بعد ثماني سنوات على المذابح التي ارتكبها تنظيم داعش ضد الإيزيديين في العراق، كشفت منظمة إيزيدية تعنى بشؤون الشباب، في إقليم كردستان، أن قرابة 1300 شخص إيزيدي هاجروا من العراق نحو أوروبا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، مبينة أن الغالبية العظمى من المهاجرين يسكنون المخيمات في إقليم كردستان.
وقال مسؤول منظمة "الند لدمقرطة الشباب"، شيرزاد محمد، إنه "خلال ثلاثة أسابيع فقط هاجر 1273 إيزيدياً بطرق غير شرعية عبر تركيا باتجاه دول أوروبية، و85% منهم كانوا يقطنون مخيمات النزوح في الإقليم"، ما يفتح الباب أمام موجة هجرة جديدة أكثر خطورة من سابقاتها تهدد الأقلية الأيزيدية.
أسباب الهجرة
ويشكل الايزيديون نسبة 30 في المئة من مجموع أكثر من 664 ألف نازح، وشهد شهر مايو/ أيار الماضي نزوح آلاف العوائل الايزيدية من سنجار نحو المخيمات بسبب التوتر والاشتباكات المسلحة التي اندلعت في المنطقة.
وبحسب إحصائيات لمؤسسات معنية بشؤون الإيزيديين، فإن أكثر من 300 أسرة إيزيدية من سنجار ومخيمات النزوح في دهوك هاجرت الشهر الحالي الى خارج البلاد ليصل عدد المهاجرين منذ العام 2014 إلى أكثر من 100 ألف إيزيدي من أصل 550 ألف مواطن من هذه الطائفة في عموم العراق.
وفي حديث لـ "جسور"، شخصّ الصحافي والناشط الايزيدي، عيس سعدو، أسباب هجرة الإيزيديين إلى خارج العراق، موضحا أنّ "سوء الوضع النفسي لأكثرية الأسر بعد أن فقدوا أبناءهم وبناتهم بعد اجتياح داعش لمناطقهم في العام 2014، إضافة إلى معاناتهم في مخيمات النزوح منذ أكثر من ثماني سنوات، وكذلك تردي الوضع الأمني في سنجار خصوصا بعد الأحداث الأخيرة واندلاع الصراعات بين الأطراف السياسية كلها أسباب تدفع نحو الهجرة.
وفي السياق، لفت سعدو إلى الإنتهاكات المختلفة بحق الايزيديين، منها عمليات قتل طالتهم في سنجار وكردستان وتزايدت في الفترة الأخيرة، فضلا عن حرمانهم من حقوق كثيرة كالتواجد في الوظائف الحكومية.
سلوكيات عبثية
وأضاف سعدو أنّ حزب العمال الكردستاني وانتشاره في سنجار والبلدات المحاذية للمدينة، يُعد أبرز الأسباب التي تؤدي في الوقت الحالي لهروب الأيزيديين فالحزب يمارس سلوكيات عبثية وانتقامية من الأهالي، بحجة هروبهم من مواجهة تنظيم داعش إبان اقتحام التنظيم للمدينة.
وبيّن أن الأهالي يريدون تطبيع الأوضاع في سنجار، من خلال سيطرة البيشمركة الكردية والجيش العراقي على الملف الأمني، فضلاً عن إدارة مدينة سنجار، والأحياء الأخرى في نينوى التي تسكن فيها الأسر الأيزيدية، إلا أن الفصائل المسلحة ومسلحي حزب العمال يعرقلون الاتفاقات الحكومية بين بغداد وأربيل بشأن سنجار.
التحديات
وفي ظل هذه الظروف الصعبة، يقول سعدو لـ" جسور" إن الإيزيديين يواجهون صعوبات إضافية حتى لو قرروا أن يهاجروا، رغم أن الهدف بات الوصول الى الأراضي اليونانية من خلال تركيا فحسب، لكن هذا الطريق هو الأصعب والأكثر خطورة، متسائلا: "كم من اللاجئيين العراقيين والسوريين خسروا حياتهم وهم يسلكون هذا الطريق خصوصا بين عامي 2015 و2016"؟، وهناك ايضا صعوبات داخل الاراضي العراقية وهي في الحصول على الفيزا التركية، فالأيام الأخيرة شهدت وفق سعدو امتعاضا واسعا بين الأيزيديين من رفض القنصلية التركية في الموصل إعطاء الفيزا لهم إضافة الى وجود طوابير كبيرة تنتظر إكمال معاملة جواز السفر في دائرة الجوازات الكائنة في الجانب الأيمن من الموصل .
جرائم "إبادة جماعية"
واعتبر البرلمان العراقي في عام 2020 ما تعرض له أبناء المكون الأيزيدي على يد مسلحي "داعش" جرائم "إبادة جماعية"، وأقرّ قانوناً لإنصاف الضحايا عُرف بقانون "الإبادة الجماعية للأيزيديين"، ومن أهم بنود القانون، منح امتيازات مالية ومعنوية لتسهيل إعادة اندماج النساء من ضحايا التنظيم في المجتمع، ومن الناحية المالية يمنحهن القانون راتباً تقاعدياً وقطعة أرض سكنية، وأولوية في التوظيف إلى جانب استثناءات فيما يتعلق بشروط الدراسة، فضلاً عن جوانب أخرى تتعلق بإعادة الإعمار وتأهيل المناطق المنكوبة.