تتزايد دعاوى "الارتياب المشروع" وطلبات "كف يد" المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، في قضية تفجير مرفأ بيروت. وفي آخر التطورات، تقدم الاثنين، الوزيران السابقان علي حسن خليل وغازي زعيتر، بدعوى "مخاصمة الدولة" أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز في لبنان؛ فأي تداعيات لهذه الدعوى؟ وماذا عن قانونية قرار أحد القضاة بكف يد القاضي البيطار؟
مخاصمة الدولة
ليست المرة الأولى التي يتقدم فيها، المدعى عليهم في ملف تفجير مرفأ بيروت، بدعاوى مخاصمة الدولة اللبنانية. إذ سبق وتقدم رئيس الحكومة السابق حسان دياب، والوزير السابق نهاد المشنوق، بدعويين مماثلتين ضد الدولة، أمام محكمة التمييز، على خلفية الادعاء عليهم في قضية انفجار المرفأ.
دياب والمشنوق اتهما القاضي البيطار، بأنه "خالف الأصول الدستورية، وتخطى صلاحيات مجلس النواب والمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء".
المحامي جيلبير أبي عبود، أحد وكلاء ضحايا انفجار المرفأ، اعتبر في حديث لـ "جسور"، أنه "على الرغم من قانونية دعوى مخاصمة الدولة، إلا أنها حجج يستخدمها المدعى عليهم في هذا الملف، للكيدية والمماطلة وحرف مسار العدالة وإزاحة القاضي البيطار عن الملف".
وأوضح أبي عبود، أن "الهدف من الدعوى هو مخاصمة الدولة نظراً لقرارات القضاة العدليين. ويترتب عنها، مطالبة الدولة بتعويضات عن الأخطاء الجسيمة التي يرتكبها القضاة العدليين، أثناء ممارستهم لمهامهم. لكن الغاية من دعوى المخاصمة في هذا الملف بالتحديد، هي استغلال القانون لصالحهم، إذ ينص على رفع يد المحقق العدلي تلقائياً عن الملف، لدى رفع هكذا دعوى وإلى حين البت بها"، ويشرح أن البت بدعاوى مخاصمة الدولة يتمّ "من قبل الرئيس الأول لمحكمة التمييز (القاضي سهيل عبود) والقضاة المعاونين له".
وأشار أبي عبود، إلى أن دعاوى "مخاصمة الدولة" المقدمة سابقاً من الرئيس دياب والوزير المشنوق، إضافة إلى تلك الجديدة أي دعوى زعيتر وخليل، سيتم ضمها معاً، للبت بها من قبل الرئيس الأول لمحكمة التمييز، القاضي سهيل عبود.
تسلل مزهر
في سابقة قضائية في لبنان، تخطّى القاضي حبيب مزهر صلاحياته الممنوحة له من قبل الرئيس الأوّل لمحكمة الاستئناف في بيروت بالإنابة، القاضي حبيب رزق الله، وصولاً إلى كف يد البيطار. فصلاحياته كانت محصورة في مسألة البت بطلب رئيس الغرفة الرقم 12 في محاكم الإستئناف في بيروت، القاضي نسيب إيليا. فالأخير طلب تنحيته عن النظر في الدعوى التي قدمها أمامه الوزير السابق يوسف فنيانوس، والتي هدفت إلى رد القاضي طارق البيطار عن الملف، باعتبار أنه سبق له وبت بمثل هذه الدعوى. الا ان القاضي مزهر قفز إلى الدعوى الخاصة بكف يد القاضي البيطار، متجاوزاً ما هو مكلف به قانونا.
في هذا الشأن، علّق المحامي أبي عبود، قائلاً إن "ما قام به القاضي مزهر مستهجن وفيه تخطي للقانون، والمادة 52 من قانون أصول المحاكمات الجزائية"، مطالباً النيابة العامة التمييزية بفتح تحقيق عدلي فوري معه تمهيداً لتحريك دعوى الحق العام، وذلك على خلفيَّة القرار الصادر عنه بتاريخ 4/11/2021 في معرض دعوى رد القاضي نسيب ايليا، والذي تسلَّل من خلاله، بصورة غير مشروعة وخلافاً للأصول ومن دون إحالة ادارية، إلى ملف ردّ المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، في حين ان صلاحياته تقتضي البت حصراً بملف القاضي ايليا.
قرار القاضي حبيب مزهر، هو "خرق فاضح" للأحكام القانونية وقرار توزيع الاعمال، وفق أبي عبود.
ثغرات القرار
الدائرة القانونية "لمجموعة الشعب يريد اصلاح النظام" (إحدى المجموعات الناشطة)، تقدمت الاثنين، كما أعلنت في بيان، بشكوى مسلكية امام هيئة التفتيش القضائي، وطالبت بملاحقة القاضي مزهر امام الهيئة التأديبية للقضاة.
وقال أبي عبود، إن "هذه الشكوى بمثابة إخبار وستتم إحالتها أمام وزارة العدل، الى ان يصدر قرار الهئية التأديبية للقضاة، والهدف منها تعليق عضوية القاضي امام مجلس القضاء الاعلى، وكف يده بجرمي التزوير المعنوي ومحاولة خرق سرية التحقيق الجنائي".
وشرح ابي عبود، الخروقات الثلاثة التي قام بها القاضي مزهر في قراره، وهي: الثغرة الأولى عبر خرق سرية التحقيق من خلال ضم ملف القاضي البيطار وهذا جرم جزائي، أما الثغرة الثانية فهي تعديه على ملف ليس من صلاحياته، والثالثة في توقيع القاضي مزهر على القرار منفرداً من دون الرجوع الى الهيئة المؤلفة من الرئيس والمستشارتين معه اللتين كانتا وقعتا على رفض هذه الدعوى سابقا".
بناءً على ما تقدم، يعتبر أبي عبود أن "القاضي مزهر يجب ملاحقته مسلكيًا وكف يده عن الملف"، مؤكدًا أن "المدعى عليهم في هذا الملف لا يمتلكون الجرأة الكافية للمثول امام القضاء، وغير واثقين من براءتهم وتهربهم من العدالة يُثبت ادانتهم". مشيراً الى ان نقابة المحامين من خلال مكتب الادعاء بصدد تقديم شكوى ضده بصفتها مؤتمنة على دماء الضحايا.
لم يشهد أي ملف قضائي في لبنان هذا الكم التراكمي من دعاوى الرد فيه، بهدف العرقلة والتسويف، ومن خلال استغلال المنافذ القانونية لمصالح شخصية وسياسية، في حين أن أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت يعتبرون أن "كل هذه الدعاوى "بدع للممطالة والعرقلة".