زاد الحزب الديمقراطي الكردستاني، المشهد العراقي تعقيداً بعد إصراره على ترشيح هوشيار زيباري، ممثلاً وحيداً للحزب في الانتخابات الرئاسية المقبلة، رغم إيقاف ترشحه بحكم قضائي، وإعلان اعضائه عدم حضور جلسة البرلمان التي رُفعت بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني للنواب، وذلك بعدما دُعي المجلس إلى الالتئام لانتخاب رئيس للبلاد. وتأجل انتخاب رئيس جمهورية جديد إلى موعد لم يُحدد بعد، وذلك إثر عدم مشاركة عدد كبير من النواب في الجلسة البرلمانية التي تحوّلت إلى "جلسة تداولية"، بعد أن كانت مخصصة اليوم الاثنين لعملية الانتخاب.
وقبل يوم من الجلسة، قررت المحكمة الاتحادية العراقية، تعليق ترشيح زيباري "موقتا" للمنصب في إجراء وصفه متابعون بأنه يعكس مدى حدة الخلافات السياسية التي يشهدها العراق منذ الانتخابات التشريعية التي أجريت قبل أربعة أشهر، وانتهت بفوز كبير للتيار الصدري، وبتراجع للكتل الموالية لإيران.
وفي هذا الإطار، رأى الكاتب والمحلل السياسي، علي البيدر، أن الأزمة ستزال قائمة ولم يتوصل الكرد إلى توافق سياسي ممكن من خلاله إعادة النظر في المواقف السابقة حول اختيار مرشح لرئاسة الجمهورية، خصوصا إذا ما علمنا أن كل طرف من الأطراف سواء في الإطار التنسيقي، أو حتى في التحالف الثلاثي قادر على تعطيل الجلسة بعد أن فسّرت المحكمة الإتحادية سؤال رئيس الجمهورية في النصاب المطلوب.
مفاوضات وحوارات
وعليه، يتوقع البيدر في حديث لـ"جسور"، أنّ الأيام المقبلة ستشهد جولة مكثّفة من المفاوضات والحوارات للوصول إلى تفاهم قبل الشروع بعقد الجلسة الجديدة، خصوصا أن هذه الفترة ربما ستمنح الحزب الديمقراطي الكردستاني فرصة لتسوية الموقف القانوني تجاه مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية هوشيار زيباري.
من جهته، توقع الباحث في الشأن السياسي والاقتصادي، نبيل الجبار العلي، في اتصال مع "جسور"، ما حصل اليوم في جلسة البرلمان باعتبار أن عدم الحضور المتعمّد من قبل الأطراف السياسية التي أعلنت عن الموضوع مبكرا، كان السبب الرئيس وراء رفع جلسة البرلمان.
وأضاف العلي، أنّ الاختلاف الكردي حول المرشح هو من عطّل قضية ترشيح رئيس الجمهورية، لافتا إلى أنّ هذا الإختلاف إرتبط بالاختلاف السياسي الشيعي الذي من الممكن أن يحاول تمرير صفقة الترشيح عبر صفقة أخرى مقابلة لها وخاصة بقضية تشكيل الحكومة التي من الممكن أن يكون رئيس وزرائها من المكون الشيعي.
الموقف القانوني
قانونا، يرى الخبير القانوني، علي التميمي، أن تأجيل الجلسة البرلمانية لانتخاب رئيس الجمهورية أو عدم انعقادها لا يبطل حالة المرشحين الحاليين بعدما صادقت عليهم رئاسة مجلس النواب.
وفي حديثه لـ"جسور"، كشف التميمي، عن أنه لا يوجد أي نص دستوري أو قانوني يؤكد إبطال الأسماء المرشحة وفتح الباب من جديد للترشيح، منوّها إلى أن المشرِّع العراقي لم يكن يتوقع أن تصل الأمور إلى ما هي عليه من تهديد بعدم عقد الجلسة بسبب الخلافات السياسية، بما جعل الأمر من الناحية القانونية مفتوحا على مصراعيه من دون تحديد مصير ما بعد هذه المدة القانونية لاختيار الرئيس.
ووفق الدستور، يتعين انتخاب رئيس للبلاد خلال 30 يوما من انعقاد أول جلسة للبرلمان، كانت قد عقدت في التاسع من يناير/كانون الثاني الماضي، وانتخب فيها الحلبوسي رئيسا للبرلمان، أي في موعد أقصاه نهاية الثامن من فبراير/شباط الحالي، وبخلافه تدخل البلاد في فراغ دستوري.
الصدر وزيباري
والمنافسة على المنصب تنحصر بين الرئيس العراقي الحالي برهم صالح مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل طالباني، وهوشيار زيباري مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، مع موجود 24 مرشحا آخر، لكن حظوظهم بالفوز تبدو قليلة.
وأعلنت الكتلة الصدرية، مقاطعة جلسة الاثنين، المخصصة لانتخاب الرئيس، فيما أثار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، جدلا عندما حثّ نواب كتلته على عدم التصويت لهوشيار زيباري، إذا لم يكن مستوفيًا للشروط.
وقال الصدر في تغريدة على "تويتر": "إذا لم يكن مرشح الحزب الديمقراطي الحليف لرئاسة الجمهورية مستوفيًا للشروط، فأدعو نواب الاصلاح لعدم التصويت له"، مضيفًا: "نحن دعاة إصلاح، لا دعاة سلطة وحكم"
زيباري يرد
وعن الدعاوى القضائية واتهامات الفساد، ردّ زيباري بأن "مسألة سحب الثقة مني كوزير للمالية كانت مسيّسة، ولم تصدر أي إدانة ضدي من القضاء".
وقال زيباري: "ترشحي للرئاسة قطعي وماضون به إلى النهاية"، مضيفا، في حديث متلفز، أن "مبادرة بارزاني جاءت بعد العلاقة الجيدة للديمقراطي مع تحالف السيادة والتيار الصدري"، مؤكدًا أنه "لا يوجد أي طرح عن دور لتفتيت البيت الشيعي".
ويضيف: "ليس من مصلحتنا أن يكون هناك فراغ حكومي أو دستوري"، وفقًا لزيباري، الذي لفت إلى أنه "نعمل على الإسراع بتشكيل حكومة بمشاركة واسعة للقوى الوطنية".
وأكد أن ترشحه للمنصب "قطعي وأن التصويت يحتاج إلى ثلثي أعداد أعضاء البرلمان، ولدينا تحشيد للحصول على العدد الكافي".
وبشأن منافسة الاتحاد الوطني وترشيح برهم صالح، يقول: "الاتحاد أخذ فرصته لرئاسة الجمهورية لـ17 عاماً"، مبينًا: "نحن والاتحاد شركاء، وهناك تهويل ومبالغة لبعض المواقف".