تحوّل مفاجئ في الموقف اللبناني من مسار مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل حيث وبسحر ساحر، ضرب لبنان الرسمي خط 29 عرض الحائط، وكرّس الخط 23 في التفاوض.
ومنعاً لأي استسفار، أعلن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية في بيان عن أن المفاوضات غير المباشرة، وإن كانت تتم تحت مظلة الأمم المتحدة وبوساطة أميركية، إنما تخاض في وجه العدو الصهيوني بما يحفظ الأمن القومي للبنان، الأمر الذي يتطلب إحاطة جميع الأعمال المتصلة بها بالسرية التامة حتى لا ينفد العدو إليها ويستخدمها لتقوية موقفه في وجه لبنان،.
لكن وعلى ما يبدو، تمّ الإفصاح عنها أو لا، النتيجة واحدة : السياسيون اللبنانيون يتآمرون على لبنان واللبنانيين وليسوا بحاجة الى من يستقوي على لبنان أولاً.
وهنا أسئلة كثيرة تُطرح منها: هل من صفقة أميركية - ايرانية على حساب لبنان؟ وهل المفاوضات النووية وراء التحولات التي طرأت؟
موقف لبنان لم يتغيّر
المؤرخ والكاتب اللبناني الدكتور عصام خليفة، صاحب عشرات المؤلفات التي توثّق قضية الحدود، يقول في حديث لـ"جسور": لا اثباتات ووثائق تؤكّد فرضية صفقة أميركية - ايرانية على حساب لبنان إلا أن الأوساط تتكلّم كثيراً عنها وهناك الكثير من الشكوك حولها لكنها تبقى فرضيّات".
ويُشدّد خليفة على "أن موقف لبنان لم يتحوّل إنما بعض الأشخاص الذين نتهمهم بالخيانة العُظمى بدّلوا موقفهم." ويقول: "لبنان هو الشعب اللبناني والشعب اللبناني قال كلمته ونطالب مجلس الوزراء ومجلس النواب والجيش اللبناني بأخذ موقف، فهذه الثروة لنا ولأولادنا وللأجيال القادمة ولن نقبل المساومة.
القانون فوق السلطان
وحول سرّية المفاوضات غير المباشرة، ينطلق المؤرخ اللبناني من نظرية أن السياسيين "لا يؤمنون بأن الشعب هو مصدر السلطات بل يؤمنون بأمورهم السياسية خدمةً لمصالحهم وعائلاتهم وأزلامهم". ويشير إلى أن السياسة ملك الشعب اللبناني والشعب هو من يقرّر"، مستشهداً بخليل غانم أحد القضاة اللبنانيين مهندسي الدستور العثماني سنة الـ1876 حين قال للسلطان عبد الحميد الذي لم يريد تطبيق الدستور : القانون والدستور فوق السلطان.
كذلك اليوم يضيف أن لدينا قوانين دستورية تمنع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب (نبيه بري) ورئيس مجلس الوزراء (نجيب ميقاتي) وأي مسؤول من القيام بخيانة عظمى بحقّ مصالح الشعب استناداً للمادة الثانية من الدستور اللبناني وهي واضحة بحسب قوله كذلك المادة 277 من قانون العقوبات وختم قائلاً: كلّفنا لجنة خبراء وقانونيين برفع دعوى ضد بجرم الخيانة العظمى".
المفاجأة الكبرى
وبعد الزيارة الأخيرة للموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت في 8 فبراير/شباط الجاري ومن المرتقب ان تكون له زيارة جديدة، شكّل إعلان لبنان تراجعه عن الخط الحدودي البحري 29 إلى 23 مفاجأة كبيرة في الأوساط اللبنانية. والملفت هو توافق المسؤولين على هذا التحول الذي جاء على لسان الرئيس عون حيث أعلن عن أن "حدود لبنان البحرية هو الخط 23 وهو خط تفاوضنا الذي نتمسك به، وأن البعض طرح الخط 29 من دون حجج لبرهنته".
وموقف عون جاء مناقضاً لما نُقل عنه سابقاً عن تمسّكه بالخط 29، كما يخالف رأي الجيش اللبناني ووفده المفاوض الذي أصرّ سابقاً على اعتماد الخط 29، ما دفع برئيس الوفد المفاوض العميد الركن بسام ياسين، في اليوم ذاته الى إصدار بيان جاء فيه: "الرئيس عون كان يؤكد دائماً خلال الاجتماعات التي عقدها مع الوفد على ضرورة التمسّك ببدء المفاوضات من الخط 29، وكان يرفض حصر التفاوض بين الخط 1 و23 كما يطالب العدو الإسرائيلي" ويضيف: "الخط 23 غير تقني وغير قانوني وتشوبه الكثير من العيوب".
الخطان 1 و23
وما بين الخطين 1 و 23 منطقة بحرية متنازع عليها بين لبنان واسرائيل، تبلغ مساحتها 860 كيلومترا مربعاً وتُعدّ غنية بالنفط والغاز، إلا أن الوفد اللبناني قدّم خلال جلسات التفاوض السابقة خريطة تقول إن حدود بلاده هي الخط 29 وتدفع باتجاه 1430 كيلومترا إضافياً لصالح لبنان.