فجّر رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة أمس، فضيحة بطلها وزير الطاقة وليد فياض، بعد كشفه تلقّي الدولة اللبنانية عرضين لبناء معملين للكهرباء في منطقتي دير عمار والزهراني، ما يوفّر الكهرباء 24/24 وإن بشكل مرحليّ، إلا أن فياض سحب طلب تكليف مجلس استشاري دولي بإعداد دفتر الشروط، من جلسة مجلس الوزراء الأخيرة من دون مبرر.
وإذ تحوّلت الحكومة اللبنانية الحالية إلى حكومة تصريف أعمال بفعل الانتخابات النيابية، وُضع ملف الكهرباء في الأدراج إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
ومع اقتراب فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة في ظل انقطاع شبه دائم للكهرباء، واعتماد مولدات لم تعد تملك القدرة على تغطية ساعات اليوم كافّة، بدأ المواطن اللبناني يتنبّأ ما ينتظره.
وفيما لا يزال لبنان يعتمد على العراق كمصدر وحيد للوقود، امتنع البنك الدولي عن تزويده بقرض يسمح له باستدراج الطاقة من الأردن ومصر بعدما تقاعس المعنيون عن تنفيذ إصلاحات في قطاع الطاقة كشرط أساسي للحصول على التمويل.
"بائع الأوهام"
أداء وزير الطاقة لم يشكّل مفاجأة بالنسبة لخبيرة النفط اللبنانية كريستينا أبي حيدر إذ اعتبرت في حديث لـ"جسور" أن سحبه ملف بناء معملين للكهرباء، رغم حماسه الشديد له ومبادرته بطرحه، كان متوقعًا واصفةً إياه "ببائع الأوهام" كونه لم ينفّذ أي من وعوده. "أين ساعات التغذية الأربع الإضافية التي وعد بها في شهر مايو/أيار الحالي؟" سألت، كما أضافت أن وزير الطاقة "ليس سوى امتداد لنهج سياسي مستمر منذ أكثر من عشر سنوات من خلال وزراء الطاقة المتعاقبين".
أبي حيدر أكّدت أيضًا أن تفاقم الأزمة مرجّح إلى الازدياد مع اقتراب فصل الصيف وفي ظل الارتفاع المتواصل لسعر برميل النفط عالميًا بفعل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا "المخاوف كبيرة على الأمن الغذائي مع الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي" تتابع أبي حيدر، "الأمر الذي سيؤدي حتمًا إلى تلف الطعام الذي بدوره سيسبّب العديد من حالات التسمم".
لا جدوى من معامل جديدة
لبنان لا يملك ترف الوقت لبناء معامل جديدة تقول أبي حيدر، وتشير إلى وجود العديد من معامل الكهرباء على امتداد الساحل اللبناني كما في الداخل، "نملك المعامل لكننا لا نستطيع تشغيلها بقدرتها الانتاجية كافة" مرجّحةً أن يتّجه الوضع الكارثي "إلى مزيد من الإنهيار في ظل الأزمة العالمية التي لا تضعنا ضمن أولويات الدول".
كهرباء لبنان ليست مفلسة ولكن!
الحل الوحيد لملف الكهرباء، كما شرحت أبي حيدر، يَكمن في إعلان الدولة "خطة طوارئ" ترتكز إلى أربعة بنود.
أولاً، تشرح خبيرة النفط "يجب البحث عن مصادر إضافية للطاقة في دول غير العراق مع الاحتفاظ به كمصدر وذلك عبر إبرام عقود مؤجّلة الدفع مثل العقد العراقي الذي ينتهي في سبتمبر/أيلول المقبل" ولفتت إلى أن تجديده غير مؤكد ولبنان لم يدفع مستحقاته حتى الآن.
ثانيًا، تتابع أبي حيدر، "على الدولة تأمين مصادر الأموال لصيانة المعامل الموجودة وزيادة قدرتها الانتاجية" وهنا لفتت أبي حيدر إلى أن "مؤسسة كهرباء لبنان ليست مفلسة بل تحتفظ في مصرف لبنان بمبلغ لا بأس به من المال إنما بالليرة اللبنانية، وكان من المفترض تحويلها إلى دولار على سعر 1500 ليرة إلا أن المعنيين فضّلوا تحويلها على سعر صيرفة وكأنهم يتعمدون دفع هذا القطاع نحو الانهيار".
ثالثًا، ترى الخبيرة أن "رفع التعرفة هو أمر ضروري، فهي لم تتغيّر منذ عام 1994 لاعتبارات باتت معروفة وأهمها التواطؤ بين مكونات السلطة للإبقاء على عمل المولدات لما فيه من تجارة رابحة وتقاسم للحصص في سوق المازوت".
رابعًا، تدعو أبي حيدر الدولة للتوجه نحو "الطاقة البديلة في وطن يعوم على المياه ولا تغيب عنه الشمس إلا في فترات محددة خلال فصل الشتاء".
كذلك تطرّقت إلى ملف فساد آخر ظهر "مع إعطاء وزارة الطاقة تراخيص لبعض النافذين على جناح السرعة في التاسع من شهر مايو/أيار الحالي وفي ظل قانون انتهت صلاحيته في 30 أبريل/نيسان الماضي" مرجّحة أن يكون السبب هو تخوّفهم من انتقال السلطة بعد الانتخابات النيابية إلى فريق آخر.