يرى محللون أن خسارة حزب الله وحلفائه للأكثرية في البرلمان اللبناني قد تعقّد إنجاز الاستحقاقات العالقة، ما ينذر بشلل سياسي طويل أو حتى احتمال الانزلاق الى العنف.
حزب الله وحلفاؤه خسروا الأكثرية في البرلمان، ما دفع خصومه الى الاحتفال، لكن الحزب المدعوم من إيران يبقى القوة الأكثر نفوذًا على الساحة السياسية، ويمتلك ترسانة عسكرية ضخمة يقول إنها لمواجهة إسرائيل، لكنّ معارضيه يتّهمونه باستخدامها "للترهيب" في الداخل وببناء "دولة ضمن الدولة".
وعلى الرغم من خسارته الأكثرية في مجلس النواب، احتفظ الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل بكامل المقاعد العائدة للطائفة الشيعية (27)، لكن حلفاء تقليديين بارزين له، بينهم التيار الوطني الحر بزعامة رئيس الجمهورية ميشال عون، خسروا مقاعدهم، ما جعله غير قادر على تأمين 65 مقعدًا من أصل 128 وهو عدد مقاعد مجلس النواب. وحقق خصمه اللدود حزب القوات اللبنانية بعض التقدم في عدد المقاعد (18)، بينما كانت المفاجأة في وصول 13 نائبًا على الأقل من المعارضة المنبثقة عن الانتفاضة الشعبية ضد الطبقة السياسية بكاملها التي انطلقت في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019.
هذه النتيجة ستجعل تركيبة البرلمان مشتتة، من دون أكثرية واضحة لأي طرف. وتقول مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز تشاتام هاوس لينا الخطيب "سيسعى الحرس القديم إلى تأكيد هيمنته السياسية في مواجهة التغييريين الذين دخلوا البرلمان للمرة الأولى".
انتخاب رئيس المجلس النيابي
تبدأ ولاية المجلس الجديد في 22 أيار/مايو، وسيكون أمامه مهلة 15 يومًا لانتخاب رئيس له، وهو منصب يشغله رئيس حركة أمل نبيه بري منذ العام 1992، ولا يعتزم التنازل عنه رغم بلوغه الرابعة والثمانين.
وأعلن "التغييريون" والمعارضون الآخرون، بينهم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، أنهم لن ينتخبوا برّي رئيسًا للبرلمان. لكن اعتراضهم قد لا يكون مجديا، على اعتبار أن كل النواب الشيعة ينتمون الى حركة أمل وحزب الله أو ما يعرف ب"الثنائي الشيعي"، وبالتالي، لن يكون لديهم مرشّح بديل لتقديمه، علمًا أن رئاسة المجلس النيابي تعود للشيعة في لبنان. فهل تشكّل عملية انتخاب رئيس المجلس أول اختبار للمعارضين لمعرفة الى اي مدى هم مستعدون للمخاطرة بتحدي حزب الله؟
وسارع الحزب الى البدء بتوجيه رسائل الى النواب المعارضين له فور ظهور نتيجة الانتخابات، فقال رئيس كتلة حزب الله النيابية محمّد رعد "نتقبّلكم خصومًا في المجلس النيابي، ولكن لن نتقبّلكم دروعًا للإسرائيلي ومن وراء الإسرائيلي".
ويثير هذا الانقسام الحاد مخاوف من تكرار حوادث العنف التي شهدتها منطقة الطيونة في بيروت في تشرين الأول/أكتوبر 2021 بين أنصار القوات اللبنانية وأنصار حزب الله وحركة أمل على خلفية تظاهرة احتجاجية.
وأشارت صحيفة "لوريان لوجور" اللبنانية الصادرة بالفرنسية الأربعاء الى أن الغالبية التي كان يتمتع بها حزب الله في البرلمان خلال السنوات الأخيرة مكّنته "من فرض قراراته من دون اللجوء الى العنف وحماية خطوطه الحمراء".
تشكيل الحكومة
يقول الباحث دانيال ميير الذي يتخذ من فرنسا مقرًا له "هناك خطر حقيقي بحصول شلل تام"، مضيفًا "الطرق المسدودة اختصاص لبناني".
أما المحلل السياسي سامي نادر فيعتبر"أن هناك تغييرا في ميزان القوى، لكن ذلك لن يترجم في برنامج تغييري، لأنه، على الرغم من كل شيء، فإن حزب الله يحتفظ بقدرته على الفيتو".
رئاسة البلاد
أما فيما يتعلّق بالانتخابات الرئاسيّة فهي بحد ذاتها استحقاقًا صعبًا مُدرجًا على جدول أعمال المجلس النيابي.
ويتم التداول بأسماء عدة لخلافة الرئيس الحالي ميشال عون أبرزهم صهره جبران باسيل، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، والنائب والوزير السابق سليمان فرنجية، وقائد الجيش جوزف عون. لكنها كلها أسماء لا تلقى إجماعًا ومن الصعب أن تحصد أكثرية في مجلس النواب.
أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت جوزف باحوط يعتبر أن البلد سيشهد على الأرجح فترة طويلة من الشلل داخل البرلمان، مشيرًا الى أن الأزمات يمكن أن تؤخر الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي، مقابل تقديم مساعدة ملحّة الى لبنان الذي يعاني من أزمة اقتصادية غير مسبوقة، منذ أكثر من سنتين.