زيارتان متزامنتان للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ورئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، الأولى الى القاهرة في زيارة رعوية والأخرى الى روما بدعوة من وزير خارجية الفاتيكان المونسينيور ريتشارد غالاغر .
شاءت "الصدفة" أن تجمع بزمانها من غير مكانها بين الزيارتين فبحسب الوزير اللبناني السابق سجعان قزي لا مجال للتأويل أو طرح السيناريوهات والتوقعات والاستنتاجات. وفي رده على سؤال حول لقاء مرتقب حصوله بعد عودة عون والراعي الى بيروت فكان الجواب: لقاء الرجلين مرهون بالتطورات والظروف المحيطة به".
فما هي دلالات زيارة الراعي بالتزامن مع زيارة عون؟ وماذا عن الدعوة لحوار مع الحزب في هذا التوقيت بالتحديد؟
التوقيت "صدفة"
هنا، يؤكد قزي في حديث لـ"جسور" أن الرابط الزمني للزيارتين ليس "إلا من باب الصدفة"، فزيارة البطريرك الراعي الى مصر مقرّرة منذ شهرين وهي رعوية بإمتياز ". وعن أهدافها، فحددها بالاطار الرعوي حيث يزور في خلالها البطريرك أبرشية وكنائس ومؤسسات ومدارس الطائفة المارونية في مصر، وهو يقوم بهذه الزيارة كل سنة أو سنتين."
هدف التحرك العربي
وعن زيارته الرئيس السيسي ورئيس جامعة الدول العربية، قال قزي: عندما وصل خبر مجيء الراعي للمطران شيخان في مصر، أبلغ السلطات المصرية التي بدورها رحبّت أرادت تكريمه باجتماع مع الرئيس السيسي والأمين العام لجامعة الدول العربية واستقبالات أخرى.
ومن الطبيعي أن يلتقي الشيخ الأزهر ضمن زيارته الرعوية والذي تجمعه به علاقات ودّية وهو أحد رعاة الحوار المسيحي – الإسلامي، وفي خلال هذه الزيارات تمّ التطرق للعلاقات الثنائية بين البلدين ووحدة الموقف بين مصر ولبنان فضلاً عن دور الجامعة العربية الأساسي في دعم لبنان ومساعدته فهذا واجبها". وعندما يكون أحد أعضاء الجامعة العربية في أزمة فعليها أن تتدخل وإلا ما هو دورها؟"
وأضاف: صحيح أن الجامعة العربية هي أول مرجعية عربية أعلنت تأييدها للحياد الذي دعا اليه البطريرك ولكن عليها اليوم أن تتحرك." ولفت قزي الى ان البطريرك سمع من السيسي كلاما مطمئنا جدا ومشجّعا حيال الطروحات للحياد والمؤتمر الدولي ووعد السيسي بأن يقوم باتصالاته عربياً ودولياً بهذا الإتجاه.
الحوار مع الحزب مقطوع!
ولدى سؤاله عن حوار مرتقب بين بكركي وحزب الله نفى قزي الامر وأكد أن لا حوار في الوقت الحالي بين بكركي وحزب الله وكل الكلام الصحفي الذي تمّ تداوله في هذا الشأن عار عن الصحة.
أما وبحسب سفير لبنان في الفاتيكان فريد الياس الخازن وفي ما خص الدعوة للحوار مع حزب الله فلفت في مداخلة تلفزيونية إلى أن "موقف الفاتيكان يستند الى الانفتاح والتحاور مع اي طرف في لبنان او خارجه وهناك فرق بين الحوار وتبني طروحات اي طرف".
"سلاح الحزب خرج من يد اللبنانيين"
وكان قد التقى سيّد بكركي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وقال الراعي في مقابلة تلفزيونية: "تطرّقنا إلى قضايا لبنان الداخلية وعبّر السيسي عن أسفه للحالة التي وصل إليها لبنان وقلت له إن لبنان مريضٌ ونحن بحاجة إلى علاج مرضه وهو عدم تطبيق إتفاق الطائف والحلّ هو إعلان الحياد"، مضيفاً: "نأسف لأنّ لبنان أصبح منعزلاً عن العالم والرئيس المصري مستعدّ لدعم القضيّة اللبنانية".
البطريرك الراعي بحث أيضا مع شيخ الازهر الإمام الأكبر أحمد الطيب في مقر المشيخة في مصر في دور الاديان وأهمية وثيقة الاخوة الانسانية ، وكان تأكيد على أن لا حل الا بالعودة الى القيم الدينية التي تجمع الشعوب وتنشر السلام في صفوفهم على قاعدة ان العباد كلهم اخوة.
وبعد ذلك، كان لقاء بين سيد بكركي والامين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وقد دار البحث حول اوضاع لبنان ودور الجامعة العربية تجاهه وهو عضو مؤسس وفاعل فيها.
"حزب الله يحمي المسيحيين"
وكثرت تصاريح الرئيس اللبناني عون في آخر عهده الداعمة لـ"حزب الله" ومن جملة العناوين العريضة الذي حملها إلى روما، أولها التنسيق مع الكرسي الرسولي لحماية مسيحيي الشرق ومسيحيي لبنان خاصة، بغية الحصول على غطاء ودعم معنويين من الفاتيكان وأبرزها أيضاً رفعه هموم الشعب اللبناني ومطالبة المساعدة من الحبر الأعظم في توفير المساعدات للبنان بالمعنى السياسي للحفاظ على المسيحيين ووجودهم ودورهم.
وفي سياق دفاعه عن التنوع اللبناني، اعتبر عون الحزب أنه أحد حماة المسيحيين في الشرق وفي لبنان أيضاً، وأن العلاقة التحالفية معه هي التي أدّت إلى توفير مقوّمات القوة والوجود المؤثر للمسيحيين في السلطة السياسية من خلال الدور الذي لعبه عون رئيساً للجمهورية.