تحت ضغط الانسداد السياسي والتعقيدات الشديدة التي تحيط بالمشهد العراقي، تتزايد التساؤلات بشأن شكل النظام السياسي في البلاد، ومصير نظام المحاصصة والديمقراطية التوافقية، خصوصاً مع مرور الذكرى 19 للغزو الأميركي للعراق.
وبحسب المحلل السياسي العراقي داود الحلفي، "بعد هذا الإنسداد السياسي والتكتلات الحزبية الضيقة والعائلية، العراق ذاهب إلى تقسيم ثلاثي: سنّة وشيعة وأكراد، فالعراق أصبح أمام مفترق طرق، إما أن يقسّم إلى أقاليم أو أن يذهب إلى الاقتتال الطائفي أو الفوضى العارمة".
الحلفي قال في حديث لـ"جسور"، "سيحكم البلاد صاحب النفوذ والسطوة والقدرة على إذلال المواطن البسيط".
وأكد أن "العراق متجه إلى حيثُ تريد أميركا، أي الفوضى والتقسيم وهما بالطبع لا يخدمان الشعب العراقي، واليوم الدور الذي تلعبه أميركا هو المراقبة فقط، فهي تريد تقسيم جميع الدول القابلة للتقسيم ليسهل السيطرة عليها، ولتكون تابعة لها، ولتتمكن من بسط نفوذها أكثر وأكثر والسيطرة على المنطقة".
وعن الذكرى الـ19 للغزو الأميركي للعراق، قال: "هي ذكرى مؤلمة على الشعب العراقي لما حملته بعد هذا التغيير من معاناة وتبعية ومحاصصة وعدم استقرار سياسي وأمني في البلاد، وذهب ضحية هذا الغزو أبرياء يعشقون الحرية، ويحلمون بنظام ديمقراطي حقيقي هدفه حراسة ثروات العراق وبناء مؤسسات الدولة".
مبادرة الحكيم
وكان زعيم "تيار الحكمة" العراقي عمار الحكيم، قد أطلق مبادرة لتجاوز حالة الانسداد السياسي الذي يشهده العراق، مستنداً فيها الى إجراء حوار شامل بين جميع القوى السياسية، وتشكيل كتلة شيعية موحدة تتولى مهمة اختيار رئيس الوزراء وتأليف كابينته الحكومية، كما دعا تحالف السيادة السنّي المؤلف مع التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني، إلى حلّ البرلمان وإجراء انتخابات جديدة.
من جهته، كتب القيادي في تحالف "السيادة"، النائب مشعان الجبوري، في تغريدة عبر حسابه على "تويتر"، "ندرك الأعباء الكبيرة التي ستترتب على مفوضية الانتخابات وعموم الدولة لو صوّت البرلمان على حل نفسه والدعوة لانتخابات جديدة، وحديثنا عنها ليس مناورة أو من فراغ، لكنها الخيار الذي لابد منه اذا استمر الانسداد السياسي، وما نريد معرفته قبل الشروع بحل البرلمان هو رأي الشارع في مثل هذه الخطوة؟".
بدوره، كتب النائب عن تحالف "عزم" محمود القيسي، عبر "تويتر": "نتعامل جدّيا مع أطروحة إعادة الإنتخابات، فالاحتقان السياسي قد وصل لمديات حرجة، ينبغي معها العودة للجمهور لحسم الأوزان السياسية للمرشحين، بعد أن أدرك المواطن ولأول مرة بأن صوته الانتخابي هو من يحسم فوز المرشحين في البرلمان... مقعد نيابي لا يخدم ناخبيه لا قيمة له أبداً".
حل المجلس
وكان مجلس القضاء الأعلى أبدى رأيه في قضية حل مجلس النواب في فبراير/ شباط الماضي، وذكر في بيان رسمي أن معالجة الإشكاليات السياسية تتم وفق الأحكام الدستورية فقط ولا يجوز لأي جهة سواء كانت قضائية أو غيرها أن تفرض حلاً لحالة الانسداد السياسي إلا وفق أحكام الدستور.
وأكد أن آليات حل مجلس النواب مقيدة بنص المادة 64 من الدستور وملخصها أن المجلس يحل بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه بخيارين لا ثالث لهما، الأول بناء على طلب من ثلث أعضائه والثاني طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية".
وفي حين تنصّ المادة الثانية على أن "يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، إلى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ أقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً، ويواصل تصريف الأمور اليومية".