لم تكن الأعداد المسجلة للراغبين بزيارة لبنان هذا الصيف مفاجئة بقدر ما كان وقع إصرار الآتين على الاستقرار والبقاء فيه والتخلي عن الهجرة.
فهذا البلد الغارق بأزماته والعاجز عن تحقيق أبسط مقومات العيش لمواطنين، يتنفس اليوم الصعداء مع موسم اصطياف واعد يؤمل أن ينعكس إيجاباً على حالته الاقتصادية
الصعبة ومع طفرة الراغبين بالاستمتاع بصيفه ووجهة نهائية لعائلات قررت التخلي عن الغربة والعودة الى حضن الوطن. فهل نحن أمام حالة نكران الواقع المرير أم أن حضن لبنان يبقى الاكثر أماناً مهما اشتدت رياح الصعوبات والازمات؟
وكان لـ "جسور" تواصل مع عينة من العائلات العائدة والراغبة بالبقاء في لبنان.
"لم نعد نشعر بالفرح" هو ما قالته جمانة أبو عسلي في حديث لـ"جسور" وتضيف "صحيح تركنا البلد لأسباب عدّة منها أنه لم يعد من قيمة للإنسان وحقوقنا مسلوبة، و"تهجّرنا" ثائرين على الطبقة المجرمة، وأردنا أن نعلّم أولادنا على حقوق الإنسان والعيش الكريمة، إنما لم نعد نشعر بالفرح الداخلي فاخترنا العودة".
و"بالرغم من كل الأزمات التي تواجه لبنان، قطاعا الصحي والتعليم الافضل في لبنان، ونثق بهما وهذه من الأسباب التي تتفوّق على بقائنا في بلاد الإغتراب". وتضيف: شعرنا بالإحباط لفترة طويلة وفكرة العودة لم تفارقنا وبالرغم من الانهيار الحاصل في البلد ندرك تمامًا أننا عائدون ووراءنا بلاد متحضّرة وسنقوم ببعض التنازلات والتضحيات، ولكن حبّنا للوطن يتفوّق على كل شيء".
"بعد انفجار 4 آب رحلنا من لبنان" تقول لارا حرب، أم لثلاثة أولاد تعيش في قبرص منذ سنتين، لتضيف في حديث لـ"جسور": "الإجرام لم يعد يعرف حدودا ولم يعد لدينا خيار آخر، إضافة الى أن البلد بات غارقًا بكل الأزمات ولم يعد آمنًا لأولادنا""فانتقلنا للعيش في بلد كل شيء فيه مؤمّن والحياة فيه آمنة والأولاد يعيشون بسلام، لكن الحياة في الغربة ليست كما في الوطن"، فقرّرنا العودة على الرغم من كل شيء حتى ولو وقعت حرب، فالحياة في الغربة صعبة جدًّا، بعيدًا من الأقارب وأصبحنا نشعر بانقسام ذاتي بين أرض الوطن والسلامة الذاتية".
بدورها، تقول لميس دادانيان لـ"جسور" أن ما نفتقده في بلاد الإغتراب هو الإنسانية، نعيش في فرنسا منذ سنة مع أولادنا ونشعر بالوحدة، بينما في لبنان الكل يساعد الكل"، وتضيف "نفتقد الحياة الإجتماعية، العادات تختلف عن لبنان والاندماج صعب"،وتؤكد دادانيان أننا "نعرف أن في لبنان الكثير من العقبات لكن يمكن التوصل الى حلّ وهذا ما سنفعله عند عودتنا."
بالرغم من كل شيء، لبنان في بال كل مواطن هاجر بحثاً عن حياة كريمة، فهم هاجروا ولم يهجر لبنان قلبهم يوماً ويبقى السؤال: "هل يصون المسؤولون في لبنان للمواطنين وطناً أرادوه ملجأ دائماً لهم ولعائلاتهم في الحرب قبل السلم وفي الضيق قبل الفرج؟