على الرغم من تطوّر المجتمعات وحدوث تغيرات طرأت على أوضاع المرأة حول العالم، إلاّ أن طبيعة العلاقات التي تطبع التعاطي بين الرجل والمرأة داخل الأسرة لا تزال تحكمها بقايا أفكار ومعتقدات تنصّ على سيطرة الرجل على المرأة.
فلطالما أشارت الدراسات الى أن المرأة المعنّفة تتعرض لصور وأشكال مختلفة من العنف منها: العنف الجسدي، اللفظي، النفسي، الاجتماعي، الجنسي، الاقتصادي، والصحي. وأن الأشكال المرتبطة بالإضطرابات النفسية والسلوكية تؤثر في صحة المرأة الجنسية والنفسية وتؤثر في سلوكها وأدائها لمهامها كأم وزوجة وامرأة عاملة، ومن أهم الإضطرابات التي ترافق العنف ضد المرأة شعورها بعدم الكفاءة وبأنها عديمة الفائدة.
إحصائيات العنف
قبل فيروس كورونا زهاء ثلث النساء حول العالم كنّ يتعرضن لشكل من أشكال العنف في حياتهن، وبعد فيروس كورونا الذي أصاب أكثر من 28 مليون شخص حول العالم 243 مليون امرأة تعرضن لعنف جنسي أو جسدي من قبل شركائهن أو أزواجهن.
في لبنان، وبالأرقام، تلقّت "كفى" 23 حالة طارئة من تاريخ 1/9/2022 حتّى 16/9/2022 من شكاوى العنف الأسري من جرّاء الضرب والإيذاء، والاعتداء الجنسيّ إضافة إلى طلبات الحماية ومراكز الإيواء، فيما سُجّلت 4 إخبارات من تاريخ 5/9/2022 حتّى 16 أيلول من العام نفسه، بحق أزواج اعتدوا على زوجاتهنّ من بينها 3 حالات في جبل لبنان.
قوانين تحمي النساء؟
وفي حديثٍ لـ"جسور" كشفت المسؤولة عن وحدة العنف الأسري في منظمة "كفى" المحامية ليلى عواضة ان العنف موجود منذ سنوات عديدة ولكن الآن أصبح الإعلام يتكلم عن تلك الظاهرة وحالياً هناك تفاقم للعنف بسبب الأوضاع المعيشية والصحية والاقتصادية الصعبة في لبنان.
وعن القوانين اللبنانيّة التي تحمي النساء من العنف الممارس عليهن أكّدت أن "هناك قوانين لبنانية تحمي النساء من العنف مثل قانون 293 لحماية النساء وأفراد الأسرة من العنف الأسري الذي أقّر سنة 2014. فهو يشدّد العقوبات على بعض الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات اللبناني في حال ارتُكبت بين أفراد الأسرة، ويجرّم الضرب والإيذاء. كما يشمل أمر الحماية الذي بإمكان الضحيّة طلبه بهدف إبعاد المعنِّف عنها وعن أطفالها عبر إبعاده عن المنزل، أو نقلها مع أطفالها إلى مكان آمن".
وأضافت "ولكن هذا القانون يحمي نسبياً المرأة، لأنه يحمل أخطاءً شائعة، مثل حصره بالعنف الممارَس من الزوج على زوجته فيما المذكور في القانون هو العنف الواقع بين جميع أفراد الأسرة، كما أنّه لا يجرّم فعل إكراه الزوجة على الجماع أو الاغتصاب الزوجي بحد ذاته، إنّما الضرب والإيذاء والتهديد الذي يلجأ إليه الزوج للحصول على الحقوق الزوجية."
أسباب العنف ضد المرأة
وبالحديث عن أسباب العنف ضد المرأة قالت "السبب الرئيسي يعود إلى عدم التوازن بعلاقات السلطة بين المرأة والرجل خصوصا داخل الأسرة بالإضافة إلى وجودنا بمجتمع ذكوري يمنح السلطة الكاملة للرجل، فقوانين الأحوال الشخصيّة الطائفية تحمي تلك المعادلة، ويجب إلغاء هذا القانون واستبداله بقانون موحّد للأحوال الشخصيّة يعيد التوازن في علاقات السلطة داخل الأسرة للتخفيف من العنف.
دور الجمعيات
وعن دور الجمعيات في لبنان قالت "لولا وجود الجمعيات لكان وضع النساء أسوأ بكثير، فالدولة اللبنانيّة متقاعسة عن تقديم أي دعم للنساء سواء دعم اجتماعي أو نفسي أو معنوي. إلى جانب ذلك، فالجمعيات تضغط على الدولة للعمل على تعديل واستحداث قوانين وآليات لحماية المرأة".
وختمت قائلةً "الجمعيات هي المرجع الوحيد للمرأة المعنّفة وتسد فراغا تركته الدولة وتمثل في عدم القيام بواجبها تجاه المرأة المظلومة."