بعد يومين على انتخاب رئيس جديد للجمهورية العراقية وتكليف رئيس بتشكيل حكومة إثر أزمة سياسية طويلة، أعلن التيار الصدري رفضه المشاركة في الحكومة المقبلة.
الإعلان جاء على لسان وزير الصدر محمد صالح العراقي، الذي قال في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي السبت، "نشدد رفضنا القاطع والواضح والصريح لاشتراك أي من التابعين لنا في هذه التشكيلة الحكومية التي يترأسها المرشّح الحالي"، في إشارة إلى محمد شياع السوداني، مرشح الإطار التنسيقي.
ووصف وزير الصدر، الحكومة المقبلة بأنها "ائتلافية تبعية ميليشياوية مجربة، لم ولن تلبّي طموح الشعب، ولا تتوافق مع مبدأ "المجرب لا يجرب"، مؤكدًا: "نشجب ونستنكر قمع صوت الشعب الرافض لإعادة العراق للمربع الأول كما يعبّرون، ونشجب ونستنكر العصيان الصريح للتوجيهات الشرعية والوطنية الصادرة من أعلى المستويات من داخل العراق أولاً، ومن خارجه ثانيًا".
وتابع: "نوصي بعدم تحوّل العراق إلى ألعوبة بيد الأجندات الخارجية، وألا يتحوّل الســلاح إلى الأيادي المنفلتة، وألا تتحول أموال الشعب إلى جيوب وبنوك الفاسدين".
وأضاف: "نشدّد رفضنا القاطع والواضح والصريح لاشتراك أي من التابعين لنا، ممن هم في الحكومات السابقة، أو الحالية، أو ممن هم خارجها، أو ممّن انشقوا عنّا سابقًا أو لاحقًا، سواء من داخل العراق أو خارجه، أو أي من المحسوبين علينا بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بل مطلقًا، وبأي عذر أو حجة كانت... في هذه التشكيلة الحكومية التي يترأسها المرشح الحالي، أو غيره من الوجوه القديمة، أو التابعة للفاسدين وسلطتهم، ممن لا همّ لهم غير كسر شوكة الوطن وإضعافه أمام الأمم".
وختامًا، شدد صالح على أن كل من يشارك في الحكومة المقبلة، "هو لا يمثلنا على الإطلاق، بل نبرأ منه إلى يوم الدين، ويعتبر مطرودًا فورًا عنّا".
مرحلة مختلفة
إلى ذلك، اعتبر المحلل السياسي العراقي داود الحلفي في حديث لـ"جسور"، أن "رفض التيار الصدري المشاركة بالحكومة هو ليس بجديد، بل هو مبدأ ثبت عليه منذ أن صرح بأنه لن يشارك في حكومة محاصصات إلى جانب الأحزاب الفاسدة".
وعن المرحلة المقبلة، قال الحلفي، إنها "ستكون مختلفة عن سابقاتها، إذا لم يعكر التيار الصدري الأجواء بتظاهرات إعلامية غير تغييرية"، لافتا إلى أن "الشعب العراقي قد سئم ومل التظاهرات من دون أهداف أو فوائد حقيقية".
ورأى أيضًا أن "تظاهرات الصدريين، إن لم تكن أهدافها جذرية، ستكون فاشلة وتقلل من أهمية مكانة التيار الصدري".
كما توقع أن "تكون الحكومة الجديدة مستقرة وقادرة أن تحقق بعض الخطوات والخدمات التي يريدها الشعب العراقي، خصوصًا وان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، محمد شياع السوداني، يريد أن يثبت جدارته وجهوزيته للإنتخابات المقبلة، ويحقق ذاته، وسيكون تحقيق هذه الأهداف سمة أساسية في الحكومة، إلا أنها بالطبع لن تكون مثالية".
رئيس جديد
وبعد عام من الانتخابات التشريعية المبكرة، انتخب البرلمان العراقي الخميس مرشح التسوية عبد اللطيف رشيد (78 عامًا) رئيسًا للجمهورية، الذي بدوره كلّف محمد شياع السوداني (52 عامًا)، تشكيل حكومة جديدة للبلاد.
ورُشّح السوداني لهذا المنصب من قبل الإطار التنسيقي، الذي يضمّ كتلاً عدّة من بينها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران.
ويسعى الإطار الذي يملك أكبر عدد من النواب في البرلمان إلى تسريع العملية السياسية بعد عام من الشلل والانقسام.
وأمام المكلّف الجديد 30 يومًا منذ يوم تكليفه لطرح التشكيلة الحكومية الجديدة. وأعرب السوداني في كلمة له الخميس ليلاً عن استعداده "التامَّ للتعاونِ مع جميعِ القوى السياسية والمكونات المجتمعية، سواءٌ المُمثَّلةُ في مجلسِ النوابِ أو الماثلةُ في الفضاءِ الوطني".
وكان في صلب الأزمة خلال الأشهر الماضية الخلاف بين المعسكرين الشيعيين الكبيرين: التيار الصدري من جهة، والإطار التنسيقي الذي يضمّ كتلاً عدّة من بينها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي.
وشكّل ترشيح الإطار التنسيقي لمحمد شياع السوداني في الصيف، شرارة أشعلت التوتر بين الإطار والتيار الصدري الذي اعتصم مناصروه أمام البرلمان نحو شهر.
وبلغ التوتر ذروته في 29 أغسطس/آب، حين قتل 30 من مناصريه في اشتباكات داخل المنطقة الخضراء مع قوات من الجيش والحشد الشعبي، وهي فصائل مسلّحة شيعية موالية لإيران ومنضوية في أجهزة الدولة.