بعد عام من الأزمات السياسية الحادة والإنفجارات الإجتماعية، أصبح للعراق حكومة جديدة بعد منح البرلمان الثقة لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني وفريقه.
ويواجه السوداني تحديات جمّة سياسية واقتصادية في بلد يعاني من فساد مزمن ومحسوبية مهيمنة بشكل كبير على مفاصل الدولة، كما يتعين عليه معالجة موازنة العام 2022 التي لم يتمّ إقرارها بعد، ما يتيح الاستفادة من 87 مليار دولار من احتياطات العملة الأجنبية، غالبيتها من عائدات النفط، تقبع في البنك المركزي بانتظار حكومة جديدة.
وفي برنامجه، يسعى السوداني إلى "معالجة ظاهرة البطالة وخلق فرص عمل للشباب من الجنسين" و"إصلاح القطاعات الاقتصادية والمالية، وخصوصاً في قطاعي الزراعة والصناعة والقطاع المصرفي ودعم القطاع الخاص".
التقرب من الصدر
وتعهد أيضاً بتعديل قانون الانتخابات في غضون ثلاثة أشهر وإجراء انتخابات نيابية مبكرة خلال عام، الأمر الذي اعتبره مراقبون محاولة للتقرب من زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر.
لكن بحسب المحلل السياسي والخبير الأمني العراقي، فاضل أبو رغيف، "تغيير النظام الانتخابي مطلب شبه جماهيري، وتشترك فيه جميع الكتل بما فيها التيار الصدري، مع العلم ان التقرب منه لا يعد منقصة سياسية، بل على العكس، فهو يساهم في تهدئة الأمور ويبعث الطمأنينة ويلقي الهدوء والسكينة على الشارع العراقي الذي كان يغلي خلال العامين الماضيين، ويحتاج إلى جرعات هدوء، وهي عبارة عن بذل جهود وتأمين خدمات".
كما توقع أبو رغيف، في حديث لـ"جسور"، أن "يشهد العراق مع السوداني على بعض التغيرات خصوصا في مكافحة الفساد، حيثُ أن برنامجه يحمل معالجات مهمة جدّاً، وتحاكي الوضع الاقتصادي الصعب، لا سيّما إذا علمنا ان مخزون البلاد المالي والاقتصادي يتجاوز الـ85 مليار دولار، إذ كان سعر برميل النفط منخفضا بسبب إنخفاض أسعار النفط العالمية، لذلك من الحكمة الإنتظار والتربص ومراقبة النتائج".
ولفت إلى أن "هذه الحكومة جاءت بعد مخاض عسير دام لأكثر من عام ونيف، وذلك بعد إجراء الانتخابات البرلمانية. من هنا، تجدر الإشارة أن أمامها تحديات عدة على رأسها محاربة الفساد، وهي التي ستثبت استقامتها وديمومتها".
وقال: "كما لا أستبعد أن تصبح هذه الحكومة حكومة خدمات، وذلك بسبب مراقبة التيار الصدري لها، وهو لا يزال شريكا فاعلاً وقويا في المعادلة السياسية، وهناك شبه اتفاق بين السوداني والكتل ان أي وزير لا يقدم برنامجا وزاريا حقيقيا خلال 3 أشهر سيتم رفع إسمه في البرلمان للتصويت على إقالته واستبداله بوزير آخر".
وعن الأوضاع الأمنية والإحتجاجات في البلاد، كشف أبو رغيف عن أنها مرهونة بما ستقدمه الحكومة، فهناك آلية موازنة فردية وتشريعية بشقيها الإستثماري والتشغيلي، فكل ما قدمت الحكومة ما هو مناسب للمواطن والوطن، كلما انعكس ذلك على الشارع المحتقن، لذلك أعتقد أن الأمور تسير بخطى حثيثة ما لم يطرأ أي جديد يقلب المعادلة".
تحولات وصراعات
يُذكر أن نواب البرلمان العراقي قد صوّتوا بغالبية النصف زائدا واحدا من 329 نائباً، على البرنامج الوزاري ثمّ على 21 وزيراً برفع الأيدي داخل قاعة البرلمان في العاصمة خلال الجلسة التي شارك فيها 253 نائباً بحسب دائرة إعلام البرلمان العراقي.
وتتألف الحكومة الجديدة من 12 وزيراً شيعياً، غالبيتهم مرشحون من قبل الإطار التنسيقي، وستّة وزراء من السنة، ووزيران كرديان، ووزيرة واحدة للأقليات، وتبقى وزارتان من حصة المكوّن الكردي قيد التفاوض ولم يتمّ ملؤهما بعد. وتشغل ثلاث نساء مناصب في الحكومة الجديدة.