والأعداء أنه لا يمكن لأي مبادرة في شرق البحر الأبيض المتوسط من دون مشاركة تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية أن تنجح. تدعم تركيا مشاريع الطاقة التي من شأنها زيادة التعاون بين دول المنطقة. ومع ذلك، يجب ألا تتجاهل هذه المشاريع حقوق ومصالح تركيا والقبارصة الأتراك ويجب أن تكون شاملة».
وأضافت: «وعلى عكس المعلومات الواردة في هذا البيان، فإن المصدر الرئيسي للتوتر في المنطقة هو مطالبة الجانب اليوناني والرومي المتطرفة وغير القانونية بالحدود البحرية وتجاهل القبارصة الأتراك. وأعطينا الجواب اللازم في الأيام الماضية على محاولات انتهاك الجرف القاري لإحداث توترات في شرق البحر المتوسط. سنواصل بحزم حماية حقوقنا وحقوق القبارصة الأتراك".
وتابعت: "من ناحية أخرى، نؤيد البيان الصادر عن وزارة خارجية الجمهورية التركية لشمال قبرص بشأن البيان المشترك. لا يمكن أن يسهم التفاهم الذي يرفض الحقائق على الجزيرة في حل قضية قبرص. نود أن نذكركم مرة أخرى بأنه لا يمكن بدء عملية مفاوضات جديدة قبل تسجيل المساواة في السيادة والوضع الدولي المتساوي للشعب القبرصي التركي".
ولفتت الوزارة إلى أنه "بالإضافة إلى ذلك، فإنه من عدم الاحترام لمصالح ليبيا وسيادتها أن هذه الدول، التي أدى دعمها لجماعات غير شرعية معينة إلى زعزعة الاستقرار في ليبيا، أن تستهدف الآن مذكرة التفاهم التي وقعناها مع الحكومة الشرعية في ليبيا".
هذا ما تهدف إليه قمة "أثينا"!
وكان المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية في مصر بسام راضي، قد صرّح في بيان، بأن قمة "أثينا" تهدف إلى البناء على ما تحقق خلال القمم الثماني السابقة وتقييم التطور في مختلف مجالات التعاون ومتابعة المشروعات الجاري تنفيذها في إطار الآلية، وذلك في إطار تعزيز العلاقات المتميزة بين الدول الثلاث، بالإضافة إلى دعم وتعميق التشاور السياسي بينهم حول سبل التصدي للتحديات التي تواجه منطقتي الشرق الأوسط وشرق المتوسط.